الميثاق نت -

الإثنين, 29-أبريل-2024
الميثاق نت - قسم‮ ‬التحقيقات‮ ‬: -
قضية المبيد الحشري المحظور "بروميد الميثيل" التي تم الكشف عنها ما زالت تتصدر اهتمامات شريحة واسعة من الناس، وتحولت إلى قضية رأي عام نظراً للخُطورة التي يمكن ان تسببها هذة المبيدات القاتلة، والتي أصبحت تدخل بلادنا على مرأى ومسمع من الجميع وبمذكرات وتصاريح رسمية، تأتي من نافذين يُسهلون وصول هذه السموم إلى أبداننا، فلا قانون يردعهم ولا وازع ديني أو ضمير يحركهم، هذا في الوقت الذي تعلن فيه الأمم المتحدة أن هناك 30 ألف حالة سرطان تُسجل كل عام في اليمن.. القصة بدأت عندما تم تسريب مذكرة إثبات حالة صادرة من مكتب التجارة ورقابة صنعاء بتاريخ بتاريخ 28 نوفمبر
الموجهة من مدير عام الجمارك ورقابة صنعاء إلى غرفة العمليات المشتركة بالمصلحة، وفيها تذكر المذكرة اقتحام قوات من النجدة بقيادة (ا. ب .م) مكتب الجمارك وإطلاق "قاطرة" مبيدات محظور تداولها عالمياً لمخاطرها العالية وبحسب المذكرة فإن " ا. ب .م " برر إطلاق المقطورة بقوله: "لدينا توجيهات عليا بإطلاق القاطرة، ولايمكن منعنا أو ...".(هل أصبحت التوجيهات العليا ضد المواطن ؟!) في هذه الحالة بإطلاق شاحنة المبيدات الإسرائيلية المحظورة بالقوة - تقول مذكرة الجمارك - إنه تم إطلاقها دون استيفاء الرسوم الجمركية لها، والعوائد الأخرى وكذا لا يوجد لها أي تصاريح من وزارة الزراعة والجهات المعنية كونها تحمل مبيدات محظورة.. مقطورة المبيدات التي الإفراج عنها تتبع شركة "س .ع" التابعة للتاجر" د. ا. د " وتحمل على متنها شحنة من أخطر المبيدات المحظور تداولها نوع "بروميد الميثيل".. حيث هذا الغاز منتج؛ والذي وجه بالسماح بدخوله إلى اليمن بعد حظره في عام 2013م، هو شخصية نافذة في الدولة الذي وجَّه وزارة الزراعة بتاريخ 24 مارس 2021م بإدخال هذا المبيد إلى محافظة صعدة حيث يستخدم "بروميد الميثيل"، لتبخير القمح، وتعقيم التربة ضد الآفات قبل الزراعات الحساسة مثل الفراولة والطماطم والخيار، وقد حُظر دولياً بموجب "بروتوكول مونتريال"، وذلك بهدف حماية طبقة الأوزون من خلال تقليص استخدامه تدريجياً..

*بيان الشركة

الشركة المذكورة "س .ع" أصدرت بياناً بخصوص الشحنة المثيرة للجدل في صفحتها بالفيس بوك عليه قالت في بيانها إنها تأتي رداً على ما أسمته بالافتراءات ضدها؛ ووصف البيان "بأن هناك حملة تحريضية ومضللة في مواقع التواصل الاجتماعي ضدها، لكن الشركة عادت واعترفت بخطورة مادة البروميد الميثيل، وان رئاسة الجمهورية وجهت بالتحفظ عليه وعدم الإفراج عن هذه الشحنة، كما أن وزارتي الزراعة والمياه والبيئة أكدتا أنه يجب أن لا تُستخدم هذه المادة إلا تحت إشرافهما، لكن من المعروف أيضا حتى للمواطن البسيط أن المبيدات بصورة عامة تستخدم بطرق عشوائية في مختلف المزارع، خاصة مزارع القات والخضروات والفواكه، بل ويتم استخدامها من قِبل أطفال..

