الميثاق نت -

الإثنين, 08-يوليو-2024
استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
لاشك أن الوحدة الوطنية أحد المداميك الرئيسية في بناء الدول وازدهارها، لذلك تكون في طليعة الاهتمامات لدى الحكومات في تقوية هذه الرابطة التي من شأنها تقوية الأواصر البينية لدى أفراد الشعب وتمتينها ، وبالتالي أي اختراق في هذا الجانب يشكل تهديد للأمن القومي بل ولوجود الدولة نفسها، لذلك تعمل الدول على اتباع عدة وسائل وأساليب لتحقيق مثل هذا التماسك والتكامل منها ماهو قانوني واجتماعي وثقافي واقتصادي، تدور كلها حول تعميق الرغبة في العيش المشترك لدى قطاعات ومكونات المجتمع، والحفاظ على التعددية في إطار الانتماء الوطني الشامل وإيجاد مناخ ملائم لكبح حدة الاختلافات بين فرقاء العمل السياسي والجماعات كما ان منظمات المجتمع المدني يجب أن تلعب دوراً في هذا الجانب، بما يجعل التعدد والتنوع مصدر ثراء وقوة، وليس مصدر تهديد أو ضعف يعاني منه المجتمع..
اعتقد اننا في اليمن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الانتباه لهذه المسألة المهمة ، خصوصاً ونحن نشهد هذا النزيف والاستلاب لمفهوم الوطن والمواطنة والهوية وغيرها من المفاهيم، التي أضحت وللاسف في مزاد المتاجرة السياسية لكسب مصالح حزبية او شخصية ضيقة من قبل بعض القوى ، أن هذه المفاهيم الآنفة الذكر يجب أن تؤصَّل في النشء، تبدأ من الأسرة التي تتولى صياغة شخصية الطفل منذ الولادة، فتخلق لديه منذ البداية أبجديات ولائه وانتمائه وأولويات توجه مشاعره وتشكيل وجدانه السياسي ،والتي تتطور فيما بعد إلى شكل " المواطن الصالح " الذي ينشده مجتمعنا ، كما لا ننسى دور التعليم ومؤسساته والإعلام والجامع في غرس وتطوير قيم المواطنة وحب الوطن وقداسته ووحدته وأهدافه وقيمه، ورسم صورة لمستقبل نهضته وتفرده في ظل تماسك أبنائه وقوة إرادته ووحدة الشعب و تعزيز وحدة الدولة وسيادتها وسموها وحماية مقوماتها‮ ‬وأركانها‮ ‬الأساسية‮ ‬وهي‮ ‬الشعب‮ ‬والسيادة‮ ‬ويتعاظم‮ ‬دور‮ ‬الإعلام‮ ‬وبالذات‮ ‬لدى‮ ‬الشباب،‮ ‬خصوصاً‮ ‬ونحن‮ ‬نعيش‮ ‬تحت‮ ‬تأثير‮ ‬تطور‮ ‬تقنيات‮ ‬الاتصال‮ ‬الجماهيري‮ ‬وشبكات‮ ‬الانترنت‮ ‬والتواصل‮ ‬الاجتماعي‮.. ‬
فالخطاب الديني يلعب هنا دوراً في توحيد صفوف الأمة وتماسكها وترابطها ، خصوصاً وقت الأزمات.. وتكتسب هذه المؤسسات الدينية أهمية نتيجة لما يتميز به الشعب من عاطفة دينية وتديُّن واحترام وأولوية يمنحها أبناء المجتمع للرموز الدينية .

