الميثاق نت -

الإثنين, 29-أبريل-2024
استطلاع/ قسم التحقيقات -
ظاهرة التسول من الآفات الاجتماعية الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات، وتعمل الحكومات للحد منها من خلال البرامج والمحفزات والمنح الاقتصادية لإنشاء المشاريع الصغيرة والدعم المستمر وفق خطط مدروسة تُعتبر نوعاً من الحماية الاجتماعية للحد من هذه الظاهرة ومكافحتها بأسلوب علمي..

لقد أصبح التسول مهنة يعتاش عليها البعض وهذا له خطورته، كما أن هذا السلوك له تداعياته وآثاره السلبية سواء على المجتمع أو على المتسول نفسه ،الذي ينتج عن سلوكه هذا سلب حيائه وإراقة ماء وجهه والحط من كرامته ،وتتنافى مع فطرة الإنسان السليمة التي جُبِل عليها.. إن نظرة الإسلام الأصيلة تغرس وتزرع في نفوس المسلمين كراهية السؤال تربيةً لهم على علو الهمة وعزة النفس والترفع عن الدنايا والتذلل للخلق؛ وديننا الحنيف جرم هذا الفعل ووضع تشريعات وقوانين تجنّب المسلم الدخول في دائرة الفاقة والعوز ، كما حث الإسلام على التكاتف والتراحم بين المسلمين..



*تحرُّك رسمي

التحرك الحكومي في مكافحة هذه الآفة الخطيرة جاء بناءً على توجيهات عليا تم بموجبها إنشاء البرنامج الوطني لمكافحة التسول في العام المنصرم وبدأ نشاطه لكنه بنظر الكثيرين لم يحقق المرجو منه، إذ أن البرنامج لم يفعل أياً من البرامج للحماية الاجتماعية وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط الطارئة التي قال البرنامج إنه يعمل عليها وستمتد لثلاث سنوات ،من حيث التمكين الاقتصادي بالاشتراك مع هيئة الزكاة وهيئة الأوقاف ووزارة الصحة وأمانة العاصمة ووزارة الداخلية في تنفيذ أنشطة البرنامج في الجانب الإداري والمالي والأمني بحسب الخطة ،كذلك التوعية والإرشاد، والتثقيف للمجتمع، حول إظهار الأضرار الناتجة عن ظاهرة التسول؛ التي وُعد بتفعيلها وكانت محدودة جداً ،ظهرت على شكل يافطات قليلة في شوارع العاصمة تبين مخاطر التسول..


*إرادة سياسية

هذا الأمر أثار حفيظة المواطنين وتندٍّرهم كون مكافحة التسول تبدأ من الجذور المسببة له، وهو الفقر بحسب رأي المواطنين، الأمر الذي يدفع الأسر إلى التسول؛ وقبل كل ذلك عدم وجود إرادة سياسية تعمل بمصداقية على معالجة الظاهرة من جذورها حسب الآراء التي نقلناها، لذلك نرى ازدياداً في أعداد المتسولين من أعمار مختلفة، ينتشرون في الأرصفة والجسور وامام المولات وأبواب المساجد والمنازل؛ ولا يقتصر الأمر على أمانة العاصمة بل هي ظاهرة تعيشها كل المدن اليمنية، وإنْ كانت صنعاء محطتهم المفضلة التي يلجأ إليها هؤلاء نظراً للاستقرار الأمني فيها، إضافةً إلى عوامل أخرى منها تنوع النشاط الاقتصادي وتركز السكان بشكل كبير فيها..


*شريحة واسعة

في دراسات أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية العام الماضي، وصل عدد المتسولين في أمانة العاصمة إلى قرابة 40 – 50 ألفاً، وتضاعف العدد في رمضان الماضي، حيث وصل الرقم حسب الإحصاءات إلى 70 ألف متسول، على اعتبار أن رمضان موسم الرحمة والإحسان، وقد أكدت الدراسة أن 80 % من المتسولين يتواجدون في شهر رمضان، وبالطبع هذا العدد قد يكون ارتفع في العام الحالي خصوصاًـ وتتجاوز ظاهرة التسول الإجرامي ما نسبتها 70% من إجمالي عدد المتسولين المتواجدين في الميدان، وهم الشريحة الأكبر في استجلاب إحسان الناس إليها رغم أنهم في الأصل خارج دائرة استحقاق الإحسان بحسب ما قاله أحد المسئولين، وهذا بالطبع يضاعف من التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً بحسب مختصين..


