الميثاق نت -

الإثنين, 08-يوليو-2024
توفيق‮ ‬عثمان‮ ‬الشرعبي -
قبل مايزيد عن أربعة عقود وتحديداً عام 1982م أدرك اليمنيون ضرورة الانتصار لفكرة الدولة الوطنية الديمقراطية التي يجب أن تتجاوز مفهوم السلطة السياسية التاريخية، فخطوا خطوتهم الوطنية التي تعد الأهم في تاريخ اليمن منذ قيام الثورة »سبتمبر واكتوبر« وحتى اليوم والمتمثلة بتلك الوثيقة التاريخية التي صاغتها كل القوى الوطنية الفاعلة وتم الاستبيان الشعبي عليها لتكون ( ميثاقاً وطنياً ) ينشدون من خلاله الدولة المدنية الحديثة.. محددين من أجل ذلك خمس حقائق للانطلاق نحو المستقبل تتمثل في أن الشعب اليمني لم يصنع حضارته القديمة إلا في ظل الاستقرار والأمن والسلام ، ولم يتحقق له ذلك إلا في ظل وحدة الأرض والشعب والحكم ولم تتحقق له الوحدة إلا في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية ، وأن العقيدة الإسلامية هي ضمير الشعب الذي يستحيل بدونه الاندفاع إلى الأمام ، فبالشريعة الإسلامية الحقة يكون المجتمع قادراً على فهم واقعه وتكوين النظرة السليمة لحاضره ومستقبله ، وضمان الوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .. وأن التعصب الأعمى لا يثمر إلا الشر ، وأن محاولات أي فئة متعصبة للقضاء على الآخرين ،أو إخضاعهم بالقوة قد فشلت عبر تاريخ اليمن كله ، وأن المجتمع بدون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية غير قادر على تعزيز وحدته ، وغير قادر على استغلال ثروته المادية والبشرية وإحداث التطور والتقدم والحفاظ على السيادة الوطنية ، وأن المجتمع كان وما يزال يؤكد رفضه لأشكال الاستغلال والظلم مهما كانت أصولها ومصادرها‮ ‬،‮ ‬وحرصه‮ ‬على‮ ‬الاستقرار‮ ‬والأمن‮ ‬والإيمان‮.‬

لحظة‮ ‬تاريخية
إن هذه الحقائق تعكس النظرة العميقة لمتطلبات البدء بالعملية التاريخية لشعب قدم من أجل غايته المنشودة التضحيات الجسام على مدى عقود من الزمن ، ورغم كثافة فعله الثوري إلا أنه وعقب كل حركة وثورة كان يجد نفسه في واقع يعيد إنتاج سلطة اللادولة فيغرق مجدداً في الصراعات‮ ‬والنزاعات‮ ‬والحروب‮ ‬الأهلية‮ ‬والانقلابات‮ ‬ويبتعد‮ ‬أكثر‮ ‬عن‮ ‬تحقيق‮ ‬ما‮ ‬يطمح‮ ‬إليه‮ ‬من‮ ‬دولة‮ ‬حديثة‮..‬

لكنه - أي الشعب اليمني - في سبيل تحقيق ذلك اقتنص اللحظة التاريخية المناسبة مطلع الثمانينيات للخروج عبر الحوار الواسع لممثلين عن مختلف شرائح المجتمع من أجل صياغة مشروع رؤيوي وطني للانتقال إلى المستقبل اللائق بشعب يستند إلى حضارة عريقة ، فكان » الميثاق الوطني‮ « ‬أهم‮ ‬ما‮ ‬توصل‮ ‬إليه‮ ‬الشعب‮ ‬انتصاراً‮ ‬لفكرة‮ ‬الدولة‮ ‬والتخلص‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬مكونات‮ ‬الممانعة‮ ‬لهذه‮ ‬الفكرة‮.‬