*أخبار كاذبة

الوزارة التي ظلت طيلة هذه السنوات عاجزة عن وقف دخول هذه المبيدات المحظورة والخطرة والحد منها، أصدرت بياناً باهتاً محاولةً التنصُّل عن مهامها، خاصة أن الجميع يعرف ان المبيدات يتم استخدامها بشكل عشوائي، وليس تحت إشراف الجهات المختصة وهي الجهة المخولة لها إصدار تصاريح والإشراف على دخول واستعمال هذه المبيدات.. الوزارة في البيان المشترك مع وزارة المياه والبيئة قالتا فيه: "إن ما أُثير حول دخول شحنة مبيدات مسرطنة، تضمَّن الكثير من المعلومات الخاطئة وغير العلمية حول طبيعة تلك الشحنة واستخداماتها، فيما الوثيقة التي نُشرت مرتبطة بتأخير معاملات التجار وصادرة عن جهة غير مختصة في تصنيف المواد "تقصد الجمارك"؛ مؤكدتين أنه" لم يتم إدخال أي شحنات مبيدات مستوردة من الكيان الصهيوني، وأنهما لن تسمحا بذلك على الإطلاق وأن ما يتم تداوله من أخبار في مواقع التواصل الاجتماعي حول المبيدات الإسرائيلية المسرطنة غير صحيح.. مشيرتين إلى أن هناك الكثير من المعلومات الخاطئة وغير العلمية حول طبيعة تلك الشحنة واستخداماتها، فيما الوثيقة التي نُشرت مرتبطة بتأخير معاملات التجار وصادرة عن جهة غير مختصة في تصنيف المواد هذا يتعارض مع مذكرة "إثبات الحالة" الصادرة عن مكتب الجمارك الذي وصف الشحنة بالمحظور تداولها..

*مواد مُقيَّدة

البيان أشار إلى أن مبيد “بروميد الميثيل” الذي هو عبارة عن مبيد غازي، يُستخدم لمكافحة آفة الديدان الثعبانية “النيماتودا” في الزراعة المحمية والتربة ما زالت خالية من الزراعة، وكذا مكافحة الآفات الحجرية، ولا يتم استخدامه على المزروعات بتاتاً، مع العلم أن أسباب المنع هي دخوله ضمن قائمة المواد المستنفدة لطبقة الأوزون..
ولفت إلى أن هناك استثناء للدول النامية لاستخدام هذا المبيد بكميات بسيطة وفقاً لأحكام الفقرة (1) من المادة (5) من بروتوكول مونتريال؛ كما أنه وفقاً للقائمة الصادرة من الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية مصنف من المجموعة الثالثة والمعرفة بـ(العوامل غير المصنفة على أنها مسرطنة للبشر)..
وأكدت وزارتا الزراعة والري والمياه والبيئة اللتان تتنازعان الصلاحيات حول هذا الأمر أن مبيد “المانكوزيب” يُعد من المبيدات المقيدة وليس الممنوعة، وأن المبيدات المقيدة هي التي يُسمح باستيرادها بكميات محددة في حالات الاحتياج ويتم استخدامها تحت إشراف الجهات المختصة كما أكدت أنه تم التحفظ على الشحنة لاستخدامها تحت الإشراف المباشر من قِبل الجهات المختصة..
إن مسببات السرطان عديدة وهذا مايؤكده العديد من الأطباء المختصين؛ ولا يقتصر السبب في نشر المرض بسبب المبيدات فقط، لكن أيضاً استخدامها بشكل عشوائي دون ضوابط أحد أسباب انتشار السرطان في اليمن..

*اعتلالات وأمراض

وهذا ما يؤكده مختصون في هذا المجال، حيث قال الدكتور يونس الشعيبي"إنه من خلال المتابعة لعمليات زراعة الكبد ليمنيين في القاهرة لعدد 55 مريضاً تبين أن أساس الاعتلال الكبدي عند 70‎%‎ منهم سببه تناول القات ليس بسبب المواد الموجودة في القات نفسه وإنما يرجع السبب الأساس للسموم التي تُرش عليه وتؤثر على الخلية الكبدية مع مرور الوقت وحصول التليفات والتي قد تتحول مع الوقت إلى أورام في الكبد..".. مضيفاً: ان هذه الكمية القاتلة من السموم تحتوي على عناصر من ضمنها الخارصين والنحاس وبكميات كبيرة ومع مرور الوقت تتراكم داخل جسم الإنسان محدثةً التهابات وتغيراً في تركيب الحمض النووي للخلايا وظهور بعض الأورام منها أورام القولون وأورام البنكرياس والدماغ وغيرها.. وأشار إلى" أن من يساهم في الاتجار وتهريب تلك السموم هو قاتل ويأثم أمام الله ولا بارك الله له لا في ماله ولا صحته.. فيما حذَّر ناشطون وعاملون في قطاع النحل وتصدير العسل اليمني أن العسل سيختفي من الأسواق اليمنية حيث إن أكثر من 20 ألف خلية انتهت وماتت بسبب رش السموم والمبيدات من مزارعي شجرة القات قريباً منها.. حيث بلغت خسارة أصحاب المناحل حوالي مليار ريال خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وبّين عاملون في هذا القطاع أن الخسارة المادية يمكن تعويضها، لكن الإنسان لا يمكن تعويضه، والذي يموت بأمراض السرطان جراء الرش الجائر والمميت للقات والخضروات والفواكه..

