الميثاق نت -

الإثنين, 18-مارس-2024
استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
يستقبل اليمنييون شهر رمضان وهم يعيشون أوقاتاً عصيبة ،حيث مازالت المعاناة وشظف العيش يكدر صفو حياتهم ،ويتجلى ذلك في ارتفاع الشكوى من عدم المقدرة على الإيفاء بمتطلبات الحياة الصعبة؛ ناهيك عن زائر عزيز أطل علينا ،والذي طالما كانوا يعدون له العدة في وقت مضى ويستبشرون بقدومه.. وتعود ذاكرة اليمنيين للوراء حيث تعبق روحانية ذلك الشهر في ذاكرتهم ، وتتجلى صور الفرح والتكاتف والتآزر قلَّما نشهدها في بعض الدول العربية.. رمضان محطة إيمانية لمراجعة النفس وتآلف القلوب والتسامي عن الأحقاد والضغائن ، وطيّ صفحة الخصومة ومدّ الأيادي للتصافح ونسيان ما يعتل العلاقات البينية وإصلاح ما أفسده الدهر للوصول لشاطئ الأمان..

وإزاء كل ما يحصل فإن رمضان لدى اليمنيين مناسبة دينية، لا يمكن أن تمر دون الاحتفاء والوقوف لها إجلالاً وإكباراً ،كما أن ذلك لم يمنعهم من مواصلة نهجهم في الإيثار والتكافل والإحسان لبعضهم ،رغم الجروح ولعلنا نرى مظاهر هذا التلاحم ،كما أسلفنا، حتى ونحن نعيش مرارة واقع مؤلم ووضع معقد وصعب إلا أن اليمنيين يغالبون معاناتهم ويمدون أيديهم لبعضهم.. في هذا الشهر الكريم يسعى المسلمون في أرجاء الدنيا لاستغلال فضائله، والبعد عما يغضب الله والتقرب إليه ومناجاته بأن يكشف الغُمة ويعجل بالفرج.. ونحن في بلدنا أحوج ما نكون لهذا التصالح، ونبذ الفُرقة والتعالي على الجراح وإنهاء النزاعات..


في هذا الصدد يشير الصحفي أحمد الشاوش " إلى أن ديننا الإسلامي يدعو إلى تطهير القلوب وإحياء قِيَم التسامح والتعايش والترفع عن الأحقاد والفجور والحماقة والكراهية، ويحضنا على الأخلاق وغرس قِيم المحبة والإيثار والتكافل والصدق والأمانة والصبر لقوله تعالى "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ".. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. لافتاً إلى أن شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة ، ومحطة سامية وطريق عظيم، لإحياء وتجديد منظومة القِيم ،وغرس تلك المفاهيم النبيلة بعيداً عن المشاحنات والمزايدات واصطناع المشاكل والأزمات..
*
مواقف شجاعة

ووصف الشاوش رمضان بأنه" شهر كريم ومحطة للعبادة والتسامح والأخوة وتهذيب النفس واكتساب الحسنات وتعويض ما فقدناه خلال العام من الورع والتقوى والإيمان.. وأضاف: "ما أحوجنا اليوم في اليمن والعالمين العربي والإسلامي ،إلى اتخاذ مواقف شجاعة بالمسارعة في المصارحة والمصالحة والاصطفاف الوطني، وإطفاء لهيب الأزمات السياسية والاجتماعية والمذهبية، وامتصاص البطالة ووضع حد لاشتعال الأسعار وجحيم الفقر والجوع، بعيداً عن الرهان على سياسة التجويع التي تنتج شعوباً ناقمة ومسعورة في أول خلل أو انتفاضة أو عاصفة سياسية ومجتمعية.. كم نحن بحاجة ماسَّة إلى أن يستغل القادة والزعماء والملوك والأمراء والوزراء ورجال الأعمال، هذه المناسبة العظيمة والأيام الفضيلة في أعمال الخير وإصلاح ما أفسده الدهر، ووقف القرارات العبثية بعيداً عن استعداء الشعوب، والوصول إلى كلمة سواء الهدف منها إرساء الأمن والاستقرار والسكينة والانطلاق نحو المستقبل المُزهر..

