أحمد غالب المغلس -
- لا شك أن قرار انتخاب المحافظين خطوة جريئة ومحسوبة تدفع بديمقراطية الحكم إلى الاتجاه التشاركي؛ مثلما تدفع بالمجتمع إلى دائرة ممارسة الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وتحميله المسؤولية الكاملة والمترتبة على اختياره الموفق أو غير الموفق للأشخاص الذين يتولون قيادة وتسيير كل ما يتعلق بالمحافظة وإدارة الحياة اليومية للمواطنين..
إذا كان الانتخاب في المرحلة الأولى للمحافظين اقتصر على هيئة انتخابية مؤلفة من أعضاء المجلس المحلي للمحافظة ومديرياتها، فإن المرحلة القادمة والتالية لها ستتيح الفرصة ليُسهم المجتمع بكل فئاته في تحمل تلك المسؤولية واختيار من يقوم بتسيير إدارة حياته اليومية.
وسيكون التنافس بين الأحزاب السياسية في الساحة اليمنية أكثر، وستدفع بهم إلى بلورة برامجهم وخططهم ومشاريعهم إلى واقع وحياة الناس، يلمسونها ويتعايشون معها ويقيمونها وفق نجاح مرشيحه أو إخفاقهم في المهمة.
ما يهمنا في هذه المرحلة هو ألا يمارس أعضاء المجالس المحلية الأخطاء عندما يعطى لهم حق الاختيار، وأن يستشعروا عظمة الأمانة الوطنية وليست الحزبية ويختاروا الرجل المناسب ليشغل الوظيفة ويقوم بالدور ويحقق المقاصد الاجتماعية، وألا يكون تكتلهم مناطقياً في عمق أحزابهم أو الدافع وراء اختيارهم، فتضيع أحلام وتطلعات الناس، وتتجاذبها أوهام الأضواء وأغراض الشللية المريضة، وتكون النتيجة في النهاية إفراغ المنجز الديمقراطي من أهدافه، وتمييعه فلا يجد المواطنون للتغيير أثراً في حياتهم ومعاشهم ومعاناتهم أيضاً.
الفرصة ذهبية لنثبت من خلالها قدرتنا وكفاءاتنا على قيادة مجتمعنا، وتحقيق النهضة التنموية، والدفع بالقادرين والمبدعين والنزيهين والمتميزين إلى دائرة العمل الاجتماعي المنظم، بعيداً عن المصالح الذاتية والحزبية الضيقة.
ثمة أهمية كبيرة للرقابة والمتابعة والمحاسبة والتقييم المنصف لكل خطوة، والتزام الشفافية العالية في توفير المعلومات والبيانات والأرقام التي حققناها في خطواتنا تلك، وأن تكون النزاهة وصحوة الضمير ومراقبة الله في كل أعمالنا شعارنا والتزامنا معاً، حتى نستعيد ثقة المجتمع بكفاءات وقدرات ونظافة أبنائه، وأن التغيير الاجتماعي والاقتصادي والتنموي هدفهم الأول.
هنالك أمر آخر من الأهمية بمكان استحضاره أثناء ممارستنا عملية الاختيار والانتخاب للمحافظين، وهو عظمة الأمانة الوطنية التي تتحملها الهيئة الناخبة كونها قد أوكل إليها تدشين المرحلة الأولى لهذا المنجز الديمقراطي المنتظر.
واستشعارهم تلك الأمانة وهم يختارون الرجل المناسب لقيادة المحافظة بغض النظر عن منطقته، وفي هذا المقام وجب على الجميع التفكير بدفع وجوه جديدة نزيهة الضمير ونظيفة اليد وتمتلك النشاط والمقدرة والكفاءة وتتسم بالمرونة وتترفع في كل خطواتها وحراكها عن ثقافة المنطقة والشلة والحزب، تعتقد بأن جهدها وعطاءها ونضالها وتضحيتها ثمرة توصلها العدالة والمساواة إلى كل مديريات ومناطق وقرى المحافظة بلا استثناء.
إننا نبحث عن رجال تتوافر فيهم الأمانة والقوة في الحق، يحفرون أسماءهم وذكراهم ونضالهم في أنصع صفحات التاريخ الوطني والإنساني، يكبرون بكبر وسعة وعظمة الوطن اليمني وشعبه.
ونعدهم إن حققوا الأهداف وحرروا اليمنيين من الفساد والفقر وصنعوا معجزات التغيير أننا سنصنع لكل من ينجح منهم تمثالاً رائعاً شبيهاً بتمثال "سعد زغلول" زعيم النهضة المصرية الحديثة.
فهل إلى تلك العظمة من سبيل؟!.