️إبراهيم ناصر الجرفي - ليس من العيب أن نقع كبشر في الخطأ أو السلبية، فهذا الشيء وارد وطبيعي، ولكن العيب والمؤسف هو استمرارنا وإصرارنا على ذلك الخطأ أو الفعل السلبي أياً كان، خصوصاً إذا كان ذلك الفعل يتعارض مع الشرع والأخلاق والفضيلة أو مع المصالح الوطنية أو يتناقض مع معطيات العقل والمنطق فيما يتعلق بشئون السياسة، كأن تكون نتائجه كارثية ومأساوية على كل المستويات، فالاستمرار في دعم ذلك الفعل بعد بروز وظهور نتائجه السلبية والفوضوية والكارثية، يخرج الإنسان عن نطاق العقلانية والصوابية إلى مآلات السلبية والعصبية، فهذا الكاتب والناشط السياسي/ علي البخيتي ، أحد قيادات فبراير ، يضع النقاط على الحروف بخصوص أحداث فبراير 2011م ، بقوله :- (بمعيار المصلحة الشخصية يفترض أن أقدّس أحداث 11 فبراير 2011م ، فقد نقلتني نقلة نوعية ؛ وبمعيار المصلحة الوطنية أُقر أنها نكبة وكارثة مروعة على اليمن واليمنيين) ، ليعلن بذلك انحيازه للصواب والعقل والمنطق والواقع المشاهد والمصلحة الوطنية ..
إن هذا الموقف العقلاني والموضوعي ، هو دليل وعي ونضوج سياسي ، واعتراف بالخطأ الفادح الذي وقع فيه هو والعديد من أبناء اليمن أثناء مشاركتهم في أحداث فبراير التي عصفت بالوطن نحو المجهول ، وقادته نحو الفوضى والعنف والحروب والصراعات ، والاعتراف بالخطأ فضيلة وليس عيباً ولا نقصاً ، والإصرار على الخطأ هو دليل تعصب وتحزب أعمى ، فالإنسان معرض لارتكاب الأخطاء في كل وقت ، ولا يوجد إنسان معصوم من الخطأ ، والمطلوب اليوم من جميع أبناء اليمن ، بمختلف توجهاتهم الحزبية والسياسية ، هو الخروج من دوامة أحداث فبراير 2011م ، وما تبعها من أزمات وحروب ، من أجل التخلص من كل آثارها السلبية والكارثية ، ومن أجل إنقاذ الوطن من دوامة العنف والصراع والحرب ، والعودة به إلى مربعات الأمن والاستقرار والتطور والتقدم والعدالة والتعايش السلمي ، والخروج من هذه الدوامة الرهيبة التي أثرت بشكل سلبي على حياة كل أبناء اليمن ، وتسببت في تمزيق الوطن وإضعافه وتدميره ، يتطلب شجاعة أدبية وسياسية وأخلاقية ووطنية من جميع الأطراف ..
وذلك من خلال تجاوز كل سلبيات المراحل السابقة ، والتطلع نحو مستقبل أفضل ، حافل بالإيجابيات وفق شراكة وطنية حقيقية ، قائمة على الاحتكام للدستور والنظام والقانون ، والالتزام بنتائج صناديق الانتخابات ، والالتزام بالطرق السلمية والقانونية والنظامية والدستورية ، للمطالبة بأي إصلاحات أو تغييرات أو تعديلات دستورية أو قانونية ، بعيداً عن أساليب الفوضى والعنف التي دمرت الوطن وحولت حياة المواطن إلى جحيم ، الجميع مطالبون بتقديم التنازلات من أجل الالتقاء إلى منتصف الطريق ، ومن أجل تجاوز الخلافات السابقة ، وبدء مرحلة جديدة حافلة بالاحترام المتبادل ، والحفاظ على الثوابت الوطنية ، والمصالح العليا للوطن ، وفي مقدمتها الحفاظ على النظام الجمهوري الديمقراطي التعددي ، وتعزيز قيم العدالة والمساواة والحرية ، وتمتين أواصر الوحدة الوطنية ، والقضاء على كل السلبيات التي عكرت وتعكر حياة أبناء اليمن ..
لأنه من غير المعقول أن نظل غارقين في وحل خلافاتنا السابقة ، ونحن نشاهد وطننا الحبيب وهو ينهار ويتمزق ويتدمر ، ومن غير المنطقي أن يستمر كل طرف متمسك بمواقفه السابقة ، فنحن اليوم في أمَسّ الحاجة لمراجعة كل تلك المواقف ، والاعتراف بأخطائنا وسلبياتنا ، مقدّمين مصالح الوطن العليا على مصالحنا الشخصية والحزبية والمذهبية والمناطقية ، وإذا تمكنا من تجاوز هذه النقطة المفصلية ، فإننا بذلك نكون قد خطونا الخطوة الأولى نحو الاتجاه الصحيح ، ونكون بذلك قد قطعنا شوطاً كبيراً ، في التخلص من خلافاتنا السابقة ، والتخلص من تعصباتنا وحزبياتنا السلبية ، التي فرَّقت صفوفنا ، وشتت شملنا ، وأضعفت قوتنا ، وأدخلتنا في دوامة العنف والفوضى والصراع ، وسنكون بذلك قد عقدنا العزم على فتح صفحة وطنية جديدة ، حافلة بالشراكة الوطنية الحقيقية ، وحافلة بالالتزام بالدستور والنظام والقانون ، وحافلة بالأخوة والتعاون ، وحافلة بالتعايش السلمي والديمقراطية والعدالة والمساواة ، وحافلة بالعطاء والتنمية والتطور والتقدم .. |