الجمعة, 11-أبريل-2008
الميثاق نت -         بقلم/ عادل الشجاع -
أقول للمعارضة إذا حاولتم تنحية القانون جانباً، فإنكم بذلك تدعون الآخرين إلى فعل الشيء نفسه.. ولا تعتقدون أن دفع البلاد نحو النزاع وخلق الكراهية بين الناس سيمكنكم من الحكم، إن ذلك يدخل في إطار الأنانية والتآمر والتحريض على العنف، إن الشعب يحتاج في الوقت الراهن إلى تأمين مستقبله الاقتصادي وإلى الحماية وإلى زرع فضيلة الحب، فهو شعب تجرحه الكراهية وتمزقه الثارات السياسية والقبلية، كم كنا نحتاج منكم أن تركزوا على التنمية الثقافية وعلى الواجبات التي تدفع بالديمقراطية إلى الأمام وتحفظ سلامة شعبنا.
قبل ثماني عشرة سنة من الآن وتحديداً في 22 مايو 1990م فيما كان العالم كله يسعى نحو التمزق والتشظي والانهيار كان مستقبل اليمن مشرفاً جداً كان العالم ينعم بالحروب واليمن تنعم بالسلام والاقتصاد يرفل بالعافية، واليمن تتمتع بمكانة لا نظير لها، كانت التعددية والديمقراطية التي أصبحتم بموجبها اليوم تسمون معارضة تشير إلى مستقبل رائع في حياة الشعب اليمني.
وقد اعتقدنا حينذاك أنكم ستعملون معاً سلطة ومعارضة من أجل مواجهة التحديات، ليس تحديات البقاء، بل تحديات القيادة في المنطقة بهذا المشروع العظيم، مشروع الديمقراطية الذي أضحى حلماً لملايين البشر الذين يتطلعون لتذوق طعم الحرية، كانت أنظار العالم كلها متجهة إلى هذه البقعة في أقصى جنوب الجزيرة وكانت شغوفة بمعرفة كيف استطاع هذا الشعب أن ينتفض من ركام الماضي ليعيد أمجاد أمة بلقيس صاحبة أول تجربة ديمقراطية في التاريخ وكيف استطاع أن يواجه نجاحه المدهش.
وكان بإمكانكم في المعارضة ونتيجة لهذا الميراث أن تستثمروا هذا النجاح الرائع بشكل يجعل من اليمن قائدة لقاطرة الديمقراطية في الجزيرة العربية والخليج.. لكنكم ويا للأسف بددتم رأس المال الديمقراطي بعد فترة وجيزة حينما أعلن بعض قادة الحزب الاشتراكي الانفصال، حينها هز العقلاء رؤوسهم وهم لا يصدقون الطريقة التي أسيء فيها استخدام الديمقراطية، وكان السؤال الذي أجمع عليه الشعب اليمني.. بماذا كان يفكر هؤلاء منذ اليوم الأول للوحدة، وكان واضحاً أن سبب ذلك يعود إلى أولئك الأشخاص غير المناسبين الذين حصلوا على المناصب العليا وشوه هؤلاء المقامرون بالوطن عملية اتخاذ القرار وتم تجاوز القواعد داخل الحزب، لكنكم ومن ذلك اليوم فقد سمحتم للأكاذيب بالتنكر في لبوس الحقيقة وقدمتم مصالحكم السياسية على حساب التنمية وفي كل مرة تسعون فيها إلى المحاصصة بدفع الوطن مزيداً من الدماء والأموال وتساعدون دائرة الفساد على الاتساع والاستمرار، ونحيت أدوات الحوار المهمة، بما فيها الديمقراطية جانباً، كان الشعب يأمل بأن تحتكمون إلى الديمقراطية وتسعون إلى خلق وعي بها وتتنافسون على زرع المحبة بين أبناء هذا الوطن وتسعون إلى إزالة الأحقاد والثارات في مختلف المحافظات، لكنكم ومن أجل بناء مصالحكم ولأنكم لا تمتلكون مشروعاً مستقبلياً فقد سعيتم إلى الإبقاء على كل هذه المتناقضات بل وعملتم على تعزيزها، ومن المؤسف القول إن التاريخ حينما يرصد تجربة هذه المرحلة سيجعل احترامكم في ذاكرته متدنياً، ذلك أنكم بممارساتكم اللا مسئولة قد جعلتم إحساسنا بعدم الأمن يسيطر على وعينا الوطني.