*تحايل واستغلال

"التسول أصبح يدر دخلاً وفيراً للبعض منهم".. هكذا بدأ محمد القدمي...حديثه لـ الميثاق مشيرا إلى أن اليمنيين في أمسّ الحاجة لبعضهم في هذه الظروف العصيبة؛ قبل أن يعود للقول: "هناك استغلال أيضا لهذا التعاطف الذي يبديه البعض منا إزاء الحالة التي تكون أمامك.. ويتابع: "عندما يلجأ المتسول للحديث المحزن عن حالته المرضية ويحمل أوراقاً وتقارير طبية او صوراً ،مع بكاء حاد فهذا يثير عاطفتك لذلك تضطر لإعطائه المال وتكتشف أحيانا أن الصور والتقارير ليست صحيحة وقديمة، وقد تكون أيضا بنفس الوقت صحيحة وهذا يؤثر على المحتاجين الحقيقيين والمتعففين..
وأضاف:" أنْ يضعف الأمن والاستقرار في المجتمع، فيمكن أن يقوم بعض المتسولين بممارسات سلوكية سلبية كالسرقة ونحوها للحصول على المال ،فالتسول يفقد الإنسان كرامته، نتيجة رد الآخر في بعض الأحيان، كما أن التسول يجعل من الشخص اتكالياً لا يعتمد على نفسه في العمل، ولا يبذل أي جهد لكسب المال والرزق بالطرق الصحيحة لذلك يجب أن تحارَب هذه الظاهرة من الجميع للحد منها وليبدأ الأمر من قِبَل الدولة التي يجب أن تضطلع بمهامها وهي المعنية في المقام الأول بمكافحة التسول..


*غياب الحل

أم مجلي قالت: "إن ظاهرة التسول في اليمن ليست من الآن لكنها زادت بشكل كبير جدا وأصبحت أعدادهم باضطراد مستمر ".. وتعزو أم مجلي -وهي موظفة بالقطاع الخاص- أسباب التسول إلى الوضع المعيشي الصعب وانعدام الرواتب.. حيث تقول "انعدام الدخل كان له أثر وفاعل رئيسي في أن يتجه البعض وما أكثرهم للتسول التي كانت لها مفاعيلها في الشأن.. وأردفت: "الناس تعيش تحت وطأة ظروف اقتصادية في غاية الصعوبة.. هناك خلل في فهم الظاهرة من الأساس صحيح أن التسول ظاهرة عالمية لكن في اليمن حالة خاصة، بحيث أصبحت تُشكل تهديداً للمجتمع لأن الفقر يولد مشاكل أخرى كالسرقة والطلاق وانحراف الأبناء.. الحقيقة هناك غياب تام لحل المشكلة؛ ومناقشتها أصبحت نوعاً من الترف وضياع الوقت مالم تكن هناك جدية في الأمر..


*تسامح وتعاطف

أما أحمد مارش فيقول "إن التسول أصبح من الظواهر التي تقلق المجتمع فكثيراً ما نصادف المتسولين في العديد من الأماكن العامة والأحياء وحتى داخل المدارس والمستشفيات ، وتشكل هذه الظاهرة خطورة لأنها أصبحت عملاً ووظيفة للكسب، مستغلين تسامح أفراد المجتمع وتعاطفهم.. ويضيف: "اليمنيون بطبيعتهم ميَّالون للنجدة والنصرة وهم معروفون أنهم أهل نجدة لذلك نراهم يبذلون العطاء حتى في أوقات الشدة، لكن هناك من يستخدم التسول مهنة كما أسلفت لذلك غالباً ما يكون تشكيك بين المتسول والمحتاج الفعلي وبالتالي قد يُحرم هذا المحتاج من المساعدة.. ولا تقتصر ممارسة ظاهرة التسول على الأماكن العامة بل تعدت ذلك ليتجول المتسول أو المتسولة بين الأحياء طارقين أبواب البيوت وهناك من يتجاوب معهم فيدخلهم بيته وفي هذا خطورة فقد يترتب على ذلك حدوث ظواهر أخرى كالسرقة أو الاعتداء بشتى أشكاله، لذا لا بُدَّ من الوعي بهذه الظاهرة لا سيما لدى كبار السن الذين يتعاطفون كثيراً مع هذه الفئة ولا يدركون أنها تحتال عليهم..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65929.htm