بناء‮ ‬المستقبل
الكاتب والباحث محمد محفوظ يقول ان "ثمة ضروريات وطنية واستراتيجية باستمرار،لتظهر العناصر الأساسية في قوة الإجماع الوطني ،وسبل تجاوز الأخطاء والثغرات التي تعرقل بناء المستقبل على أسس ومبادئ تزيد من فرص التطور الوطني ،وتشحذ همم المواطنين نحو الأهداف العليا والتطلعات الكبرى للإجماع الوطني والتفتيش الجاد عن إمكانيات وشروط نجاح المستقبل، لافتاً إلى "أن الوحدة الوطنية مرهونة في كثير من أبعادها وآفاقها ، بإمكانية وجود فضاء سياسي وثقافي واقتصادي مشترك، وهذا الفضاء نتاج مشترك ومتراكم.. مشيراً إلى" أن جميع المكونات الثقافية والاجتماعية تساهم في تشكيله وتعمل على تقعيد اسسه ومبانيه الاجتماعية والثقافية.. وأضاف: "الوحدة الوطنية ليست مقولة ناجزة ، وإنما هي عبارة عن فضاء مفتوح لكل الجهود والمكونات لتعبر عن دورها ووظيفتها ومسئوليتها في إطار وسياق تعميق موجبات الوحدة الوطنية ، وان تجاوز التراتبيات الماقبل الوطنية إذا جاز التعبير ،يعتمد اعتماداً رئيسياً على قدرة الفضاء المشترك وعلى فسح المجال الفعلي لكل المكونات للمشاركة في صياغة هذا الفضاء واثرائه بالمضامين الوطنية والحضارية ، ونعني بالمضامين التي تتجاوز الخصوصيات ليس عن طريق‮ ‬القفز‮ ‬عليها‮ ‬وإنما‮ ‬عبر‮ ‬استيعابها‮ ‬وامتصاص‮ ‬ايجابياتها‮ ‬والعمل‮ ‬الموضوعي‮ ‬والبعيد‮ ‬عن‮ ‬نزعات‮ ‬الصدام‮ ‬والتهميش‮ ‬لتهذيبها‮ ‬على‮ ‬المستويين‮ ‬الاجتماعي‮ ‬والثقافي‮.‬

عامل‮ ‬مهم
الكاتب والمحلل السياسي عبدالرقيب البليط يعتبر أن الوحدة الوطنية اليمنية هي القوة الرئيسية والأساسية وأحد الممكنات في بقاء الالتحام ، والذي يعطي لليمن وشعبها قوة دافعة كما يشكّل المكان أيضاً عاملاً مؤثراً "جغرافياً" وايضا العامل السياسي والاقتصادي والعسكري، وهي بالتالي حسب رأيه " تحطم كل مؤامرات الأعداء ومخططاتهم التآمرية والتخريبية والاحتلالية والاستعمارية ومأربهم الخبيثة وأهدافهم القذرة التي يسعون لها من الأزل.. ويضيف البليط في هذا الصدد: أن الوحدة الوطنية اليمنية تمثل قوة استراتيجية وحامية لكل دول الجوار الجغرافي والإقليمي لما تتميز به اليمن من موقع جغرافي وتربط بين قارة آسيا وأفريقيا وأوروبا من خلال امتلاكها لمضيق باب المندب وخليج عدن بالبحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي وامتلاكها لمساحة جغرافية واسعة وكثافة سكانية والعديد من الثروات الطبيعية المختلفة وكل‮ ‬المقومات‮ ‬الأساسية‮ ‬والسياسية‮ ‬والعسكرية‮ ‬والاقتصادية‮ ‬والتنموية‮ ‬التي‮ ‬تمكنها‮ ‬من‮ ‬النهوض‮ ‬والبناء‮ ‬والتنمية‮ ‬نحو‮ ‬التطور‮ ‬والتقدم‮ ‬والازدهار‮..‬