وأوصلتم الوطن إلى مرحلة من الاضطراب والفوضى، ومع أن اليمن أصبحت دولة ديمقراطية، لكن الشعب أصبح يدرك أنه قلق وغير آمن.. لأنه غير واثق بكم، فسعيكم إلى السلطة وبأي ثمن أكبر من حكمتكم، فقد أثبتم أنكم أشد عناداً وبلادة حينما تقفون إلى جانب العنف والمغامرة بالمستقبل.
ولا أجانب الحقيقة إذا قلت إن الأسباب التي تدعو إلى القلق تحيط بنا، بعضها مستتر وبعضها الآخر يشاهد يومياً، فالخوف يستحوذ على المواطن في كل مكان.. وتجاوزتم أنتم ببحثكم عن السلطة والوصول إليها كل القيم الأخلاقية.
إنكم ستصلون إلى السلطة ذات يوم لأنه لا توجد معارضة دائمة ولا سلطة دائمة ولكن ما جدوى أن تصلون إلى السلطة بعد تدمير الوطن؟.
ما جدوى الديمقراطية والمعارضة في بلادنا سريعة الغضب تحول الخشب إلى هراوات، وأصبح احتمال الكراهية الجماعية جزءاً من حياتنا إننا نخشى أن تنتشر الكراهية بسرعة ويشعر بعضهم بأن ذلك علامة من علامات الوحدة.
مطلوب منكم أن تدافعون عن حقوقكم في إطار الديمقراطية وأن تنبذوا العنف لأنه يقوض الديمقراطية، كنا نتوقع منكم أنكم ستعملون على احتواء العنف وستثبتون أن المرحلة أصبحت أقل قابلية له، لكنكم أثبتم أنكم لا تبحثون إلا عن مصالحكم وفي سبيلها أنتم على استعداد للانزلاق إلى الماضي.
لقد كانت اليمن رائدة في بداية التسعينات من القرن الماضي، فقد كانت تعيش زمن التغيير حينما وسعت قاعدة التعددية وخفضت ديونها وعززت الديمقراطية وفعلت ما لم يفعله أي بلد آخر.
لقد أثبتم أنكم غير مؤهلين للديمقراطية لأنكم لا تعلمون شيئاً عن التاريخ والعوامل الاجتماعية والثقافية والأخطار المحدقة ببلادنا والتكلفة التي تتكبدها التنمية.
ولهذا لم تستطيعوا إقناع الناس لأنكم لا تهتمون بهم ولا تستمعون إليهم ولا تتعلمون منهم لأنكم غير مهتمين بمستقبلهم ولا تريدون مساعدتهم، فالناس لا تتعرف عليكم إلا أثناء الانتخابات.
وفي كل انتخاب تحدثون فوضى لأنكم تفتقرون إلى استراتيجية منسقة وقد فشلتم في خلق ارتباط واضح بين ممارساتكم والعملية الديمقراطية.
لقد أثبتم أنكم في ممارساتكم للسياسة مجرد هواة، فأنتم تفتقرون إلى السياسات الفعالة تجاه التحديات التي تواجهنا جميعاً.
هل نتوقع صحوة إيجابية منكم وأن تدركوا أن ممارساتكم لم تعد مقبولة، لأنها تقود البلاد نحو التشظي، وما جدوى أن تكسبوا أنفسكم وتخسرون الوطن.
ووسط هذه الممارسة اللا مسئولة فإننا سنواجه أخطاراً تتمثل في إتساع قاعدة التطرف وتراجع الديمقراطية واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء وعزل اليمن عن دول مجلس التعاون الخليجي.
إنكم مطالبون بتحليل ما يجري وإدراك أن الشعب في مزاج سيئ ولا بد أن يشعرنا ذلك بالقلق فهناك أمور تجري من حولنا لا نفهمها ويزيد من حدتها إننا لا نسعى إلى فهمها.
وعليكم أن تدركوا أن إضعاف الأمن أو اختراقه سيلحق الضرر بالوطن، وسيأتي الوقت الذي علينا فيه الاستيقاظ ثانية لكن ذلك سيكون بعد فوات الأوان.
وأخيراً: عليكم أن تفرقوا بين الأمنيات والممكنات، فأمنيات الشارع غير ممكنات السياسة وعليكم أن تتجاوزوا رسم الصور الوردية لما سيكون عليه اليمن فيما لو حكمتم لأن السماء لا تمطر عدلاً والعاقل لا ينتظر مثل ذلك، خاصة وأنكم جميعاً شاركتم في استنزاف مقدرات الوطن وزجه في حروب مجانية.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6574.htm