أهم‮ ‬وثيقة‮ ‬بيد‮ ‬الشعب
وعندما نقول بأن » الميثاق الوطني « يُعد المشروع الأهم لبناء الدولة فإننا ننطلق في تأكيدنا هذا من مقياس الوعي السياسي الثوري في بلد ضحى ولا يزال بخيرة أبنائه للتحول إلى دولة مدنية ديمقراطية تحكم ككيان سياسي وطني وتمتلك جيشاً وطنياً قادراً على حماية الأمن والاستقرار‮ ‬والدفاع‮ ‬عن‮ ‬وحدة‮ ‬وسيادة‮ ‬واستقلال‮ ‬الوطن‮.‬
ومن خلال وقفة أمام مضامين » الميثاق الوطني « كأهم وثيقة بيد الشعب صادقة وواعية وواضحة الرؤية سنجد أنه يمكن - اليوم أكثر من أي وقت مضى - الاستناد إلى هذا » المشروع الوطني الرؤيوي « للخروج بالبلاد من الأزمة الراهنة والمضي نحو تحقيق الدولة التي تضمّن هذا الميثاق معالمها الواضحة ومرتكزاتها الأساسية المنبثقة من العقيدة والشريعة الإسلامية ورفض أية نظرية في الحكم أو الاقتصاد أو السياسية أو غيرها تتناقض مع ذلك ، ومقاومة البدع الفاسدة والأباطيل الدخيلة على الدين ، بالعودة إلى المنابع الصافية للعقيدة ، كتاب الله وسنة‮ ‬رسوله‮ ..‬
بحيث تكون الأسس الدستورية الواضحة التي تضمن السيادة الشعبية والتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة وحق المعارضة في إطار الالتزام بالدستور ، وتحقيق العدل والتكافل الاجتماعي ، وترسي مبدأ سيادة القانون ، واستقلال القضاء وتضمن تكافؤ الفرص أمام الجميع والنمو في جميع المجالات وصولاً إلى بناء مجتمع سليم فاضل يؤمن بأن الولاء لوطنه مبدأ شريف لا ينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية ، أياً كان شكلها أو نوعها ، وأن الولاء الوطني ليس شعاراً غامضاً مهزوزاً في ضمير الإنسان ، ولكنه عقيدة تتجسد سلوكـًا والتزامـًا للحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله باعتبار ذلك قمة المصلحة العليا للوطن ، وأي تبعية خارجية مادية أو فكرية أو التزام تنظيمي ، يعتبر خيانة وإضراراً بمصلحة الوطن العليا ، وإخلالاً بالولاء الوطني الذي لا يعني - هنا - الانغلاق المتنافي مع الانفتاح العلمي والاستفادة من كل نافع ومفيد من تجارب الآخرين وأفكار وحضارة العصر بما لا يخل ولا يتناقض مع عقيدتنا الإسلامية وأهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ، ولاءً يحافظ على الوحدة الوطنية ، والابتعاد عن التعصب الطائفي ، أو السلالي ، أو القبلي أول الحزبي .. وغيرها من التعصبات التي تمزق‮ ‬الوحدة‮ ‬وتضر‮ ‬بمصلحة‮ ‬المواطن‮ ‬والوطن‮..‬

