الميثاق نت -

الإثنين, 29-أبريل-2024
أحمد الزبيري -
الطلاب الأمريكيون والنخب الأكاديمية والفكرية والثقافية لم يعودوا يحتملون طبيعة النظام الأمريكي الصهيوني وكذلك بقية الأنظمة الغربية التي تدور في هذا الفلك، وباتوا يدركون أن الفلسطينيين والذين يبادون منذ أكثر من ستة أشهر في قطاع غزة هم التجسيد الحي لبشاعة الهيمنة الصهيونية..

ما يحصل من قَمْع في الجامعات الأمريكية والأوروبية والغربية عموماً يعكس حقيقة أن الرأسمالية الليبرالية المتوحشة قد سقطت وأن القِيَم التي كانت ترفعها مثل حقوق الإنسان؛ حرية التعبير؛ الديمقراطية، هي قِيَم يمكن استخدامها متى ما كانت تلبّي مصالح النخب الصهيونية في الغرب، أما إذا تحولت من أجل قضايا أخلاقية وإنسانية تتعارض مع المصالح فيجب قمعها والوقوف في وجهها..

رأينا في العقود الأخيرة وحتى وقتٍ قريب ثورات ملونة وربيعاً عربياً، وكان يظهر أن عرَّابيها الحقيقيين هم يهود صهاينة لقطع الطريق على ثورات حقيقية، رأينا اليهودي الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي حاضراً في كل ساحات الثورات الملونة في تبليسي عاصمة جورجيا، وفي كين عاصمة أوكرانيا، وتقريباً في كل ساحات ما سُمي بالربيع العربي؛ ويتضح فيما بعد أن ما جرى كان هدفه تعميم الصراعات والحروب تحت شعارات طائفية ومذهبية ومناطقية وعِرقية في إطار مخطط الفوضى الخلاقة والتفتيت وخلق التوترات وحروب الاستنزاف، وهذا واضح الآن في أوكرانيا ومحاولة أمريكا استهداف الصين واحتواءها وإعاقة تطورها الذي بات يهدد الهيمنة الأمريكية اقتصادياً على الصعيد العالمي..

طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م هو الذي قلب الأمور رأساً على عقب ووضع الحقائق في سياقها الصحيح، وكشف حقيقة الكيان الصهيوني وعرَّى أمريكا وأثبت أن هذه الدولة تستخدم كل شيء في سبيل مصالحها؛ وإذا هددت الديمقراطية وحرية التعبير هيمنتها تكشّر عن أنيابها وتقمع بشراسة حتى من كانت طوال سنوات تلقّنهم تلك القِيم مقدمةً أمريكا نفسها بأن كل ما يقف ضدها هو شر مطلق مع أن الكثيرين من أبناء أمريكا كانوا يشعرون بأن هذا الكلام غير حقيقي وها هم اليوم يلمسون طبيعة النظام الأمريكي البشع في جامعاتهم ومؤسساتهم التعليمية، وقبلها مع الأمريكيين من أصول أفريقية، وجريمة جورج فلويد ليست ببعيدة..

عموماً.. لا نستطيع أن ننجّم أو نبصر في مآلات انتفاضة الطلاب الأمريكيين، وهل ستتطور لتأخذ طابعاً اجتماعياً أبعد وتتحول إلى ثورة ضد كل ذلك النفاق والإجرام والفجور الذي يتجسد في حرب الإبادة الجماعية الأمريكية الصهيونية في غزة، أم سيتم قمعها وتنتهي على النحو الذي آلت إليه "حياة السود مهمة"..
التاريخ اليوم يعيد إلى الأذهان الثورات الطلابية التي شهدتها أمريكا وفرنسا والغرب عموماً في نهاية ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي والتي ارتبطت بأزمات عميقة داخل هذه المجتمعات، ولكن كان محرّكها الرئيسي حرب فيتنام وتحديداً في أمريكا..

لقد قلنا في بداية حرب الإبادة الإجرامية في غزة إن دماء أطفال ونساء وأبناء فلسطين سيكون لها ما بعدها من متغيرات وهي تتشكل اليوم من أمريكا إلى أوروبا إلى العالم كله باستثناء النظام الرسمي العربي صاحب القضية والمصلحة الرئيسية من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي هو خط دفاعه الأول..
طلاب أمريكا وفرنسا وبريطانيا واستراليا وبقية دول أوروبا أدركوا الخطر؛ والذين عليهم الخطر مباشر ما زالوا في سبات عميق إذا ما استثنينا اليمن والعراق ولبنان وإيران وسوريا، وما عدا ذلك فإما محبطون بعد الربيع العربي وإما مهمومون بقضاياهم الخاصة أو مقموعون أو هذه كلها مجتمعة، ربما ما يحصل في الجامعات الأمريكية والغربية يوقظ الشعوب العربية بجامعاتها ومؤسساتها القادرة على التأثير والقيادة ليخرجنا من حالة الموت السريري إلى حالة إدراك أن فلسطين تدافع عنا جميعاً؛ وعلينا أن نخوض المعركة ضد الأمريكان والصهاينة وأدواتهم وعملائهم بالأنظمة الرسمية العربية الذين باتوا مكشوفين ولا يحتاج أي مواطن عربي إلى دليل.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65930.htm