الميثاق نت -

الثلاثاء, 28-مايو-2024
استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
لا يُمكن لأحد أن يُنكر حقائق التاريخ بأن اليمن الطبيعي الكبير حقيقة ثابتة يختزل إرثاً تاريخياً كبيراً لا يمكن تجاوزه أو التشكيك فيه مهما بلغ حجم التآمر، وعبر مراحل تاريخية ظلت اليمن مُستهدفة للقوى الاستعمارية خاض فيها اليمنيون صراعاً طويلاً ومازالوا حتى اللحظة يخوضون غِمارها ويُدافعون عن مكتسباتهم وإنجازاتهم التي حققوها، ولعل الوحدة اليمنية أحد أهم هذه المكتسبات العظيمة التي صنعها الشعب اليمني وهو في خِضَم الدفاع عنها اليوم، إزاء حالة من الرفض لكل ما هو وطني، تغذيه جهات خارجية تعمل على بث الكراهية والإحباط وتُقيد أي حركة فعل ومواجهة أمام مشاريع التقسيم يقوم بها الخيّرون من أبناء الوطن ..

وفي هذا المنعطف الأخير الذي تمر به وما تتعرض له الوحدة اليمنية من تهديد ،كان لا بد من الوقوف أمام المشاريع الهدامة ومقاومتها باستغلال عناصر القوة الكامنة لدى أبناء الشعب اليمني من اجل ان تتحول لجبهة مقاومة فالبحث عن مقومات المجابهة تبدأ من الداخل بوعي وطني يجب أن يزداد وينبعث وميضه.. يُدرك الشعب اليمني مدى عظمة هذا المنجز وهو علي استعداد لكي يدفع الغالي والنفيس من أجل الذود عن وحدة الوطن، والتي ظل المناضلون الشرفاء من أبناء الشعب اليمني ردحاً من الزمن يُناضلون من أجل تحقيق حلمهم واستعادة شتاتهم، وهم اليوم مستعدون لإجهاض أي مشروع أو سلوك فردي أو رغبة مدفوعة الثمن بإعادة الزمن للوراء.. إن حماية وحدة اليمن تكمن في حالة الوعي المتقدة التي يعبر عنها كل اليمنيين، بعد أن رأى الجميع النتيجة الحتمية لأصحاب مشاريع التفتيت، والوضع الذي وصلوا إليه اليوم، والتي تعطي دلالة واضحة أن أصحاب المشاريع الصغيرة لا يمكنهم أن يبنوا وطناً.. المجتمع اليمني حيوي يعيش حالة من الصحوة وهو كل يوم يؤكد على ذلك الثبات في المسألة الوطنية ولا يؤخر النطق بها سواء أكان اليوم أم في الأمس أن قوة اليمن تتمثل في بقائه موحداً وهذا الأمر لا يشكل خطراً على أحد، كما أن النظام الجمهوري كان في السابق لم يشكل خطراً على أحد أيضاً..



وفي هذا الصدد يقول الباحث والكاتب السياسي نبيل البكيري: "إن اليمن الجمهوري لم يشكل خطرا على أحد، وإن خطر التقسيم والتشظي للمنطقة سيأتي من مشروع التقسيم لليمن، لافتاً إلى أن مشروع وحدة اليمن كان رافداً لأمن المنطقة العربية واستقرارها كلها، والخليجية تحديداً، فلم يُسجل مطلقاً أي تهديدٍ للخليج منذ صبيحة إعلان قيام الجمهورية اليمنيةفي 22 مايو 1990م ..

*ثوابت وطنية

"ينبغي أن تدرك الغالبية العظمى من اليمنيين، أن يمناً جمهورياً موحّداً، كما أرادته إرادتهم الوطنية الحرّة منذ تأسسها وعلى مدى تاريخ نضالها الطويل الذي تحققت من خلاله كل هذه الثوابت الوطنية، هو المخرج الوحيد لهم من كل هذه الأزمات والحروب والفوضى، وأن الطريق لاستعادة إرادتهم الوطنية والحفاظ على ثوابتهم الوطنية المقدّسة هو تكاتفهم، وأن أي تخلٍّ عن أحد هذه الثوابت هو تخلّ عن اليمن الكبير الذي عرفناه.. الجمهورية والوحدة والديمقراطية ثوابت وطنية مقدّسة عند جلّ اليمنيين، واختتم البكيري قائلا: وحدة 22 مايو كانت وستظلّ خلاصة نضالات اليمنيين الأحرار وحركتهم الوطنية عقوداً، ومن يفكّر بالتخلّي عنها إنما يتخلى عن تاريخه ونضالات آبائه وأجداده، وعن أهم مكتسبات الوطنية اليمنية، ليس ثمّة من مبرّر سياسي أو أخلاقي يمكن أن يُجبر اليمنيين على أن يتخلوا عن وحدتهم التي تمثل رمز وطنيّتهم وكرامتهم واستقلالهم وسيادتهم الوطنية.