الوحدة‮ ‬الوطنية
ولعل المرحلة التي تمر بها بلادنا اليوم تقتضي ضرورة توحيد الجبهة الداخلية في موقف وطني موحد ، يقوم على أسس محددة المعالم في جميع مجالات الحياة سياسيـًا واقتصاديـًا واجتماعيـًا وثقافيـًا ، وهذا هو ما اشتمل عليه مشروع » الميثاق الوطني « الذي لو كانت المؤسسات عملت به لكانت كل المحاولات الخارجية قد عجزت عن جر الحاكم أو المواطن إلى أي شكل من أشكال التبعية والحروب بالوكالة ، لأن بالوحدة الوطنية يستطيع الشعب مواجهة كل المخاطر التي تهدد كيانه واستقراره وسيادته الوطنية.
لقد اشتمل » الميثاق الوطني « على المبادئ والقضايا الأساسية التي تهم الجميع بهدف الوصول إلى تلاحم جميع الفئات والعناصر الوطنية - شعبـًا وحكمـًا - في موقف واحد يتحرك في ظل الاستقرار والأمن باتجاه تأكيد وترسيخ قواعد الحكم الجمهوري على أسس ديمقراطية حقيقية وتجسيد أهداف الثورة فكراً وسلوكاً ، ورفع عجلة التنمية من أجل بناء دولة مدنية حديثة يتساوى فيها الجميع أمام القانون ، ويضمن فيها المواطن حريته وحقه في التعبير عن رأيه وفكره بكل وسائل التعبير ، والتمتع بكافة حقوقه السياسية والمدنية وحق المشاركة في النشاط العام وضمان حرية التنقل ، وحرية اختيار العمل ، وضمان حريته في بيته ووطنه ، فلا يعتدى عليه بظلم أو قتل أو سلب ، ولا يجوز اقتحام بيته ولا الدخول إليه إلا بإذنه ولا يجوز اخضاعه للرقابة والتفتيش ، أو مؤاخذته بالتهمة أو بالظن ، ويحرم تحريمـًا قاطعـًا إخفاء مكانه عن أهله‮ ‬وذويه‮ ‬،‮ ‬كما‮ ‬يحرم‮ ‬تحريمـًا‮ ‬قاطعـًا‮ ‬استخدام‮ ‬أية‮ ‬وسيلة‮ ‬من‮ ‬وسائل‮ ‬التعذيب‮ ‬النفسي‮ ‬والجسدي‮ ‬ضد‮ ‬أي‮ ‬مواطن‮ ‬مهما‮ ‬كانت‮ ‬الأسباب‮.‬

حكم‮ ‬الشعب‮ ‬نفسه‮ ‬بنفسه
اليمنيون شددوا في » ميثاقهم الوطني « على أهمية الديمقراطية في دولتهم المنشودة باعتبار الديمقراطية المتكاملة - فكراً وسلوكـًا - هي الضمانة الأساسية لحماية الحريات ، والديمقراطية التي آمنوا بها هي ديمقراطية إسلامية تعلو على مفهومي الفوضوية والديكتاتورية بجميع أشكالها ، ديمقراطية تتحقق بها كرامة الفرد ، وعزة الجماعة ، بحيث يكون الشعب هو المرجع في كل سلطان ، وبحيث لا سيادة لنسب ، ولا لمال ، ولا لفرد ، ولا لطائفة أو شلة من الناس ، وبحيث يكون الحوار الواعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق حياة أفضل للجميع ، وأن ما تختاره‮ ‬الأكثرية‮ ‬يصبح‮ ‬قرار‮ ‬الجميع‮ ‬الملزم‮.‬

استقلالية‮ ‬القضاء‮ ‬
إن حماية الحقوق والحريات في دولة ينشدها الشعب لن تتم إلا بتوفير ضمانات وهذا لن يكون إلا في ظل ضمان استقلال السلطة القضائية ماليـًا وإداريـًا وقضائيـًا وتحريم أي تدخل في أعمال القضاة من خارج السلطة القضائية وعدم خضوعهم إلا لسلطان الشريعة والقانون النابع منها‮.‬
ولكي يرتفع القضاة والمؤسسات القضائية إلى هذا المستوى الرفيع يجب تطهير سلطة القضاء من أي عنصر لا تؤهله كفاءته أو لا تؤهله نزاهته للبقاء داخل السلطة القضائية ، والعمل على اختيار القضاة ممن تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة والإيمان الصادق ، وهذا التطهير يجب أن يتم‮ ‬بواسطة‮ ‬السلطة‮ ‬القضائية‮ ‬نفسها‮ ‬ولا‮ ‬يجوز‮ ‬أن‮ ‬يأتي‮ ‬من‮ ‬خارجها‮.‬

