الميثاق نت -

الأربعاء, 20-مارس-2024
د/صفوان علي العثربي -
يجب التخلي عن أية مؤثرات سلبية على الاتجاه الوطني نحو بناء اليمن الموحد والتخلص من أية مؤثرات تضر بالوحدة الوطنية وتخل بمستقبل أجيال اليمن

نطالب بضوابط قطعية قادرة على حماية المجتمع اليمني من تفشي أمراض القروية والقبلية والمناطقية والفئوية والمذهبية



القرآن الكريم سجل تاريخ الدولة العربية اليمنية وذكر ملوكها ،





صدر مؤخراً العدد الرابع من المجلة العلمية المحكمة النصف سنوية الصادرة عن جامعة المستقبل صنعاء FutureUniverity Journal ( ISSN2521-8530 ) يشرف عليها الأستاذ الدكتور/ عبدالهادي حسين الهمداني والدكتور شرف محمد عبده السوري ويرأس تحريرها أ.م.د/ أحمد محمد النويهي ومدير تحريرها الأساذ الدكتور/ محمد عبدالله حميد وتضمن العديد من الدراسات العلمية ، وكان من ضمن تلك الدراسات دراسة علمية متخصصة لأستاذ العلوم السياسية عضو هيئة التدريس بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في جامعة صنعاء الدكتور/علي مطهر العثربي بعنوان : الشكل (الإداري) للدولة اليمنية الحديثة دراسة تحليلية مقارنة (ورؤية مقترحة) ، حيث تضمنت الدراسة المنهجية توطئة أكد فيها الباحث على أن الفكر الإداري المستنير في اليمن قديم قدم الحياة السياسية وتميز بالنموذج العملي لشكل الدولة اليمنية الإداري الذي حافظ على وحدتها جغرافياً وسياسياً ، ومكنها من الحفاظ على حيويتها واستمرارها عبر العصور المختلفة ، وقدم المفيد النافع الذي خدم مصالح بناء الدولة اليمنية القوية اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً ، وأمن استمرارها وبقائها وجودة أدائها وشمولية منفعتها ، وقال الدكتور العثربي أن الفكر المستنير لا يقف عند هذا الحد من الفائدة العلمية العامة ، بل ينطلق صوب التنبؤ والتحذير من احتمالات الانزلاق في شرك المحاذير التي تكمن في الاختيار غير السليم وغير المدروس في كل ما يتعلق ببناء الدولة ، وقال الدكتور العثربي : إذا كانت مهمة الفكر الاستراتيجي خدمة المصالح العليا للدولة والتنبؤ بما سينجم عن سوء الاختيار فإن ذلك من أقدس واجبات المفكرين والعلماء ، ولا يجوز التقليل من أهمية الفكر الاستراتيجي الذي يلتزم المنهجية العلمية ويتجرد من كل المؤثرات والانتماءات وينطلق من الموضوعية العلمية التي تسعى إلى تحقيق النفع العام وتقدم درء المفاسد على جلب المصالح.