*دعم ومساندة

"نحن في اليمن معنيون أكثر من غيرنا بالوحدة".. بهذه العبارة يبدأ فؤاد الشميري حديثه قائلاً: "هذه الوحدة التي أعنيها الوحدة الإيمانية الحقة المتأصلة في ذوات اليمنيين وهي ليست بجديدة.. واستطرد: "لايمكن لنا أن نُبقي أيدينا مكتوفة أمام من هم بحاجة لنا ونشارك بعضنا غُصة الحياة وتقلُّباتها وأوجاعها بتقديم ما أمكن لمن يستحق الدعم والمساندة ، ونحن في هذه الظروف لابد أن نضاعف جهودنا من أجل تلمُّس حاجات المتعففين الذين يجلسون في بيوتهم وهم في حاجة ماسَّة لتفقُّدهم ومواساتهم ولو بالقليل.. أدعو رجال الخير في هذا الشهر الفضيل لإخراج الزكاة ووضعها في المكان الصحيح.. وعلى هيئة الزكاة أن تتولى مسؤولياتها في هذا الجانب؛ وأدعو التجار كذلك لمراعاة ظروف الناس القاسية وعدم الغلو في الأسعار، والخوف من الله وتجسيد مبدأ التكاتف والإحسان بينهم وبين الآخرين..

*حكمة الصوم

أما عبدالقادر عبيد فيقول: "إن لرمضان فضائل، أن الله فرض الصوم لحكمة إلهية وهذا ما أثبتته الأبحاث الطبية وكذلك الاجتماعية.. وأشار إلى أننا ونحن نشعر بالجوع علينا أن نتذكر أن هناك جوعى مسلمين بيننا.. مضيفاً: "رمضان ليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب، بل هو أيضاً تهذيب للنفس والشعور بالآخرين والتقرب الى الله وفرصة لكي يراجع العبد حساباته والوقوف أمام ما اقترفه والتذكر بأن الله يراقبه.. وتابع: إن هجر القرآن إحدى مشكلاتنا في هذا الزمن وكأن قراءة القرآن لا تتم إلا في شهر رمضان للتقرب من المولى عز وجل ،هذا تصوُّر خاطئ، وأدعو إلى أن يكون كتاب اللله زاد كل مسلم والعمل بما فيه.. علينا أن نشعر بهذه الروحانية بالعودة إلى الله والعطف على المسكين ،ولا ننهر المحتاج والسائل الذي قست عليه الظروف.. يجب أن تكون أقوالنا أفعالاً نجسّدها.. الشعور بألم الآخرين والعمل على تخفيف وطأته قمة في الإنسانية والخلق العظيم الذي وصف الله نبيه الكريم به وعلينا أن نقتدي برسولنا الأعظم وشمائله ونعمل على تربية أبنائنا على هذه الأفعال الخيّرة لتنمو وتكبر معهم وتبقى جزءاً من حياتهم..

*نجدة المظلوم

حسن عبده الأهدل -إمام وخطيب جامع الحسنات في أمانة العاصمة- يقول: إن الله سبحانه وتعالى أشار في القرآن الكريم لمبدأ سامٍ وهو الأخوة في الدين حيث يقول جل جلاله: "إنما المؤمنون أخوة".. ويقول أيضاً: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرَّقوا"..
إن الإسلام نعمة من نعم الله علينا ،وهو صلاح لنا إذا ما اتبعنا أوامره ونواهيه.. وفي الظروف التي نعيشها اليوم علينا أن نصبر ونستعين بالله في السراء والضراء، وأن نجسد قِيم التكافل فيما بيننا فهناك المهمومون والمظلومون، وعلينا أن نسرع لنجدتهم وأن نصل أرحامنا ونتفقدهم، وأن نعمل على إرساء كل ما من شأنه أن يوحّد الأمة، ويقوّي أواصر القُربي والعيش الهانئ المشترك..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:19 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65733.htm