الميثاق نت -

الإثنين, 20-مايو-2024
يحيى حسين العرشي* -
الأستاذ يحيى نوري – رئيس تحرير صحيفة الميثاق الصادرة عن المؤتمر الشعبي العام ..
التهنئة لك ولزملائك في صحيفة الميثاق، ومن خلالها إلى كل شعبنا في كل أنحاء الجمهورية اليمنية بمناسبة العيد الوطني الرابع والثلاثين لاستعادة وحدة وطننا الغالي في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م..
سؤالاك اللذان تلقيتهما منك بهذه المناسبة..
دعني في البداية أذكّرك بما اعتدت عليه في كل عام من إحياء لهذه المناسبة السنوية للإنجاز العظيم أن أختار عنواناً للموضوع، وآخر عنوان للعام الماضي 2023م هو (وحدة اليمن.. مانعة للفتن)، وفي هذا العام رأيت أن يكون الموضوع (بدون عنوان)، فلم أعُد - كغيري من أفراد الشعب المغلوب على أمره -أشعر بأننا في وطن مستقل سيتمكن من استعادة دولته، التي مرجعيتها الدستور والقانون والنظام دون غيره..
إن هذا الشعور لم يأتِ من فراغ ، بل من واقع يعيشه الشعب - منذ أكثر من عقد من الزمن - مرارات مهولة بصورها التي لا يجهلها الناس .. فأعيننا جميعاً دون استثناء تشاهد استباحة جزرنا وشواطئنا، تشاهد وسائل الاحتلال الحديثة تقتحم الأغلى من بلادنا، وتتحكم فيه بسلاحها وعتادها، وبأيدي المرتزقة مِنّا..
أربعة أطراف تدَّعي أنها المعنية بنا، والحريصة على حماية أراضينا وبحارنا وسمائنا.. توهمنا بأن حريتنا، وكرامتنا، وديمقراطيتنا، وتنميتنا كفيلة بها، ترفع علمنا الوطني مجازاً، بل إن أحد الأطراف الأربعة يستظل بعلمٍ آخر، وشاشات التلفزيون شاهدة على ذلك، والبعض الآخر يستحي أن يذكر على لسانه وحدة الوطن مراعاةً للظروف!
الأطراف الأربعة تستمع للنشيد الوطني المُعبّر عن نبذ الوصاية على بلادنا، وهي التي تدعو الأوصياء علينا!
تجعل من نفسها أنها هي المنقذ لليمن، وحامي حِماها، وهي التي تجعل ما تحت سيطرتها ساحة نفوذ مطلق للأجنبي للتصرف فيها، أو طرفاً توظفه لسياستها..
ومما زاد هذا الواقع حضوراً ومعاناةً لوطننا في كل نواحي الحياة المتغيرات في عالمنا اليوم ومنها في فلسطين التي تعيش أروع البطولات والصمود، وأبشع أنواع الإبادة الجماعية التي هزت البشرية، وأبرزت الوحشية الصهيونية، وفضحت الأنظمة العربية والدولية..
صحيح أن ما يحدث اليوم في بلادنا - نصرةً لفلسطين - يُسهم في تقديم صورة تضامنية حيّة لإخوتنا في غزة، فكيف لو أن ذلك حدث من واقع يمني مستقر مستقل، دون أن تخدشه مواقف الأطراف الثلاثة الأخرى في يمننا الواحد..؟
أليس من القوة لأمتنا العربية والإسلامية أن تكون بلادنا سليمة من هذا التشتت والتمزق والحصار المتعدد فيما بيننا على مستوى المحافظة والمدينة والقرية جغرافياً، وعلى مستوى الذات اليمنية جسدياً وفكرياً ودينياً بشكل لم يسبق له مثيل على الأقل في العصر الحديث..؟
كان المفترض أن تكون بلادنا في وضع آخر من التطور والنماء والتكاتف والتلاحم والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، وأن تكون وسائل العصر الحديث - وأبرزها وسائل التواصل الاجتماعي التي كسرت العُزلة والحواجز - وسائل لخير الإنسان ولعلمه ومعارفه، لا لشره وتضليله واغتصاب حريته، وإيقاف تطلعاته، بل وإعادته إلى الوراء المتخلف؛ وهو ما كان نصيبنا منه..
