الميثاق نت -

الخميس, 22-فبراير-2024
خالد البوهالي -
قبل أيامٍ، قامت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي بزيارة إلى أوكرانيا استغرقت يومين، تباحثت خلالها مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي بشأن تشكيل تحالفٍ دوليٍّ مناهضٍ لروسيا، يهدف إلى إجبارها على إعادة أطفال أوكرانيين مُختطَفين لديها في انتهاكٍ للقانون الدولي العام، بحسب تصريحات المسؤولة الكندية..
وقد سبق للمدَّعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية أن أصدر مذكّرة اعتقال بحقّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة اختطاف أطفال أوكرانيين من عائلاتهم، وإلحاقهم بِأُسَرٍ روسية في روسيا من أجل التبنّي، وهي التهمة التي ترفضها موسكو جملةً وتفصيلاً..
وإذا كانت مرامي هذه الحملة الجديدة من طرف الغرب تهدف فقط إلى شيطنة روسيا أمام الرأي العام الدولي وإظهارها بمظهر مجرم حرب، فإنها تكشف في الوقت نفسه نفاق الغرب، وازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية للعالم الإسلامي والعربي، خصوصاً أمام ما يجري من تقتيل ممنهج لأطفال قطاع غزة على يد "جيش" الإجرام الصهيوني، بالرغم من أن القانون الدولي العام وما يتفرّع عنه من قوانين أخرى كالقانون الدولي الإنساني تجرّم هذه الفظاعات..
والأصل في قواعد القانون الدولي العام وفروعه كأيّ قوانين أخرى هي عامة ومجرّدة لا يمكن الاتفاق على مخالفتها، وعلى الجميع الامتثال لها والعمل بمقتضاها، بمعنى أنها تسري على الكل من دون تمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الدين..
وفي هذا الاتجاه أفرد القانون الدولي الإنساني العديد من النصوص المتعلقة بحماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة بموجبها ضمنت لهم العديد من الحقوق بصفتهم غير مشاركين في الأعمال القتالية، من خلال اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949م، خصوصاً في موادّها 24 و32 و77 و137، وكذلك بالنسبة للبروتوكولين الإضافيّين لعام 1977م، من دون نسيان القرار الأممي (1882) الصادر بالإجماع عن مجلس الأمن الدولي في العام 2009م..
ومع ذلك، يصرّ الغرب على ضرب هذه المواثيق الدولية عرض الحائط وتجاهلها، بالتماهي مع الجرائم الصهيونية في حقّ الأطفال الفلسطينيين وتبنّي رواية الاحتلال الإسرائيلي بنفي الانتهاكات التي قام بها الأخير، ومباركتها في أحيان كثيرة بدعوى الدفاع عن النفس، رغم ورود العديد من التقارير الدولية مثل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى قيام جنود الاحتلال باختطاف الأطفال الفلسطينيين من المستشفيات بقطاع غزة، ونقلهم قسراً إلى الكيان الصهيوني بالادّعاء أنهم من الأسرى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، ربما في محاولة بائسة لمقايضتهم بِأَسْرَاهُمْ لدى حركة حماس، ناهيك عن قتل الأطفال الخُدَّج في المستشفيات التي تُعتبر من الأعيان المدنية، وبالتالي يحظر قصفها بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي..
أما بخصوص عدد الأطفال الفلسطينيين الذين استُشهدوا بنيران قوات الاحتلال الصهيوني منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى المباركة في 7 أكتوبر إلى الآن، فقد بلغ 11500 شهيد تتراوح أعمارهم بين أقلّ من سنة و17 سنة، وفق مقال نشرته صحيفة هآرتس الصهيونية للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي..
والسؤال الأكثر إلحاحاً: لماذا لم تستصدر المحكمة الجنائية الدولية قراراً باعتقال رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وكلّ من شارك في هذه الجرائم في حقّ الأطفال الغزَّاويين؟!
عوّدنا العالم الغربي الذي طالما رفع لنا شعاراته التي تتعلق بالقيم الإنسانية الكونية والعدالة وحقوق الإنسان والحرية والمساواة أنه هو نفسه ينتهكها، ويوظّفها بما يخدم مصالحه فقط، وينظر إليها بمنظارين مختلفين كلما تعلّق الأمر بجرائم الكيان الصهيوني، وهذا يدلّ على درجة الانحطاط الأخلاقي والإنساني الذي وصل إليه في تعاطيه مع قضايا العالم الإسلامي والعربي، ونتذكّر كيف شاهد العالم تصريحات مسؤوليه وإعلاميّيه عن اللاجئين الأوكرانيين بعد اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مقارنةً بمن سبقوهم من اللاجئين السوريين والعراقيين، في مقاربة تنمّ عن عنصرية ونفاق مقيتين تجعل من العِرْق الأبيض يسمو على بقية الأعراق الأخرى..
مهما حاول الغرب التستّر على الجرائم الصهيونية وحماية مرتكبيها من المحاسبة الدولية، سيظل التاريخ لاعناً وشاهداً على نفاق الغرب وفظاعات الصهاينة بحقّ الأطفال الفلسطينيين، والتاريخ لا يرحم.. لكم الله يا أطفال فلسطين.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:27 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65576.htm