الميثاق نت -

الثلاثاء, 28-مايو-2024
أحمد الزبيري -
رحل عن دنيانا الفانية قبل أيام المناضل والأديب والشاعر والمفكر الإسلامي قاسم بن علي الوزير، بعد عمر ناهز الـ86 عاماً، وكانت حياته حافلة بأحداث ومتغيرات دراماتيكية كبرى على صعيد الوطن والأمة العربية والإسلامية، وتشكلت شخصيتهُ منذ سنوات عمره المبكر في خِضَم الصراع السياسي الذي شهده اليمن في العقدين الأخيرين من النصف الأول للقرن العشرين، وكانت ثورة 48 الدستورية هي المحطة الفاصلة التي شكلت فيما بعد شخصية الراحل المرحوم قاسم بن علي الوزير..

هنا كان على موعد مع اعتقاله وسجنه بعد أن فشلت ثورة الدستور لأن أسرة آل الوزير كانوا يتصدرون مشهد قيادة هذه الثورة وقد عُوقبوا بالإعدام، ولن ندخل بتفاصيل تلك الفترة إلا بالقدر الذي يرتبط بحياة هذا المناضل السياسي والمفكر الإسلامي قاسم الوزير..

استضافته السجون وعمره لا يتجاوز الـ14 عاماً وبقدر ما كان هناك العقاب على فعلٍ لا ذنب له فيه، كان على موعد مع بداية انطلاقته الفكرية من خلال ما وفر له المكان من تلاقٍ مع شخصيات سياسية وثقافية وبدأ أول مراحل الانطلاق من الثقافة التقليدية إلى الفكر والأدب المعاصر حينها، وأسهم هذه الفترة في تشكيل شخصيته النضالية السياسية الفكرية التنويرية الرصينة والمعتدلة..

لهذا أخذه همه الوطني اليمني والقومي والإسلامي إلى إدراك حقيقة أن اليمن والعرب والمسلمين لا يمكن أن ينهضوا إلا بامتلاك مشروع يتجاوز بهم الخلافات والصراعات الطائفية والمذهبية والمناطقية، وقد تحدث عن هذا كثيراً في مؤلفاته ومقالاته ومحاضراته التي يجمع فيها بين الفهم العميق للإسلام في معانيه ومضامينه الشاملة وإنجازات الحضارة الإنسانية التي لا تلغي الخصوصية النابعة من الدين والتراكم الفكري الإيجابي للحضارة الإسلامية ومنجزات النهوض التي تقدمه الحضارة الغربية..

وفي هذا المنحى يمكن اعتبار الراحل من حَمَلَة فكر النهضة بامتدادات تواكب المتغيرات لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والطهطاوي ومالك بن نبي، وكان له الكثير من الرؤى والتصورات لمشاريع تُخرِج اليمن والأمة من أزماتها وكبواتها وتأخرها..

في هذا السياق يكفي الإشارة إلى جوهر أطروحاته المنشورة في كتاباته في بعض الصحف التي وضع فيها حلولاً لتجاوز الظروف والأوضاع التي عاشتها اليمن وخاصةً في العقود الأخيرة، ويمكن اختزال رؤيته هذه في بناء دولة ديمقراطية على أساس دستوري لا يكون فقط بين الشعب والنظام السياسي بل وبين القوى والأطراف الفاعلة في المجتمع مؤسسة على العدالة والمواطنة المتساوية، تخرج الجميع من الاستقواء والغلبة إلى الدولة الوطنية المدنية المبنية على النظام والقانون والحقوق والواجبات..

بقي أن نشير إلى أن الأستاذ المناضل والمفكر قاسم بن علي الوزير، كان أديباً وشاعراً فريداً ومتميزاً، وديوانه "الشوق والحزن والإشراق"، اختزالٌ لأبعاد تجربته الأدبية والسياسية والفكرية.. رحم الله المناضل قاسم بن علي الوزير وأمثاله حياتهم الحقيقية تبقى في ما تركوه من أعمال وأنشطة وأفكار وفِكْر وثقافة ونضال، وهذا هو الخلود بالمدلول الإنساني.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 17-يوليو-2024 الساعة: 10:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66112.htm