الشعب اليمني اليوم يكرر تنبيهه بأن كل طرف إنْ لم يكن مخطئاً فليس معصوماً من الخطأ، وأنه لن يستمر على ما هو عليه ينعم بالسلطة والهيمنة على ما هو في قبضته، وأن ذلك إلى حين قد تقصر المدة وقد تطول، يستكين الشعب ولكنه لن يموت، فانفجار الشعوب قوة لا تُقهر، ولحظة انبعاثه كالسيل الجارف، وعلى الأطراف أن تُعيد النظر قليلاً في حساباتها.. أن تستحضر من دروس الماضي بل من القريب جداً.. وأن تعي بعض الدروس منه، ومنها ما هي عليه الآن.. وأين كانت.. وكيف أصبحت.. وأين سيؤول بها المطاف؟
إنه لأمر خطير جداً الاستهانة بأحوال الناس في أرزاقهم الشحيحة، وغذائهم الملوث، وصحتهم المتدهورة، وتعليمهم الُمسيّس المعجون بالدين والمذهبية والعصبية، مما سيجعل من شباب اليوم في كل الوطن قوى للصراع في المستقبل، ومواجهة بعضهم البعض، منطلقين مما تلقَّوه من تعاليم اليوم..
إن تكميم الأفواه يولّد الانفجار، وحرية الرأي والرأي الآخر متنفس للإنسان، والمساس بها يُنذر بمخاطر جسيمة على الجميع.. فكيف يمكن للنصيحة أن تصل إلى المعنيين بالأمر؟ وكيف يمكن للنقد البنّاء وفضح الفاسد أن يسود في حياتنا؟
ألا يكفي أننا نأكل اليوم من الخضار والفواكه التي يتم سقيها من مخلفاتنا؟! ألا يكفي أننا نستورد اليوم سموم مزروعاتنا لتحصد أرواحنا؟! ألا يكفي أن شوارع مدننا وأسواقها وأحياء سكننا تزدحم بالجياع مِنّا ومن يطلب لقمة العيش، منهم من يبحث عمَّا يقتاته من مخلفاتنا، عاهات البعض منهم تُدمي القلب ..
ليس المطلوب منكم يا قادة الأطراف الأربعة إلا أن تلتقوا وأن تتحاوروا فيما بينكم حتى تتوصلوا لما يرضيكم بالحوار وليس بالمواجهة، ليتحقق لوطننا السلام، للشعب ولكم، خياراتكم السياسية والمذهبية، ومرجعياتكم ستستمر معكم.. لكم قنواتكم الفضائية ووسائل ما تُعبّرون به عن حالتكم التعددية السياسية والديمقراطية، وهي الضامن الأول للتداول السلمي للسلطة..
أقدموا على هذه الخطوة حتى لا يقدم عليكم الطوفان.. ألا ترون المتغيرات اليوم في جامعات الدول العظمى متجاوزةً سلطاتها وأجهزة مخابراتها؟ فكيف سيكون الحال بالدول الصغرى؟!
فلتكن متارسكم خيراً للناس، ولتحقيق ما يصبون إليه، تنافسوا على ما يُرضي خلق الله، تسابقوا للمحافظة على الوطن ولا تتسابقوا للتفريط به.. تسابقوا للعطاء لتحقيق العدالة والأمن والاستقرار؛ ولا تتسابقوا في النهب والثراء.. تسابقوا للحياة ولا تتسابقوا للفناء..
أنقذوا اليمن ..
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} صدق الله العظيم


*وزير الإعلام والثقافة والوحدة الأسبق
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 08-ديسمبر-2024 الساعة: 08:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66078.htm