تعميق‮ ‬الوحدة
يشير البليط إلى "أن هناك عوامل في تمكين وتقوية هذه الرابطة في مواجهة التحديات الراهنة التي تمكنها من التغلب عليها وإزالتها وذلك من خلال ما أسماه بالوعي القرآني والديني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي وكذا التنموي والسياسي والعسكري والفكري والإعلامي من خلال تكريس وتعميق مبدأ الوحدة الوطنية ، الذي يكون مقاوماً لأي مساومات ومهما كانت المبررات للنيل من الوطن، والتي يستخدمها البعض كفزاعة لتنفيذ مخططات وتآمر الأعداء المستعمرين ، داعياً الى أن تتحلى كافة الأحزاب والمكونات السياسية بالوطنية والعمل الجاد والبناء في مختلف المجالات المختلفة لما يكون في مصلحة اليمن وشعبها.. كما انه يجب ان يعي ويفهم الجميع أن الحزبية هي مجرد أفكار سياسية تترجم بالعمل الوطني الخالي من كل الأفكار العدوانية والاستعمارية والمخططات التآمرية التي تستخدم للتشطير والخراب والتدمير والهدم فيجب التخلص من كل بؤر الاحتلال والاستعمار وتحرير كل المناطق والمدن والجزر والمياه الإقليمية اليمنية المحتلة ، وعدم القبول بالتدخلات العدوانية الاستعمارية في السياسة الداخلية والخارجية لليمن ،والحفاظ على سيادتها ووحدتها أرضاً وإنساناً.

روح‮ ‬وطنية
علينا محاربة كل المخططات التآمرية والاحتلالية والابتعاد عن الأحقاد والعنصرية والطائفية والمذهبية ذات التطرف الديني والطبقية وكل أشكال الهدم والتعصب الأعمى والحزبية التي تسعى لتفكيك النسيج الاجتماعي والسياسي والعسكري والاقتصادي وفي مختلف المجالات.. وأضاف البليط: "على الجميع أن يعمل كشعب يمني مسلم بروح الوطنية اليمنية والمحبة والتآخي والتسامح وبيد واحدة تعمل للبناء والتنمية وليس الهدم، والحفاظ على ثروات الوطن المختلفة وإدخال عائداتها المادية في خزينة الدولة العامة لتكون مردوداً لكل المحافظات اليمنية لتأخذ نسبها المستحقة لتسيير أمورها ومشاريعها التنموية والاقتصادية وكل المجالات المختلفة التي هي ضمن خطتها التشغيلية السنوية.. وانتهى الكاتب بأنه يجب إيجاد الحلول المناسبة في تشغيل الأيدي العاملة وتوظيف الخريجين في كافة المجالات بموجب تخصصاتهم وتوفير كافة الخدمات اللازمة‮ ‬للمواطنين‮ ‬كافة‮ ‬وصرف‮ ‬مرتبات‮ ‬الموظفين‮ ‬مدنيين‮ ‬وعسكريين‮ ‬ومتقاعدين‮ ‬شهرياً‮ ‬وبشكل‮ ‬منتظم‮ ‬وبدون‮ ‬استثناء‮ .‬

احترام‮ ‬الآخر
بدوره يرى الكاتب الصحفي محمود المغربي أن بالإمكان تنمية الوحدة الوطنية لكن تكون مشروطة بالمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للثروة وعدم احتكار السلطة بيد فئة أو طائفة أو منطقة وتفعيل مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع واحترام حرية وفكر وثقافة كافة الأطراف وعدم فرض فكر أو ثقافة طرف على طرف آخر.. لافتاً الى الابتعاد عن التطرف الديني والسياسي والاستبداد بالرأي والتخلى عن المركزية في الحكم والإدارة والتوجه نحو اللامركزية وتفعيل قانون السلطة المحلية ومنح السلطات المحلية المزيد من الصلاحيات والاستقلال في اتخاذ القرار بما يمكن لأبناء المحافظات ويعطيهم الفرصة لحكم أنفسهم والاستفادة من إيرادات ومواردهم المالية ، معتقداً أن ما أورده سلفاً سوف يُعزز الوحدة الوطنية والقضاء على الفوارق الاجتماعية والمناطقية ويغلق الأبواب أمام دعاة الانفصال وأصحاب المشاريع المناطقية ومن يسعى إلى تمزيق المجتمع اليمني ومن لديهم أجندة خارجية تلك الأجندة التي استغلت الممارسات المناطقية لتغذية الصراعات الداخلية وتعزيز الشعور بالإقصاء وعدم المواطنة المتساوية والسعي إلى تمزيق الوطن بشعارات انفصالية واقليمية والحاجة إلى تحويل الوطن إلى‮ ‬كانتونات‮ ‬ودول‮ ‬وأقاليم‮. ‬


