الميثاق نت -

الإثنين, 25-مارس-2024
إبراهيم ناصر الجرفي -
بدايةً.. من الحقائق التاريخية أن لقب (تُبَّع) كان يطلق على ملوك سبأ وحمير ، لأن قومهم كانوا يدينون لهم بالسمع والطاعة ، بمعنى أن التبعية والسمع والطاعة صفة ملازمة لهذا الشعب منذ القِدَم ، والفرق أن التبعية السياسية في تلك الفترات كانت تبعية إيجابية ، لأنها كانت تبعية داخلية ، حيث كان المتبوع هو الحاكم التُبع اليماني ، والتابعون هم المحكومون أبناء الشعب اليمني ، وفق علاقة سياسية متوازنة بين الطرفين ، ونتيجة لتلك التبعية الداخلية الإيجابية تمكن اليمنيون من بناء وتشييد الحضارة اليمنية القديمة ، والتي هي بحق من أقوى الحضارات الإنسانية ، لأن نفوذها كان يمتد -حسب المصادر التاريخية وحسب ما تم العثور عليه من الآثار - إلى خارج حدود الجزيرة العربية ، وظلت صفة التبعية الإيجابية الداخلية هي السائدة خلال تاريخهم الطويل الممتد لأكثر من 2500 عام تقريباً ، لكن للأسف الشديد بعد ضعف الدولة الحميرية ، وتحديداً بعد الغزو الروماني النصراني الحبشي لليمن ، انتقاماً لإحراق الملك الحميري ذو نواس نصارى نجران ، وجد اليمنيون أنفسهم بين فترةٍ وأخرى تابعين سلبيين ، بدايةً بالتبعية للأحباش المدعومين من النصارى والرومان ، ثم التبعية للفرس الذين غدروا بالتبع اليماني سيف بن ذي يزن ، وهكذا ..

والتبعية السلبية هي عكس التبعية الإيجابية ، فبينما تكون التبعية الإيجابية داخلية (المعنى الحرفي للسيادة والاستقلال) ، تكون التبعية السلبية خارجية (المعنى الحرفي للوصاية والاستعمار) ، وبينما ينتج عن التبعية الداخلية الإيجابية العزة والكرامة والقوة والسيادة والاستقلال ، ينتج عن التبعية للخارج الذل والهوان والضعف وفقدان السيادة والقرار الوطني ، وبينما تكون ثمرة التبعية الداخلية ، التقدم والتطور وتشييد وبناء الحضارات ، تكون ثمرة التبعية للخارج التمزق والضعف والتخلف والتراجع الحضاري ، لذلك على كل أبناء اليمن الأحرار أن يدركوا حقيقة مهمة جداً ، وهي أن أصحاب مشاريع التبعية الخارجية السلبية (أدوات الوصاية الخارجية) ، لا يمكن أن يسمحوا لأي مشروع وطني تحرري يسعى إلى تحرير اليمن من الوصاية والتبعية الخارجية بالنجاح ، وما يقومون به اليوم من حروب وصراعات بالوكالة خير دليل على ذلك ، كونهم قد تعوَّدوا على الاسترزاق من موائد وأموال الخارج ، وتعوَّدوا على الاستقواء بالخارج على أبناء الشعب اليمني ، وسيظلون حجر عثرة أمام أي مشروع وطني تحرري يهدف إلى تحرير اليمن من كل صور وأشكال الوصاية والتبعية للخارج ..

فلا توجد وصاية خارجية حلال وأخرى حرام ، فكل أشكال وصور الوصاية الخارجية محرمة في القواميس والأعراف والقوانين الوطنية والقومية ، والمباح فقط هو إقامة علاقات دبلوماسية مع جميع الدول تقوم على الاحترام المتبادَل والتعاون الثنائي وعدم التدخل في الشئون الداخلية ، وطالما ظل اليمنيون قابعين تحت براثن التبعية والوصاية الخارجية ، فلن تقوم لهم قائمة ، ولن يكونوا في قوة وعزة ومنعة وكرامة ، ولن يتمكنوا أبداً من بناء وتشييد أي حضارة ، وسيظلون في مؤخرة الركب الحضاري للشعوب والأمم ، وستكون أحوالهم وظروفهم من سيئ إلى أسوأ ، مهما حاول اصحاب مشاريع الوصاية الخارجية تبريرها وتجميل قُبحها وتغطية سوأتها من خلال الشعارات البراقة والزائفة ، فالوصاية الخارجية انتهاك لسيادة الشعوب واستقلالها وكرامتها ، وعزة وقوة وكرامة ومستقبل الشعوب مرهونة بتحررها من الوصاية الخارجية بكل صورها وأشكالها ، وليس أمام أي شعب من طريق للعودة إلى طريق المجد والعزة والتقدم إلا بالتحرر من الوصاية والتبعية الخارجية السلبية البغيضة ، ودعم مشروعها الوطني التحرري ..

فـ الله الله يا أبناء اليمن الأحرار، مستقبلكم بين أيديكم ، وطريق المجد مرسوم أمامكم ، فلا تكونوا شر خلف لخير سلف؛ ولا تقبلوا بتدخل الخارج في شؤونكم الداخلية مهما كانت الأسباب ، فالتدخل الخارجي في شؤون الوطن هو من يقود إلى أسوأ أنواع التبعية السلبية ، وهو من يقود الشعوب للذل والهوان والضعف ، ولا يوجد إنسان وطني ، يؤيد الوصاية والتبعية الخارجية السلبية ، ويدعم التدخل الخارجي في شئون وطنه ، لأن الإنسان الوطني المحب لوطنه ، هو الذي يرفض رفضاً قاطعاً ، التبعية الخارجية السلبية ، ويرفض التدخل الخارجي في شئون وطنه بكل أشكاله وصوره ، لأن التدخل الخارجي والتبعية السلبية تسلب الوطن سيادته واستقلاله وقراره ، وتسلب المواطن كرامته وحريته ، فحب الوطن والإخلاص له لا مكان لهما في قلب مواطن يؤيد التبعية الخارجية السلبية ويسعى إلى فرض الوصاية الخارجية على وطنه ، مهما حاول تبرير ذلك ، لأنه لا يوجد أبداً مبررات مهما كانت وكيفما كانت يمكنها أن تبرر الوصاية الخارجية والتدخل الخارجي في شئون الأوطان ..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65784.htm