مشيراً إلى أن الاختيار القائم على العلم والمعرفة يحقق الخير العام ويجنب البلاد والعباد الكثير من المشكلات التي تنجم عن الاختيار القائم على الرغبات المصلحية لفئات اجتماعية محددة ، كما أنه يتيح فرصة المشاركة في تحمل المسؤولية لكل الخبرات العلمية والعملية متجاوزاً المناطقية والفئوية والمذهبية والحزبية ، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ينبغي على الذين يتبرمون من الطرح العلمي وتضيق صدورهم من الالتزام المنهجي أن يدركوا أنهم مصابون بمرض العصبية الجاهلية العمياء التي لا ترى إلا ما تراه فئة الانتماء المناطقي المقيت أياً كان ، ولذلك تجدهم لا يتقبلوا الرؤى العلمية ويحسبون كل رأي سديد يقضي على رغباتهم الذاتية التي ترفض الكل وتؤمن بالجزء بسبب اعتوار الفكر وانحراف المقصد ، وقال لم يكن الحوار الوطني الشامل الذي انطلق في 18مارس 2012م إلا من أجل استيعاب كل الآراء والأفكار بعيداً عن التصنيفات التي لا تصب في مصلحة الوطن ، مشدداً على أن أي رأي يطرح ينبغي دراسته والاستماع إليه ومناقشته والتعرض على أمثاله من الآراء بالطرق المنهجية وليس بطرق القهر والتصنيف غير المنصف الذي يعبر عن الضيق من تعدد الرؤى والأفكار وعدم الرغبة في قبول الآراء غير الملائمة لرغبات فئات اجتماعية محددة ، لأن المصلحة الكلية للدولة تحتاج إلى كل الآراء والأفكار التي تلتزم التجرد المطلق من كل المؤثرات السلبية وتعتمد الموضوعية العلمية وتتميز بالبعد الاستراتيجي الذي يقدم المصالح العليا للبلاد في اختيار البدائل العديدة ليتجنب الوقوع في اختيار البدائل التي لا تتفق مع الخصوصية اليمنية ولا تخدم تجميع عناصر القوة القومية للجمهورية اليمنية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية قائلاً إن الجدل الذي دار أثناء الحوار الوطني حول الشكل الإداري للدولة اليمنية الحديثة قد تمحور حول التساؤلات التالية : هل الفدرالية السياسية متعددة الحكومات والسلطات التشريعية والقانونية تخدم بناء الدولة اليمنية؟ وهل الموارد المتاحة تحقق الكفاية لإنجاح فكرة الفدرالية غير المنضبطة ؟ ، مبيناً أن القوى السياسية والأحزاب والتنظيمات السياسية قد قدمت الكثير من الرؤى ذات الأحلام الطوباوية التي لم تلامس الواقع اليمني وخصوصيته ، والبعض منها يحمل السلبية والبعض الآخر يحمل الإيجابية ، وهذا ليس عيباً ، لأنها رؤى مطروحة للحوار والنقاش لتقليب الأفكار والآراء واختيار الأكثر نفعاً لليمن ، وأشار الدكتور العثربي إلىى أن مسار الحوار الوطني قد تضمن عقد العديد من الندوات والحلقات النقاشية حول موضوعات الحوار الوطني ، كما قدم أصحاب الأقلام الوطنية رؤاهم في وسائل الإعلام المختلفة انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية والإسهام المباشر في إثراء الحوار الوطني بالمزيد من الأفكار المستنيرة التي تساعد على تحديد ملامح المستقبل الأكثر قوة وتلاحماً ، مؤكداً أن الرؤى الحزبية قد أجابت على التساؤلين السابقين من وجهة نظر حزبية ومالت ميلاً واضحاً إلى رغبة كل حزب على حده ، وهنا ينبغي إخضاع تلك الرؤى للحوار الجاد الذي يبين المثالي ويوضح مواقع القوة المحققة للصالح العام ، بمعنى أكثر تحديداً الاعتماد على الموضوعية العلمية لدراسة الخصوصية اليمنية بهدف الوصول إلى الأكثر ملائمة لحياة اليمنيين في مختلف المكونات الجغرافية .