الحكم‮ ‬المحلي‮ ‬
لا يقاس تكوين الدول الحديثة بأعمار ثوراتها وحركاتها النضالية وإنما بما حققت من رؤى واضحة لمستقبلها ومن خلال ما انجزت من مؤسسات وهياكل تنفيذية واجتماعية واقتصادية وثقافية، مستفيدة في ذلك من تجاربها المحلية وتجارب الآخرين من خلال الدراسة الموضوعية لتلك التجارب ومعرفة الآثار السلبية لمحوها وتجنبها والآثار الإيجابية لتقويتها وتطويرها ، وهذا ما سعى إليه اليمنيون في » الميثاق الوطني « ليصلوا إلى بناء الدولة الحديثة بناءً سليمـًا شاملاً .. مدركين أنهم لن يصلوا إلى هذه الغاية إلا إذا تم تفعيل مبدأ المشاركة الشعبية الشاملة عن طريق تطبيق نظام الإدارة المحلية بحيث يختار المواطنون في كل محافظة مجلسهم المحلي عبر الانتخابات ليتولى كل مجلس إدارة محافظته وحل مشاكلها وتنفيذ مشاريع التنمية فيها طبقـًا للسياسة والخطة العامة والقوانين الصادرة من السلطات المركزية حيث ستمثل المجالس‮ ‬المحلية‮ ‬قنوات‮ ‬طبيعية‮ ‬تستمد‮ ‬منها‮ ‬الدولة‮ ‬المركزية‮ ‬قوتها‮ ‬وتواجدها‮ ‬الفعال‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬أجزاء‮ ‬الوطن‮ ‬،‮ ‬وقدرتها‮ ‬على‮ ‬حماية‮ ‬الأرض‮ ‬والسيادة‮ ‬والاستقلال‮ ‬،‮ ‬وحماية‮ ‬حقوق‮ ‬ودماء‮ ‬وأموال‮ ‬وحريات‮ ‬المواطنين‮ ‬جميعـًا‮.‬
وها هي المرحلة الراهنة التي يعيشها اليمن تؤكد أن منح المجالس المحلية حكماً كامل الصلاحيات سيحمي الوحدة الوطنية من مشاريع ومخططات التمزيق وليس هناك ما يضير اليمن الموحد من أن يكون لكل محافظة من المحافظات شخصيتها الطبيعية المتبلورة بدرجة أو بأخرى داخل الإطار‮ ‬العام‮ ‬المشترك‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬هذا‮ ‬التنوع‮ ‬والتباين‮ ‬في‮ ‬البيئات‮ ‬إنما‮ ‬يثري‮ ‬الشخصية‮ ‬اليمنية‮ ‬العامة‮ ‬ويجعلها‮ ‬متعددة‮ ‬الجوانب‮ ‬والأبعاد‮.‬