*منجز كبير

إن عناصر الرفض والمجابهة تتعزز كل يوم لدى اليمنيين الذي يساند أي توجه نحو تجسيد معنى المواطنة والاتفاق على أن الوحدة جسر لغد أفضل مزدهر بالرغم من المآخذ والإشارات التي قد تنجم عن هكذا فعل إلا أنه يبقى أبدياً خالداً نقياً لا تشوبه اي من هذه التفرعات وهو ما يؤمن به أغلب شرائح المجتمع اليمني.. وهو ما يذهب إليه المحلل السياسي اليمني سمير المسني الذي كان له رؤيته الخاصة غير أنه في الوقت نفسه يؤكد على أن منجز الوحدة كبير بحجم الوطن ومنعطف تاريخي مهم فيقول المسني لـ " الميثاق " إن الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م منعطف تاريخي مهم في حياة شعبنا اليمني.. مشيرا الى انه لا يمكن اختزال تلك المرحلة من خلال استطلاع او مقالة لغرض النشر بل تحتاج الى سلسلة من النقاشات واخضاع المرحلة للبحث عن مكامن السلب والإيجاب التي رافقتها خلال 34 عاماً..

*شراكة وطنية

علينا أن نعرف ما هي الإشكاليات والمعوقات التي أدت إلى تراجع الزخم الثوري تجاه هذا المشروع الوطني الكبير؟ و لماذا تعالت بعض الاصوات النشاز المطالبة بالعودة الى ماقبل 22 مايو 1990م؟ وكيف استغلت قوى الاستكبار العالمي وقوى العمالة في الداخل الظروف الموضوعية بسبب الخلاف السياسي بين الحزبين الأساسيين اللذين ساهما بتحقيق هذا الحلم الوطني؟.. هناك الكثير من الاسئلة التي تحتم علينا البحث فيها وإيجاد المعالجات الجادة لديمومة الوحدة الوطنية (بين جميع الأطياف السياسية والمجتمعية).. ويرى المسني أنه يجب إيجاد صيغة توافقية سياسية تكون هي الأساس لاستنباط حلول لترميم وحماية الوحدة اليمنية؛ ويعتقد أن أهم تلك الحلول تكمن في العودة الى مبادئ وشروط اتفاقية الوحدة وأهمها الشراكة الوطنية التي يجب تمتينها..

*قوى الاستكبار

لا شك أنه وفي أي حدث سياسي تقع أخطاء، لكن الوحدة لم تكن أبداً خطيئة، لقد لازم عمر الوحدة المباركة بعض التجاوزات منها تعثر العملية السياسية والمجتمعية والذي أدى بدوره الى انعدام التفاهم، وهذا أضر بالوحدة المجتمعية أيما ضرر وأصبحت القوى الوطنية عاجزة عن أداء دورها الوطني في إدارة الملفات السياسية الشائكة في البلد لذلك كانت حرب صيف 1994م وهي نتيجة حتمية لعدم وجود انسجام حينها؛ وبالطبع أدى هذا إلى ظهور قوى خارجية استفادت من هذا التباين وغياب الوعي وعملت على خلخلة المفاهيم الوطنية واستبدالها بثقافة مغلوطة أساسها حرف بوصلة الوعي الوطني وفرض منهجية جديدة تستند على الخضوع للإملاءات والوصاية الخارجية عبر مخطط لدول الاستكبار العالمي وقامت بتنفيذه قوى إقليمية معروفة بعدائها للشعب اليمني تعمل حتى هذه اللحظة على ضرب الوحدة الوطنية..

*ثقة وتواصل

يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دوراً محورياً في إعادة المفاهيم وترشيد الخطاب الإعلامي بما يتوافق مع نبل القضية المتمثلة بالوحدة اليمنية.. وقال: على وسائل الإعلام المختلفة أن تقوم بواجبها في غرس المفاهيم الوطنية وتكريسها ونبذ كل ما يغرق ويفضح كل الأدعياء الذين يتغنون بالوطن وهم بعيدون عنه.. وأضاف الحسني: أن حجم التآمر الدولي والإقليمي كبير للغاية لذا علينا أن ننتبه لخطورة تداعياته ونتائجه من خلال تعزيز وحدتنا وتوحيد صفنا الوطني والعودة إلى مبادئ وأهداف الثورة اليمنية وإعادة اللحمة الوطنية ومد جسور التواصل والثقة مع الداخل المحتل (المحافظات الجنوبية) واستعادة الوعي والفكر الوطني لتحقيق ما نصبو إليه مستقبلاً..