*شرعنة الجريمة !

الصحفي خالد العراسي قال في هذا الصدد إنه "تم تخفيض موازنة ومخصصات مكافحة التهريب وكأن هناك من يدفع إلى تجويعهم ليقوموا بارتكاب أخطاء تتمثل في دعم ومساعدة المهربين بدلاً من مكافحتهم، واصفاً ذلك بالخطأ الجسيم والذي يفترض العكس تماماً، لافتاً إلى"أن التهريب ليس مشكلتنا الوحيدة فهناك كارثة أهم وأكبر تتمثل في عملية “شرعنة إدخال المبيدات الضارة وبكميات كبيرة تفوق الاحتياج بل أنها أضعاف الاحتياج”..
وقال:" إن الخلل ليس في القوانين بقدر ما هو في الأشخاص أنفسهم الذين انتهكوا واخترقوا كل الأنظمة واللوائح والقوانين وأي قصور قانوني بالإمكان تعديله، لكن مشكلتنا بمن انتهكوا القانون بما فيه من قصور واختلالات ،ويجب سرعة توقيف تلك الإجراءات الكارثية.. مضيفاً: "أن هناك من يعرقل استكمال تسجيل المبيدات المصنعة محلياً منذ فترة طويلة حتى يستمر الاستيراد بشكل جنوني وغير قانوني..

*تحقيق فوري

أما الناشط الحقوقي عبدالرحمن علي الزبيب، فقال من جانبه إن أعداد اليمنيين المصابين بأمراض السرطان المختلفة بسبب إغراق اليمن بكميات كبيرة من المبيدات الزراعية والحشرية والأسمدة والأدوية المحظورة عالمياً وكذلك المنتهية الصلاحية مرتفعة جداً؛ معتبراً إياها جرائم خطيرة يستوجب سرعة التحقيق فيها وحصرها وضبطها في مخازن الشركات والمؤسسات وإلزامهم بإخراجها من الوطن ومحاكمة شفافة وعلنية لجميع المتورطين في تلك الجرائم الخطيرة الماسة بصحة وسلامة المواطن اليمني والبيئة الزراعية؛ مشيراً إلى" أن هذا الفعل يؤدي إلى ان تتحول الأراضي الزراعية إلى صحارى بسبب تأثير تلك المبيدات والأسمدة الخطيرة ويُعتبر ذلك مساساً خطيراً بالأمن القومي والوطني بنشر أمراض السرطان في عموم الشعب الشعوب المريضة لا يمكن أن تحقق تنمية اقتصادية أو زراعية "وأضاف الزبيب قائلاً: "الدول والحكومات التي تحترم شعبها ووطنها هي من تتخذ إجراءات وقائية لحماية شعوبها من الأمراض والأوبئة والعلل، وليست الدول والحكومات التي تغرق أوطانها وشعوبها بسموم قاتلة تقتل الإنسان والأرض بالسماح والتصريح بدخول أسمدة ومبيدات محظورة ومنتهية الصلاحية وأدوية تالفة لقتل شعوبها وتحولهم إلى بقايا جثث مرضى بأخطر الأمراض؛ والأدهى هو التغاضي والتعامي عن تهريبها وحتى إنْ تم ضبطها يتم التصريح بالإفراج عن تلك السموم لقتل الشعب..

