طه العامري - نحن الشعب الذي قاتل في فلسطين منذ عام 1936م، ونقاتل بعضنا حين لا توجد معارك خارجية نشارك فيها..
قاتلنا الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وحين قامت الوحدة كانت روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفييتي تطالبنا شمالاً وجنوباً بـ (11 مليار دولار)
ديون مستحقة على أنظمة الشطرين.. ويوم أعلنت روسيا إسقاط الديون التي علينا رحمةً بحالنا، خرجنا في مسيرة مليونية إلى السفارة الروسية نهتف (يا بوريس يا شيطان اخرج من أرض الشيشان)..!!
قاتلنا في العراق ضد إيران، وقاتلنا في لبنان، وقاتلنا في الشيشان، وقاتلنا في البوسنة والهرسك، وفي الصومال ومع أبو محمد الجولاني في سوريا، وربما هناك مِنا اليوم من يقاتل في ليبيا، وربما في إقليم أوجادين، ومع (البرهان وحميدتي في السودان)، وحين لم نجد معارك خارجية نشارك فيها قاتلنا بعضنا..!
نحن الشعب الذي أبناؤه بالمئات إن لم يكن بالآلاف في سجون دول الخليج لكن أتحدى أي مسؤول يمني من السفير وأعضاء السفارة في تلك الدول إلى بقية مسؤولي البلاد، أتحدى أياً منهم يجرؤ أن يخاطب مسؤولي تلك الدول عن حال أولئك المساجين..!
نحن الشعب الوحيد الذي لم نكترث بحياة أبنائه في السودان فكل دول العالم هرولت لإخراج أبنائها من السودان حين تفجرت الحرب إلا أبناء اليمن -طلاباً ومقيمين- ما يزالون يناشدون من أجل إخراجهم من جحيم الحرب، مع أنهم قد يكونون هناك أحسن حالاً من حالنا في الداخل حيث نعيش حرباً يومية متعددة الأشكال..!
نحن الشعب الذي غالبية مسؤوليه يقبضون رواتب شهرية من أنظمة ودول خارجية، وولاؤهم وانتماؤهم لتلك الدول أكثر من انتمائهم وولائهم لليمن..
نحن لدينا نخب ووجاهات قامت بالثورة ضد الإمامة والاستعمار، وطردناهم من النوافذ، ثم رحنا نقاتل بعضنا، فرجع الاستعمار من الأبواب..!
نحن الشعب المسلم الوحيد الذي لا يزال يخوض معركة عن (الضم والسربلة وآمين في الصلاة) وعن (حيَّ على خير العمل في الأذان)..!
نحن الشعب العربي الوحيد الذي لا يؤمن بقِيَم التطور ولا يفكر بالمستقبل ويعيش يتحسر على الماضي الذي رفضه في حينه.. انقلبنا على (السلال) وحكومته، ثم رحَّبنا بـ(دولة المشائخ)!
جاء (الحمدي) فصفقنا له ولعهده، ويوم قتلوه تجمدنا وقلنا من (تزوج أمنا كان عمنا)، وبعد أربعين سنة من استشهاده ذكرناه ورحنا نبكي عليه ونتغزل بعهده..!
نحن الشعب الذي تغزَّل بالوحدة وطلبنا إزاحة براميل التشطير، وحين حدث الحدث، كفرنا بالوحدة وزُرعت البراميل داخل عقولنا وقلوبنا.. نعم توحدت الجغرافية وتشطرت النفوس والعقول..!!
نحن الشعب -نخباً ووجهاء وقادةً ومسؤولين- لم نفكر يوماً بالمستقبل ولكننا نعيش الماضي ونتحسر على أطلاله ونتفاخر به وما حدث فيه، والمستقبل خارج دائرة اهتمامنا..!
نحن الشعب الذي استبدل انتماءه للوطن، بالانتماء للشيوخ والوجهاء والرموز الاجتماعية، وحصرنا ولاءنا الوطني من خلال مصالح هؤلاء الرموز..؟
نحن الشعب الذي عملت له طلائعه ثورة قبل ستة عقود وخلال هذه الفترة الزمنية أخفقنا في إيجاد دولة ومؤسسات، مع أن ثمة شعوباً أخرى انتقلت من حالة العدم والفقر وعدم الاستقرار إلى حالة الاستقرار والتقدم خلال بضعة سنوات فقط..!
نحن أعداء أنفسنا، وأعداء التقدم والتطور، وأعداء الدين والثقافة وقِيَم التحولات الحضارية..!
نحن شعب يتلذذ بجَلْد الذات ويتفنن في إنتاج كل مفردات القهر والتخلف.!
نرى الدين (جهاداً وموتاً) ، ونرى الوطنية (سلطة وحكماً وثروة)، مع أن (الدين) ليس كما نفهمه ولا الوطنية كذلك..!!
فالدين يقول ويؤكد على أن (الأمن قبل الإيمان)، فالله سبحانه وتعالى يقول (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، ولم يقل انفروا (جياعاً خائفين)..!
والوطن الذي لا يعتز بي كمواطن ويمنحني الحرية والكرامة التي فطرنا الله عليها لا يستحقني ولا يستحق أن أضحّي في سبيله طالما وهو يكويني بسياط القهر والجوع والمرض والتخلف والتهميش والنكران والتنكر..!
ورغم كل هذا نزعم أننا شعب الحكمة والإيمان، وأصل العروبة والعرب، وأنصار الدين ومناصري الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى آله الذي لو عادت له الروح لأعلن براءته مِنا ومن كل من يزعمون اتّباعه إلا من رحم ربي. |