وفي دراسة الدكتور العثربي لشكل الدولة الإداري للدولة اليمنية الحديثة أكد الإجابة على التساؤل الرئيسي التالي: ما المقصود بشكل الدولة إدارياً ؟ وما هو الشكل الإداري للدولة الذي يسهم في تعزيز بناء الدولة اليمنية المعاصرة ويدعم الاستقرار السياسي ويعمق الاندماج السياسي بين المكونات الجغرافية والبشرية في اليمن؟ وهل من الممكن الوصول إلى نتائج عملية تحقق نجاح اليمن في استكمال بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون؟، من خلال تتبع التطور التاريخي لشكل الدولة اليمنية عبر التاريخ ، حيث قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء : إن الشكل الإداري للدولة اليمنية كان قد شهد تطوراً مع تطور الدولة اليمنية ، ولم يكن وليد فترة زمنية محددة ، ولذلك فإن دراسة الفكر الاستراتيجي اليمني في مراحل بناء الدولة اليمنية هو وليد التاريخ الطويل الذي سبق العالم بثلاثة آلاف قرن قبل ميلاد المسيح عليه السلام ، منذ ولادة الدولة اليمنية الأولى الدولة المعينية التي امتد نفوذها ليشمل الجزيرة العربية ويشرف على البحر الأبيض المتوسط في مواجهة عملية مع الإمبراطورية الرومانية من الشمال ، إذ تشير المراجع التاريخية إلى العثور على بعض الكتابات المعينية في مصر بمنطقة الجيزة ويرجع تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد وامتد نفوذ الدولة اليمنية القديمة شرقاً في مواجهة عملية مع الإمبراطورية الفارسية في الشرق لدرجة المنافسة على السواحل الشرقية لفارس على الخليج العربي ، وهذا يعني أن الدولة اليمنية القديمة قد امتلكت كل مقومات القوة للبناء الذاتي ، وكان لها شكلها الإداري الذي يتناسب مع مساحتها وحجم كتلتها البشرية ، مما يؤكد أن شكل الدولة اليمنية الإداري كان هماَ واضحاً للقادة السياسيين الذين برزوا في مختلف مراحل التاريخ لمتابعة تنمية قدرات الدولة ، ولذلك فقد برزت في نهاية الألف الثانية وبداية الألف الأولى قبل الميلاد الدولة المعينية وأطلق المؤسسون للدولة اليمنية على أنفسهم ألقاباً كانت هذه الألقاب تتطور مع زيادة نمو الدولة بهدف الوصول إلى غاية التحكم والسيطرة على منطقة البحر الأحمر والخليج العربي والأشراف على البحر الأبيض المتوسط لبسط النفوذ على التجارة العالمية ، ففي بادئ الأمر كان يطلق على المؤسس للدولة ملك سبأ ، وعندما تمكن المؤسس من تنمية مساحة الدولة في إطار الغلاف الحيوي وبناء قدراتها البشرية تحول الاسم أو اللقب بعد العديد من الجهود المبذولة في سبيل بناء الدولة وتنمية قدراتها البشرية والجغرافية ليصبح ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات ، ثم بلغ أعلى درجات النمو وأضحى ملوك الدولة اليمنية في ذلك الحين يلقبون التبابعة قال تعالى : (أهم خير أم قوم تبع) الذي سجل القرآن الكريم ذكرها وأرخت كتب السير مجلدات لتروي قوة بناء الدولة اليمنية القديمة وقال تعالى : (وأصحاب الأيكة وقوم تبع) ، فكل ما أضيفت رقعة جغرافية للدولة كلما أخذت شكلاً إدارياً يتناسب مع قوة الدولة ذات صلاحيات مالية وإدارية واسعة ، وقد اشارت المراجع التاريخية إلى تسميات المكونات الجغرافية للدولة اليمنية منها الأقاليم والولايات والمخاليف والممالك وهي الأشكال الإدارية التي كانت تحدد الشكل النهائي للدولة اليمنية في مختلف مراحل تطورها.