الاقتصاد‮ ‬والتنمية
كما أن » الميثاق الوطني « أعطى الاقتصاد أهمية قصوى في بناء الدولة الحديثة ، مؤكداً على أن يكون اقتصاداً قويـًا منبثقـًا عن تصور سليم من عقيدتنا يربط بين المادة والروح وبين الحرية وضوابطها ، قائمـًا على التخطيط العلمي والبرمجة ، متسمـًا بالنظرة الشمولية لتحقيق سياسة اقتصادية تنقل الشعب من مرحلة الاعتماد على الاستيراد والتمويل الخارجي ، إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس وذلك من خلال مرتكزات أساسية للانتعاش الاقتصادي المتكامل في شتى الميادين والمتمثل في البناء الهيكلي الأساسي الذي يعني التوسع في بناء الموانئ والطرق والمطارات والمؤسسات الخدمية والمرافق العامة ومشاريع المياه والطاقة الكهربائية للصناعة والاستهلاك العام ....إلخ، بالإضافة إلى إعطاء أهمية للزراعة وتوفير كل ما يحتاج له المزارع من خطط ووسائل عصرية وخدمات وإرشادات ، وكل مايحتاجه المجال الزراعي‮ ‬من‮ ‬بنية‮..‬
ومثلها‮ ‬الثروة‮ ‬السمكية‮ ‬التي‮ ‬تعد‮ ‬من‮ ‬أهم‮ ‬الموارد‮ ‬الطبيعية‮ ‬التي‮ ‬يجب‮ ‬التركيز‮ ‬على‮ ‬حسن‮ ‬الاستفادة‮ ‬منها‮ ..‬
مع إعطاء الصناعة والتجارة أولوية في خطط الدولة وجعلها محوراً رئيسيـًا للنشاط الإنمائي ، فالدول المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بعد أن أوجدت لها موارد كافية وثابتة ضمنت بها رخاء مجتمعاتها وسعادة مواطنيها..
ولم‮ ‬تغفل‮ ‬رؤية‮ » ‬الميثاق‮ ‬الوطني‮ « ‬أن‮ ‬الخطط‮ ‬الاقتصادية‮ ‬والتنموية‮ ‬مهما‮ ‬بلغت‮ ‬دقتها‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬تحقيقها‮ ‬وتنفيذ‮ ‬ما‮ ‬جاء‮ ‬فيها‮ ‬من‮ ‬مشاريع‮ ‬دون‮ ‬وجود‮ ‬العنصر‮ ‬البشري‮ ‬المؤهل‮ ‬القادر‮ ‬على‮ ‬الإنتاج‮.‬
ولأن التطلع إلى المستقبل الأفضل والتفاعل مع التقدم العلمي والحضاري والاندفاع مع حياة العصر فكراً وسلوكـًا ، يتطلب الارتباط بالقيم الروحية والحضارية من أجل القدرة على التفكير المستنير المتجدد مع تطور الحياة واستيعاب الحضارة الإنسانية المعاصرة مع الاحتفاظ بالشخصية اليمنية في إطار العقيدة الشاملة لتجنب الوقوع في التيه والضياع .. فقد شدد اليمنيون في ميثاقهم الوطني على ضرورة إيلاء التربية والثقافة أهمية في بناء الدولة ، مدركين أن الثقافة في أي مجتمع من المجتمعات تعبير عن عقيدته وأفكاره وتجاربه ومواقفه واتجاهه ،‮ ‬وأن‮ ‬التربية‮ ‬هي‮ ‬الأساس‮ ‬في‮ ‬تحديد‮ ‬نوع‮ ‬الثقافة‮ ‬ومسارها‮ ‬وأبعادها‮ ‬،‮ ‬بما‮ ‬لها‮ ‬من‮ ‬قدرة‮ ‬توجيهية‮ ‬للفكر‮ ‬والضمير‮ ‬والسلوك‮ .‬
منوهين إلى أن الاهتمام بوسائل التربية والثقافة والإعلام وتوجيهها ، هو اهتمام بحياة الفرد والجماعة في مجتمعنا والبلوغ بالشعب إلى مستوى الحصانة والمتانة والتفاعل مع تطور الحياة وصولاً إلى مجتمع الرفاهية والسعادة.

حُماة‮ ‬الوطن‮ ‬وحراس‮ ‬المواطن
وحفاظاً على الدولة وحراسة الثورة فقد أولى ( الميثاق الوطني ) كمشروع لبناء ( الدولة الحديثة ) أهمية بالهدف الثاني لثورة 26 سبتمبر الذي ينص على: ( بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها )، مؤكداً على أن بناء القوات المسلحة يجب أن يتركز على الكيف‮ ‬قبل‮ ‬الكم‮ ‬إعداداً‮ ‬وتدريباً‮ ‬وتسليحاً‮ ‬وتعليماً‮ ‬،‮ ‬بحيث‮ ‬يكون‮ ‬الولاء‮ ‬أولاً‮ ‬وأخيراً‮ ‬لله‮ ‬الوطن‮ ..‬

