الميثاق نت -

السبت, 10-أغسطس-2024
د. عبدالعزيز الشعيبي -
تأتي ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام في ظل ظروف داخلية في غاية الصعوبة ومعاناة شديدة، ذلك كان بفعل تأثير ما سمته الولايات المتحدة الأمريكية ثورة الشباب في العام 2011م، التي قضت بها على دول عربية كانت نبراس للأمة العربية كلها بل والأمة الإسلامية ، تحمل توجهاً وطنياً وقومياً مخالفاً لنهج الاستعمار ورافضاً لأدواته المختلفة في المنطقة ولم تقبل الرضوخ لإرادته، ولذلك استخدمت أدواتها في الواقع العربي ومنها الجمهورية اليمنية التي كانت تنعم بالأمن والاستقرار، والتي شيدت صرحاً سياسياً قلّ نظيره في المنطقة في ظل ظروف بالغة الصعوبة ألا وهي الوحدة اليمنية التي أثارت حفيظة بعض الدول الإقليمية، التي كانت وما زالت لا تقبل إلا أن تكون هي الدولة الكبرى والأقوى في المنطقة، ولذلك كانت هذه الشراكة المباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإقليمية للانقضاض على ما تبقى من القومية الصامدة في وجه ذلك الاستعمار واخرجت الأحزاب السياسية - التي هي على علاقة مع هذا المستعمر - أفرادها إلى الشارع وبدأت تطرح شعارات يفهم من مضمونها القبول بذلك المستعمر والرضوخ لإرادته إلى أن تهيأ لهم ما أرادوه من اسقاط النظم السياسية، ثم بعد ذلك تخريب كل البلدان التي حصل فيها ما يسمى ببورات الربيع العربي، ولم يكتفِ ذلك المستعمر بهذا فحسب بل انه حاول تقسيم وتجزئة هذه الدول ومنها الجمهورية اليمنية إلى دويلات بسيطة محدودة لكي يسهل ويبسط السيطرة عليها، وها نحن اليوم نعيش مخلفات تلك النكبة الكبيرة التي كانت في 2011م في ظل ظروف قاسية وصعبة، ومما يؤسف له أن ذلك قد حدث من خلال مواطنين يمنيين تم تغريرهم بأن هناك دولة عظيمة وقوية اقتصاديا سوف تنعم بالخيرات الكثيرة إذا ما نجحوا واستولوا على النظام إن وصلوا إلى سدة الحكم ولم يستطيعوا أن يديروا حتى مؤسسة واحدة، والشيء المؤسف انهم اقصوا بعد ذلك الجميع بل وحاولوا أن يطهروا أو ان يفتكوا بمن كانوا يعتبروهم اعدائهم وهم أخوانهم في اطار الوطن الواحد الذين تخلوا عن السلطة دون أن يحصل صراع أو ان ينزف دماً لاحد المواطنين ، ليس ذلك فحسب ولكنهم استولوا على كل مقدرات الوطن وعبثوا بها ولم يستطيعوا ان يحافظوا عليها كما يحافظ عليها الرجال، وظلوا رهينة لذلك الاجنبي المستعمر الذي وجههم أو كان يوجههم في كل صغيرة وكبيرة حتى الآن.. وانتهى الأمر إلى ما نحن عليه من وجود عدوان غاشم، تكالبت على الجمهورية اليمنية خلاله 17 دولة عربية وأجنبية اطاحت بكل ما يملك من امكانيات مادية ومعنوية وأوصلت حال البلد إلى ما وصل إليه اليوم..

ذلك هو حال البلد الذي نعيشه اليوم، وهذا هو حال المؤتمر الشعبي العام صاحب الرصيد النضالي والتاريخ المشرف للجمهورية اليمنية من الثمانينات حتى الآن، حيث كان صموده اسطورياً كما صمد اليمن أيضاً وهو جزء منها..

ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف المؤامرات ضد المؤتمر الشعبي العام من الداخل ومن الخارج لأن المؤتمر ركن اساسي في الدولة ويمتلك شعبية كبيرة وعندما هدف المستعمر إلى محاولة تقسيم وتفتيت الجمهورية اليمنية كان يهدف أيضاً إلى تقسيم وتفتيت تلك المرتكزات الكبيرة المتمثلة بالقوات المسلحة والأمن، وكذلك أيضاً بالمؤتمر الشعبي العام الذي لم يكن رصيده مادياً فقط وإنما معنوياً أيضاً على مستوى الجمهورية اجمع، هذه الشعبية الكبيرة التي كان ولا يزال يمتلكها المؤتمر الشعبي العام كانت إلى جانب مرتكزات أخرى هي حصن الدولة المنيع التي تقف في مواجهة العداء بصلابة كبيرة، وهي التي يمكن أن يعوّل عليها في هزيمه اعداء الوطن، ولذلك حاول اعداء الجمهورية اليمنية بكل ما يستطيعون بامكانياتهم المادية والمعنوية ان يقسموا الجمهورية اليمنية ويقسموا معها المؤتمر الشعبي العام ، وحاول بعض المتخلفين عقلياً أو المهزوزين سياسياً أن يجروا المؤتمر الشعبي العام إلى هذه الأهداف التي خلص إليها الاستعمار، محاولين تفتيت وتقسيم المؤتمر الشعبي وخلصوا بنتيجة انهم غادروا المؤتمر الشعبي العام إلى غير عود وغادروا الوطن أيضاً .. هؤلاء الذين باعوا المؤتمر الشعبي العام هم كانوا انفسهم قد باعوا الوطن سابقاً وما خروجهم من الوطن إلا لأنهم كانوا منذ زمن طويل قد مكن لهم الاعداء من شراء أوطان لهم ولأنهم عديمي الضمير ولم يكونوا مخلصين لا للمؤتمر ولا لوطنهم فإنهم سرعان ما نفذوا إرادة ذلك المستهدف للوطن وخرجوا منه على عجالة واخرجوا معهم كل ما يستطيعون من مقتنياتهم المنهوبة ليحاولوا ان ينعموا بها في اوطانهم الجديدة التي اقرها لهم ذلك الاجنبي الدخيل، ولأنهم تعودوا طول حياتهم ألا يعيشوا إلا في كنف المؤامرات والدسائس والاغتيالات فقد عاشوا في كنف هذا الاستعمار وغادروا اليه مرة اخرى، لكنهم يعلمون جيداً أن قيمتهم لدى ذلك الاستعمار لا تساوي شيئاً لان هذا المستعمر ليس له إلا هدف واحد ألا وهو تحقيق مصالحه الذاتية وليس تحقيق مصالح الآخرين وسرعان ما سيجدوا أنفسهم في هاوية سحيقة لابد ان يسقطوا ويرتمون على الأرض دون ان يجدوا من يخلصهم أو ينقذهم من ذلك الخزي الذي أراده لهم ذلك المستعمر المعتدي على وطن الإيمان والحكمة، الجمهورية اليمنية..

وحتى هذه اللحظة فإن الدسائس والمؤامرات على المؤتمر الشعبي العام لم تتوقف لحظة واحدة ويحاولون بكل الطرق والوسائل أن ينقضوا عليه لو استطاعوا ، إنما صلابة اعضاء المؤتمر هي جزء من صلابة هذا الوطن الكبير العميق ذو التاريخ الموغل في القدم لا يمكن لهم ولن يتأتى لهم ان يصيبوا المؤتمر بمقتل وإن استطاعوا أن يجرحوه جرحاً بسيطاً، لكن سرعان ما اندمل وطاب، لكنه لم يمرض ولم ينتهِ بل زادت قوته اكثر صلابة وإيماناً وزاد انتشاره اكثر من ذي قبل..

والمؤمل اليوم من المؤتمر الشعبي العام هذا الصرح الكبير العملاق ذو التاريخ العريض والطويل المشرق والناصع
ان عليه تقع مسؤولية كبيرة في ضرورة التواصل مع اعضاء المؤتمر الشعبي العام وفق الطرق الحزبية المعروفة لان التواصل اليوم يشعر الاعضاء بوجود كيان يضمهم ويتعرف على مشاعرهم ويحل ولو جزء من مشاكلهم التي اصبحت اليوم مستعصية جداً ولا يستطيع الفرد لوحده ان يتغلب على كل الصعاب التي تواجهه اليوم ، والتعاون اصبح واجب في اطار الاخوة الواحدة والموقف الواحد والضرورات التي تستدعي من الكل الوقوف جنباً إلى جنب..

