توفيق الشرعبي - ذكرت المصادر التاريخية أن اسم غزة ورد كثيراً في النقوش اليمنية القديمة وخصوصاً النقوش المعينية في الألف الأول قبل الميلاد..
فقد أكدت البروفيسور عميدة شعلان ـ أستاذ علم الآثار والكتابات اليمنية القديمة بجامعة صنعاء- أن اسم غزة ورد أكثر من 35 مرة في نقوش مملكة معين..
وقالت في حوار مع (يمن بودكاست): غزة كانت ميناءً مهماً لتصريف البضائع القادمة من جنوب الجزيرة العربية أو من اليمن، والتي كانت تمر على مناطق كثيرة حتى تصل إلى غزة باعتبارها المحطة الرئيسية التي توزع تلك البضائع إلى بلاد الرافدين ومصر واليونان.. وبهذا كانت غزة تمثل مركزاً رئيسياً ومحطة مهمة جداً للتجارة اليمنية..
وأضافت: التجار اليمنيون الذين كانوا يذهبون إلى غزة أو مصر أو اليونان بعضهم كان يتزوج من تلك البلدان.. وقد وردت تلك الزيجات كثيراً في النقوش اليمنية القديمة، حيث ورد ذكر النساء الغزاويات 35 مرة؛ ومؤخراً تم اكتشاف نقش نشره الدكتور محمد مرقطان أيضاً ذُكرت فيه غزة..
ولفتت عميدة شعلان إلى أن الجميل في النقوش اليمنية أن غزة وردت بنفس الاسم (غزت) ..
واستطردت قائلة: قدمتُ محاضرات علمية في جامعة الدول العربية وفي الأردن عن فلسطين، وذكرتُ خلالها مدى العلاقات اليمنية مع الحضارات الأخرى..
وزادت: طبعاً عندما قدمتُ المحاضرة في جامعة الدول العربية عن فلسطين وجدتُ أن غزة لم تُذكر كثيراً في النصوص الفينيقية ولا في النصوص الارامية كما وردت في النقوش اليمنية..
وأوضحت: الذي حصل أن التاجر اليمني الذي يتزوج في غزة يرجع إلى اليمن ويوثّق زواجه في نقوش المملكة التي ينتمي إليها..
مشيرةً إلى أن هناك مسلة موجودة حالياً في المتحف الوطني بصنعاء تحوي هذه النقوش وقد استنسخها الرحالة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ووثقوها..
وقالت عميدة شعلان : العلماء الغربيون كانوا قد ترجموا تلك النقوش على أساس أن تلك النساء الغزاويات وغيرهن ممن ذُكرن في النقوش قد وصلن إلى المملكة المعينية بهدف الخدمة، بمعنى خادمات يخدمن في المعابد المعينية..
وأضاف: طبعاً هناك لفظان في النقوش التبسا على العلماء في ترجمتهما، حتى جاء عالم اللغات اليمنية القديمة المرحوم محمود الغول -وهو فلسطيني- وفك شفرة هذين اللفظين.. حيث كان يرد في النقش (اسم التاجر فلان بن فلان من قبيلة فلان) ويختم بـ (سكربه وخسره) هذان اللفظان تُرجما في السابق من قِبَل العلماء بأنهما (خدمة الآلهة)، لكن الدكتور محمود الغول أعاد النظر في ترجمة اللفظين واتضح له أن لفظ (سكربه) يعني عقد قرانه، و (خسره) يعني دفع مهراً لفلانة بنت فلان من غزة، يعني خسر من الخسارة .!!
واختتمت شعلان بالقول: لقد جاء ذكر النساء الغزاويات في النقوش اليمنية القديمة كزوجات لتجار يمنيين أرَّخوا زواجهم في مسلة وهذه المسلة موجودة في المتحف الوطني.. ليس فقط من غزة وإنما كل الزيجات من عدد من البلدان من مصر من صون وصيدة.. ومن عمون.. ومن الأردن من مؤاب، ومن (يونم) أي اليونان.. وهذا يعبر عن مدى العلاقات التي كانت قائمة بين الممالك اليمنية والحضارات الأخرى..
*حملة عسكرية
إلى ذلك تذكر بعض المصادر التاريخية أن الأهمية الاقتصادية لغزة كمركز رئيسي ومحطة مهمة لاستقبال البضائع جعل الممالك اليمنية تضعها في أولويات حمايتها من أي اعتداء..
فقد ذكرت المصادر التاريخية أنه وقبل 3000 عام تقريباً توجهت حملة عسكرية من اليمن لنصرة غزة وذلك بعد صدور قرار ملكي في ذلك الوقت صدر من الملك السبئي المبجل (يدع آل بين بن يثع امر) وأنه قضى (بتعيين) بتكليف القائد العسكري (صباحه بن عم شفيق بن رشوان النشقي) لقيادة حملة عسكرية مسلحة بكافة كتائبها، للمشاركة في الدفاع عن (غزة) ومناطق أخرى، وعلى أن يتم اعتماد مبلغ مالي للحملة مقداره (1000 عملة ذهبية)، إضافةً إلى صرف الملابس العسكرية، وتخصيص بعض الأراضي لكافة المشاركين في الحملة عند عودتهم بالنصر الذي فعلاً تحقَّق لهم في غزة وفي كوش واكاد ودادان ومناطق أخرى. |