وإذا كان بناء القوات المسلحة لحماية الوطن واستقلاله وسيادته أمراً في غاية الأهمية فإن استكمال بناء قوات الشرطة على أسس حديثة وعلمية يضارع في أهميته نفس الأهمية لاستكمال بناء القوات المسلحة ، فحماية أمن وسلامة المواطن والمجتمع ومكافحة التجسس والنشاطات المعادية‮ ‬للبلاد‮ ‬وأمنها‮ ‬واستقرارها‮ ‬لا‮ ‬يقل‮ ‬أهمية‮ ‬عن‮ ‬حماية‮ ‬حدود‮ ‬الوطن‮ ‬واستقلاله‮.‬

السياسة‮ ‬الخارجية
وبحكم الموقع الجغرافي لليمن وكثافتها السكانية فقد ظلت عبر مراحل التاريخ تلعب أدواراً فعالة في المنطقة وستظل كذلك تؤدي دوراً أكبر وتترك أثراً ملموساً في الساحة العربية والدولية ، ولهذا ركز » الميثاق الوطني « على السياسة الخارجية لليمن والتي ينبغي أن تقوم على انتهاج سياسة الانفتاح في التعامل مع مختلف الدول في إطار أسس تتمثل بألا يمس التعامل كرامة الدولة واستقلالها السياسي والاقتصادي ووحدة أراضيها وشعبها ، وأن تقوم العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والتعامل المتكافئ ، وألا تتجاوز حدود المصالح الأساسية للبلاد ، وأن تكون العلاقات مع دول شبه الجزيرة العربية والخليج واضحة متكافئة كوسيلة من وسائل السعي المتواصل لتحقيق تعاون عربي شامل يدفع بقضية الوحدة العربية الشاملة خطوات إلى الأمام ، وأن يستمر التزامنا بسياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز في الصراعات الدولية ، وأن‮ ‬نبقى‮ ‬في‮ ‬غاية‮ ‬اليقظة‮ ‬والحس‮ ‬المرهف‮ ‬حتى‮ ‬لا‮ ‬نقع‮ - ‬دون‮ ‬أن‮ ‬نشعر‮ - ‬فريسة‮ ‬لنفوذ‮ ‬الاستعمار‮ ‬الجديد‮ ‬الذي‮ ‬يتستر‮ ‬وراء‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬الأقنعة‮ ‬البراقة‮ ‬المادية‮ ‬والفكرية‮ ‬ليخفي‮ ‬الوجه‮ ‬القبيح‮ ‬للاستعمار‮ ‬القديم‮..‬

ختاماً‮..‬
وبعد هذا الاستعراض المختصر لأبرز معالم الدولة التي نشدها اليمنيون من خلال » الميثاق الوطني « نستطيع أن نجزم بأن هذه ( الوثيقة ) تعد ( مشروعـًا رؤيويـًا وطنيـًا ) يمكن لأي سلطة وطنية » الاتكاء « عليها ، لبناء دولة مدنية حديثة..
أعتقد‮ ‬أن‮ ‬من‮ ‬الغباء‮ ‬السياسي‮ ‬لأي‮ ‬جهة‮ ‬كانت‮ ‬أن‮ ‬تنظر‮ ‬لـ‮ » ‬الميثاق‮ ‬الوطني‮ « ‬على‮ ‬أنه‮ ‬مجرد‮ ( ‬دليل‮ ‬فكري‮ ) ‬للمؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮..‬
فهذا‮ ‬الميثاق‮ ‬الذي‮ ‬تم‮ ‬الإجماع‮ ‬عليه‮ ‬يحمل‮ ‬رؤية‮ ‬تتسع‮ ‬لجميع‮ ‬اليمنيين‮ ‬وتلبي‮ ‬تطلعات‮ ‬كافة‮ ‬أبناء‮ ‬الشعب‮ ‬للمستقبل‮ ..‬
ولا نغفل هنا أن نشير إلى أن المرحلة الراهنة تفرض على المؤتمر الشعبي العام قبل غيره ، تفعيل أنشطته واستلهام رؤاه من مضامين هذا المشروع الرؤيوي الوطني بامتياز انتصاراً لفكرة الدولة المدنية الحديثة.


تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 08-يوليو-2024 الساعة: 04:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66288.htm