*شركات ووكلاء

في تحقيق استقصائي أجرته صحيفة "البوابة نيوز" المصرية، نُشر في 19 ديسمبر 2017م توصل إلى أن شركة "حيفاكيميكال" الإسرائيلية، هي المصنع الأول في العالم الذي يسيطر على إنتاج غاز "البروميد الميثيل"، المحرم دوليا بموجب اتفاقية "مونتريال"، وطبقاً للتحقيق فإن نحو 2500 شاحنة تقريبا تنقل منتجات غاز "البروميد الميثيل"، إلى "ميناء حيفا" من مقر إنتاجه في البحر الميت (المنطقة التي تسيطر عليها "حيفا كيميكال" إلى جانب ميناء أسدود)،وتعمل شركة "تكنوجرين" كوكيل لبيع المنتجات التي تصنعها معامل شركة "حيفا كميكال"، التي جرى تأسيسها عام 1998م في منطقة "النقب"، في الأراضي المحتلة، وبلغ قيمة مبيعاتها عام 2010م، 700 مليون دولار أمريكي وشركة "حيفا كميكال" كانت مملوكة للحكومة الإسرائيلية قبل أن تبيعها حكومة إسرائيل لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق "دونالد ترامب" الذي اشترى الشركة من الحكومة الإسرائيلية في عملية خصخصة تهدف لتنمية أنشطة المصنع بافتتاح فرع آخر فى إسرائيل وثالث فى فرنسا..

*استبدال الملصقات

وفي تقرير صحفي نُشر بتاريخ 17 يوليو 2023م، تحدث التقرير عن أنه يجري بيع مبيد "بروميد الميثيل" في الأسواق اليمنية، لكن بأسماء مزيفة بعد أن يتم نزع لواصقها الأصلية واستبدالها بلواصق تخفي مخاطرها، ومكان تصنيعها.. وطبقاً للتقرير فإن "بروميد الميثيل" واحداً من عشرات الأنواع من المبيدات "مرتفعة الخطورة"، التي تباع داخل الأسواق اليمنية، إلا أنه يجري نزع الأوراق التعريفية (اللواصق) عن هذه المبيدات، واستبدالها بأخرى مزورة "بروميد الميثيل" يعرف أيضًا باسم "برومو ميثان" هو مركب عضوبروميني وصيغته CH3Br..
هذا الغاز العديم الرائحة، والعديم اللون والغير قابل للاشتعال يتم إنتاجه صناعياً وحيوياً، ويمثل المصدر الأخير للإنتاج المصدر الأهم.. شكله رباعي السطوح، ويعرف كمركب مستنفذ لطبقة الأوزون كان يستخدم على نطاق واسع كمبيد للآفات حتى تم التخلص منه تدريجياً من قبل معظم البلدان، وذلك في أوائل القرن الواحد والعشرين.
وينشأ "البرومو ميثان" من كل المصادر الطبيعية والبشرية، ويقدر أن المحيطات والكائنات البحرية تنتجه بما يقارب 1-2 بليون كيلوغرام سنوياً ونظراً لخطورة "بروميد الميثيل"، توجد العديد من البدائل، حالياً قيد الاستخدام في "المجال الزراعي" وتشمل "أكسيد البروبيلين وفورفورال"..

* رحلات العلاج

تصل طائرة اليمنية للعاصمة المصرية القاهرة يومياً وعلى متنها ما يقارب 50% مرضى سرطان ، يذهبون لمعامل ومختبرات مصر وتجد أغلب المرضى اليمنيين ينتظرون دورهم لعمل فحص PET SCAN لتشخيص الأورام السرطانية، كما أن المستشفيات والعيادات تعج باليمنيين هناك بأعداد كبيرة وأغلب الحالات تشخيصها سرطان، يُخيل لك أن السرطان وباء بات ينتشر عبر الهواء أو بالوراثة بسبب الأعداد المهولة التي يصاب بها المواطنون، ناهيك عن الإحصاءات المخيفة التي تسجلها مراكز السرطان والمستشفيات في الداخل والخارج (نال المرض من آلاف اليمنيين في السنوات الأخيرة بينما القتلة مستمرون في استيراد وتهريب السموم والمبيدات المسرطنة المهربة لقتل ماتبقى من حياة) دون أن يكون هناك فعل حقيقي ومسؤول لردع هؤلاء الوحوش البشرية والتي تفتك بأرواح الناس دون أن تطرف لها جفن.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:49 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65939.htm