تمكين‮ ‬الدولة
د.عبدالله الضبيبي يقول إن موضوع الوحدة الوطنية اليمنية مهمة في مواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالبلاد هو موضوع حيوي ومهم جدًا.. ويضيف: " اليمن كما نعلم مر بفترة صعبة خلال السنوات الماضية مع الصراعات والنزاعات الداخلية والتدخلات الخارجية والأزمات الاقتصادية والسياسية، وفي ظل هذه الظروف، فإن الحفاظ على الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي أمر ضروري لمواجهة هذه التحديات والحفاظ على استقرار البلاد وسيادتها من الناحية الاقتصادية، فإن الوحدة الوطنية تُمكِّن اليمن من استغلال إمكاناته الاقتصادية والموارد الطبيعية بشكل أفضل، وتعزِّز قدرته على التنمية والنهوض الاقتصادي. كما أن الوحدة تساعد في الحفاظ على الأمن والاستقرار اللازمين للاستثمار والنشاط الاقتصادي. وبالتالي، فإن تحقيق الوحدة الوطنية هو أحد أهم المتطلبات لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن.

الطريق‮ ‬الأمثل
من الناحية السياسية، فإن الوحدة الوطنية تُعزِّز من قوة اليمن وتماسكه في مواجهة المخاطر الخارجية، سواء أكانت تدخلات إقليمية أو دولية. كما أنها تُسهِّل من عملية اتخاذ القرارات الوطنية والسياسات العامة، وتضمن تنفيذها بشكل أكثر فعالية. وبالتالي، فإن الوحدة الوطنية‮ ‬هي‮ ‬أحد‮ ‬أهم‮ ‬المتطلبات‮ ‬لمواجهة‮ ‬التحديات‮ ‬السياسية‮ ‬التي‮ ‬تواجه‮ ‬اليمن‮ ‬ومن‮ ‬أجل‮ ‬تحقيق‮ ‬هذه‮ ‬الوحدة‮ ‬الوطنية،‮ ‬هناك‮ ‬عدة‮ ‬متطلبات‮ ‬رئيسية،‮ ‬من‮ ‬أهمها‮:‬
1‮- ‬بناء‮ ‬المصالحة‮ ‬الوطنية‮ ‬وتجاوز‮ ‬الخلافات‮ ‬السياسية‮ ‬والمذهبية‮.‬
2‮- ‬تعزيز‮ ‬دور‮ ‬المؤسسات‮ ‬الدستورية‮ ‬والقانونية‮ ‬في‮ ‬إدارة‮ ‬شؤون‮ ‬الدولة‮.‬
3‮- ‬تنمية‮ ‬الموارد‮ ‬البشرية‮ ‬وتعزيز‮ ‬دور‮ ‬المجتمع‮ ‬المدني‮.‬
4‮- ‬تحقيق‮ ‬التنمية‮ ‬المتوازنة‮ ‬بين‮ ‬مختلف‮ ‬المناطق‮ ‬والفئات‮.‬
5‮- ‬تعزيز‮ ‬الأمن‮ ‬والاستقرار‮ ‬واحترام‮ ‬سيادة‮ ‬القانون‮.‬
إن تحقيق هذه المتطلبات سيكون له أثر كبير في تعزيز الوحدة الوطنية اليمنية، وبالتالي المساعدة في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد. وهذا هو الطريق الأمثل لتجاوز الأزمات الراهنة والنهوض بالوطن.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 08-يوليو-2024 الساعة: 04:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66289.htm