*توزيع الثروة

الكاتب الصحفي/ عبدالرقيب البليط أيضاً يُشير إلى أنه من الواجب الوطني والأخلاقي الحفاظ على وحدة اليمن وحماية هذا الحدث العظيم الذي وصفه بأنه تاريخي وفخر لكل عربي.. ويبدأ هذا الأمر بتحرير كل المناطق والمدن والجزر والمياه الإقليمية اليمنية والثروات المختلفة من تحالف العدوان وعملائهم، والعمل على استخدام الثروات الوطنية المختلفة الأستخدام الصحيح ومنح كل محافظة من المحافظات اليمنية حصتها من تلك الثروات بما يفيدها في تنفيذ مشاريعها الاقتصادية والتنموية بمختلف المجالات..
لافتاً إلى أن الأمن أولوية والحفاظ على سيادة اليمن وحمايتها من الأخطار الخارجية والداخلية التي تسعى لزعزعة أمنها القومي واستقرارها.. ونوَّه إلى أن من الضروري التخلص من العنصرية والطبقية والمذهبية الطائفية التي تعمل على تشويه القرآن الكريم والإسلام خدمة للصهوأمريكية بريطانية فرنسية أوروبية؛ والتخلص من كل ثقافتهم غير اللائقة واللاأخلاقية التي يريدون بها إفساد المجتمعات والشعوب العربية والإسلامية وهدم الأوطان وتفكيك عُرى وحدتها، ومنها اليمن.. كما ان من المهم غرس القِيم الإنسانية الإسلامية والأخلاقية والمجتمعية والوطنية والقومية، الأمر الذي يعزز وحدة اليمن وشعبها ويصون ثرواتها المختلفة..

*الاقتصاد أولاً

إن بناء جيش يمني قوي من كل أبناء الشعب اليمني يكون ولاؤه لله ثم الوطن، أمر مهم من أجل الدفاع عن الوطن والشعب؛ ومحافظاً وحامياً لكل المكتسبات التنموية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.. وضرورة إقامة العدل والمساواة والحرية التي كفلها القرآن الكريم والشريعة الإسلامية لكل الشعب اليمني دون أي عنصرية أو تمييز فيما بينهم وممارسة كل حقوقهم المختلفة التي تسهم في تطوير وتحسين الخدمات والمنتجات وكل المجالات وبناء اليمن وشعبها والحفاظ على سيادتها ووحدتها أرضا وإنسانا ومحاربة كل المخططات التآمرية والتخريبية والاحتلالية والاستعمارية بكل أشكالها.. ويشير البليط إلى أن من أهم الجوانب التي تعزز الوحدة اليمنية معالجة الشق الاقتصادي الذي يعاني منه الجميع خصوصا الخريجين الذين يجب استيعابهم وتوظيفهم والاستفادة منهم ومن خبراتهم في البناء والتنمية..

*روح الأخوة

كل هذه الأمور تدعم الثبات في الحرب ومواجهة أعداء الوطن والوحدة.. ويضيف: أن هذا الأمر يؤدي إلى القضاء والتخلص من البطالة وذلك بالاستفادة الأيادي العاملة في تشغيلها بكل المشاريع التنموية والاقتصادية وكل المجالات التي تحقق الاكتفاء الذاتي وتساعد في تطوير وازدهار اليمن وشعبها..
ويختتم البليط حديثه بالإشارة إلى أهمية الحفاظ على العملة الوطنية وتحسين وضعها ورفع قيمتها أمام العملات الأجنبية الأخرى وذلك من خلال رفد خزينة البنك اليمني بكل واردات الثروات الوطنية المختلفة وكل الإيرادات العامة والعمل على تقليص الاستيراد للبضائع التجارية الأجنبية وتصدير المنتجات والصناعات المحلية للخارج والاستفادة من قيمتها في رفد الاقتصاد الوطني؛ كل ذلك برأيي يعمل على شد الروابط ويخلق روح المنافسة المشروعة من أجل الوطن والدفاع عن حياضه ووحدته..

*مشروع جامع

إذاً لا بد من مشروع وطني جامع يستظل به الجميع، الأمر الذي سيحفظ للناس حقوقهم حيث تتآلف القلوب وتتوحد أمام من يحاول شق الصف الوطني.. وعلينا بعثرة آمال وطموحات أصحاب المشاريع القروية والمناطقية التي تجد لها بعض الصدى لدى البعض وسوف تختفي.. صمام الوحدة الوطنية يكمن في أن تتجرد النخب من مصالحها ومشاريعها السياسية التي لا تخدم سوى الخارج.. كما أن التعليم يشكل إحدى الركائز المهمة في تحصين الوعي الجمعي لذلك يرى الكاتب الصحفي/ محمود المغربي أن الحفاظ على الوحدة ينبع من إيجاد مشروع وطني شامل يحقق المصالحة الوطنية والمواطنة المتساوية ويقضي على الفوارق الاجتماعية والمناطقية؛ ويوزع السلطة والثروة توزيعاً عادلاً ويرسخ مبدأ الديمقراطية والشفافية ويصلح أخطاء وسلبيات الماضي بعيداً عن الشعارات الدينية والطائفية والحزبية التي تثير الحساسية في نفوس الكثير من أبناء الشعب اليمني بعد أن تم استغلال تلك الشعارات استغلالاً سيئاً للغاية والمتاجرة بها..
ويلفت المغربي إلى أن المشاريع الوطنية كانت غائبة في أجندة الأحزاب والجماعات وهي ما تحتاجه ويحتاجه الوطن ويبحث عنه كل أبناء الوطن في الشمال والجنوب..
ويختتم حديثه بالقول: إن التعليم وإعادة صياغة محتوى يسهم في غرس الولاء للوطن ووحدته أمر مهم.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66135.htm