كذلك أيضاً لابد من الحضور الواسع في الفعاليات المختلفة وتنظيم الندوات والمؤتمرات والاستفادة من كل كوادر المؤتمر الشعبية في اظهار الصورة الحقيقية لواقع اليوم وما تعانيه الجمهورية اليمنية من مشكلات وما آلت إليه ظروف البلد من التدخلات الخارجية الحمقاء، وكذلك الظروف الإقليمية المؤلمة المتمثلة في الصراع مع العدو الاسرائيلي الذي لن يقف ولن يهدأ إلا بالوصول إلى أهدافه التي رسمها لنفسه وهي القضاء ليس على غزة ولا على فلسطين ولكن على كل المنطقة العربية، والكل اليوم مطالب في أن يقف موقفاً صلباً واحداً أمام هذا العدوان الغاشم والمعتدي المتربص بكل المقدرات القومية في فلسطين وفي كل ربوع الوطن العربي.. وأنا أعلم تماماً ان كواد المؤتمر الشعبي العام وهي موجودة في كل مكان وتقف جنباً إلى جنب مع كل القوى الوطنية المخلصة في مواجهة ذلك المعتدي والمغتصب للأرض العربية بكل ما يستطيعوه من امكانيات وهذه السمة ليست جديدة على المؤتمر الشعبي العام بل هي قديمة ومتأصلة فيه وثابتة في كيانه ووجدانه، ولم ولن يتخلى عنها في أي لحظة من اللحظات..

ثم أن هناك كثير من اعضاء المؤتمر الشعبي العام الذين خرجوا من الخدمة ولم يلتفت اليهم أحد فإنه من الواجب ومن الضرورة بمكان معرفة الاسباب الكامنة لخروج هؤلاء من اطار الوظيفة العامة والمحاولة مع الشركاء إلى اعادتهم إلى اماكن عملهم فالظروف اصبحت عليهم قاسية وقاسية جداً ووجود المؤتمر الشعبي العام إلى جانبهم في هذه اللحظات العصيبة إنما يشعرهم بوجود سند قوي إلى جانبهم يؤازرهم ويقف معهم ويحل مشاكلهم ويكون رديفاً لهم في مواجهة الصعاب والمتغيرات..

ومن المهم أيضاً تفعيل الأدوات الحزبية المختلفه لمزيد من الكسب والتأييد للاعضاء الجدد للمؤتمر، لأنهم يتطلعون لغد افضل من خلال المؤتمر الشعبي العام الذي يمتلك قدرة كبيرة في الإدارة، ولديه مخزون كبير وكوادر فتية قادرة على السير بالوطن إلى بر الامان وتحقيق ما يصبو إليه من النهضة والازدهار..

وكذلك أيضاً لابد من المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية، التي تتعلق بالمصالح الوطنية العليا والتي تمس كل أبناء الشعب، وهو ما يتطلع إليه جزء كبير من أبناء الوطن، ونظراً لماضيه المشرف في إدارة الدولة فإنه قادر اليوم توجيه دفة الوطن إلى البر الآمن لينعم بمستقبل أفضل وحياة هنيئة..

ثم أن المؤتمر الشعبي العام يمكن أن يحقق نوعاً من التوازن السياسي والتوازن هو طبيعة الحياة فالكون كله معمول من خلال التوازن الذي نراه ونلحظه في حياتنا وفي كل لحظة من حياتنا ، ولذلك فهو مهم جدا على المستوى الإنساني، إذ انه من خلال التوازن تطبق سنة الله في الكون وفي الأرض وبدون هذا التوازن تصبح الحياة أسيرة لمعنى غير الذي أراده الله سبحانه وتعالى من عمارة الكون..

ويستطيع المؤتمر أن يكون ممثلاً لكل المكونات المختلفة في المجتمع اليمني وأن يعبر عن مصالحهم واحتياجاتهم وفق الامكانيات والمساحات التي يستطيع أن يتحرك فيها..

وأعتقد أن التحدي الكبير اليوم الذي يواجه الجميع هو التحدي الاقتصادي ويمتلك المؤتمر الشعبي العام رصيدا كبيرا من المعالجات الاقتصادية التي تمت حينما كان في السلطة واعتقد أن الكثير من الافكار التي كانت تعالج المشكلات الاقتصادية في ذلك الوقت يمكن لها اليوم ان تعالج كثير من المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني..
و لهذا أعتقد أن خوض المؤتمر في هذا المضمار الكبير والتحديات التي تواجه الوطن سيكون لها شأن في بقاء المؤتمر كتلة قوية وكبيرة قادرة على الثبات والبقاء ومواجهة التحديات ومواكبة موضوع التحديث والتطوير بما يلبي احتياجات المؤتمر الشعبي العام.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 14-أغسطس-2024 الساعة: 12:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66425.htm