وبين أستاذ العلوم السياسية أن القرآن الكريم قد سجل تاريخ الدولة العربية اليمنية وذكر ملوكها ، إذ أشارت المراجع التاريخية إلى الشكل الإداري للدولة وعدالة حكامها الذين سادوا أرض الجزيرة العربية وآسيا الصغرى والجزء الأكبر من أفريقيا أبان الدول اليمنية القديمة ، كما ساق التاريخ الحديث عن سير اليمنيين الذين تميزوا بالوفاء والإيمان والحكمة أثناء بعثة رسول الله محمد الخاتم الذي بعثه الله رحمة للعالمين ، وقد روت لنا السنة النبوية المطهرة السيرة العطرة لأبناء اليمن وهم حول الرسول والخلفاء الراشدين وأثناء الفتوحات الإسلامية ، وقال ينبغي العودة إلي المجد والألق اليماني المديد من أجل مواصلت مسيرة خير الإنسانية وإنهاء الجور والظلم الذي ترزح تحته امتنا العربية والإسلامية والإنسانية ، مؤكداً أن اختيار الشكل الإداري للدولة اليمنية الحديثة يحتاج إلى هذا المخزون العظيم من مفاخر التاريخ ، ومن أجل ذلك فاليمنيون ليسوا بحاجة إلى تقليد الآخرين لأنهم أصحاب تميز وإبداع ، ويحتاجون الأناة والهدوء والتعقل في كيفية اختيار الشكل الإداري لدولة النظام والقانون بالعودة إلى الفكر الاستراتيجي الخاص ببناء الدولة بعيداً عن العاطفة والأهواء الشخصية ، وأكد أن اختيار الشكل الإداري للدولة يأتي في أولويات بناء الدولة اليمنية الحديثة ، وبالتالي فإن بعد النظر والهدوء والتعقل والموضوعية أمور حتمية من أجل الوصول إلى الاختيار الأمثل لشكل الدولة وفق الإمكانات والقدرات المتاحة ، ولذلك ينبغي الابتعاد عن العاطفة ومحاولة النظر إلى تحت القدم أو الغلو في الأطروحات التي لا تتوافق والإمكانات المالية ، مبيناً أن المطلوب هو بعد النظر الاستراتيجي الذي يحقق لليمن القدرة على حماية كيانها وديمومتها واستمرارها والبناء التدريجي الذي يحقق عزة الأمة العربية والإسلامية ويرفع الذل والانكسار الذي أصابها وينفض غبار العار الذي لحق بالأمة جراء انتهاك السيادة وتدنيس المقدسات بسبب غياب الحس الموضوعي في بناء الدولة ، كما ركز الدكتور العثربي على متطلبات اختيار الشكل الإداري للدولة التي يرى أن منها حماية وحدة اليمن الكبير على طريق امتلاك مقومات القوة القومية للدولة اليمنية الحديثة معتبراً أن إعادة تجميع عناصر بناء القوة القومية للجمهورية اليمنية قد بدأ مع إعادة الوحدة اليمنية قي 22مايو 1990م ، وشدد على ضرورة التخلي المطلق عن أية مؤثرات سلبية على الاتجاه الوطني نحو بناء اليمن الموحد والتخلص من أية مؤثرات تضر بالوحدة الوطنية وتخل بمستقبل أجيال اليمن ، معتبراً أن منهج الحوار في اختيار الشكل الإداري للدولة هو السبيل الأمثل للوصول إلى الأصوب والأكثر نفعاً للدولة اليمنية الحديثة مستعرضاً البناء الاستراتيجي لاختيار الشكل الإداري للدولة ، حيث استعرض أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أشكال الدول مبيناً العيوب والمزايا والمعالجات الدستورية اللازمة ، ثم قدم مقترحاً علمياً بالشكل المناسب للدولة اليمنية الحديثة متطرقاً إلى الحيثيات التي تتعلق باختيار شكل الدولة إدارياً التي منها التحرر التدريجي من حدة المركزية المالية والإدارية وتفويض الصلاحيات للسلطات المحلية في كل المكونات الجغرافية للدولة اليمنية الحديثة ، وعدم إضعاف السلطة المركزية في فرض هيبة مؤسسة الدولة فعلياً على كل المناطق وإيجاد الضوابط الدستورية قطعية الدلالة القادرة على حماية المجتمع اليمني مما يمكن أن يلحق به من تفشي أمراض القروية والقبلية والمناطقية والفئوية والمذهبية ، وتحديد الضوابط الدستورية المنضبطة التي تحدد علاقة الشراكة الناجحة بين السلطات المحلية بعضها البعض وبينها وبين المركز على أساس العدالة والتكامل من خلال النصوص الدستورية قطعية الدلالة التي تضمن التوزيع العادل للثروات ومحاربة الفساد وتحمي الحقوق والحريات ، هذا وقد تضمنت الرؤية المقترحة للشكل الإداري للدولة اليمنية الحديثة أن الدولة الموحدة البسيطة ذات الصلاحيات المطلقة مالياً وإدراياً هي الشكل المناسب والتي تعتمد على صناعة دستور وطني واحد وموحد ملزم لكل مكونات الجمهورية اليمنية الجغرافية والبشرية ، وسلطة تشريعية واحدة تمثل كل المكونات الجغرافية والبشرية للجمهورية اليمنية ذات غرفتين وبصلاحيات مطلقة ، وحكومة واحدة ناتجة عن انتخابات تشريعية حرة ونزيهة وصلاحيات مطلقة للسلطات المحلية مالياً وإدارياً في كل مكونات الجمهورية اليمنية وحق السلطة المركزية في الإشراف والمحاسبة في أية مخالفات ترتكبها السلطات المحلية سواءً الإقليمية أو الولائية ، وأياً كانت المسميات (أقاليم ، وولايات أو مخاليف وألوية أو محافظات ومديريات ) ، وأن يكون تكوين السلطات المحلية عبر الانتخابات الحرة والمباشرة والنزيهة ، هذا وقد ناقش أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء كل ذلك في المباحث الأتية :

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65734.htm