الميثاق نت -

الإثنين, 12-أغسطس-2024
د. محمد عبدالجبار المعلمي* -
تحل علينا الذكرى الـ 42 عاماً من الزمن مر على تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي يصادف ميلاده ووجوده يوم الـ 24 من أغسطس 1982م، وكان ظهور هذا الحزب الوطني قد تشكل وتكون بعد مخاض فكري وسياسي وعصف ذهني لكبار قيادة الدولة والمفكرين والحزبيين والسياسيين والأكاديميين والدينيين والعلماء وغيرهم من نوابغ وفلاسفة اليمن في كافة المجالات حتى خرج، واعتُمد وثيقة وطنية ودستورية وتنظيمية يمنية خالصة سُميت بالميثاق الوطني والتي تم التصويت عليها واعتمادها كوثيقة للمؤتمر الشعبي العام شاملة وجامعة كل التوجهات اليمنية..
جاء المؤتمر الشعبي العام حزب الشعب وحزب الأحزاب إلى الحياة العملية والسياسية كمنقذ للوطن والشعب على السواء وذلك بعد صراع سياسي وانقلابات بيضاء وحمراء، وموجة دماء واغتيالات للرؤساء والقيادات الوطنية، وليس هذا فحسب بل كانت ولادة المؤتمر الشعبي العام ناتجة عن أوضاع صعبه كانت تمر بها البلاد، وما كان يعانيه الوطن من حروب أهلية طاحنة مغلفة بالنعرات المناطقية وغياب دولة حقيقية وافتقار البلد والشعب لأبسط مقومات الحياة وغيرها من الأوضاع المعقدة..
لم يحكم المؤتمر الشعبي العام بالحديد والنار ولم يكن ذا فكر متشدد ومتصلب وحاقد أو شرير، ولم يكن حاكماً بأفكار مستوردة أو متطرفة، ولكنه حكم بطريقة التعايش والقبول بالآخر مهما كان فكره؛ ولذلك هو الحزب الذي يقبل الجميع شعباً واحزاباً بحكم اليمن كقاسم مشترك لا يستطيع الجميع التفريط به..
المؤتمر الشعبي العام بالنسبة لليمنيين هو الوحدة والديمقراطية والانتخابات ودولة المؤسسات والبنى التحتية، وكان الجميع احزاباً ومواطنين يتمسكون بهذا الحزب كمظلة دون تمييز أو عنصرية أو مناطقية، فتمسك به الشعب حاكماً لفتره طويلة برضا وقبول، وهو ما أزعج وأثار أحقاد بعض القوى السياسية الطامحة للحكم..
لا أحد بإمكانه أو يستطيع أن ينكر دور المؤتمر الشعبي العام في انتشال الوطن من براثن الجهل والمعاناة والحروب، إذ تحققت في فترة حكم المؤتمر نهضة تنموية شاملة وفي مقدمتها بناء الانسان بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة يوم الـ 22 من مايو 1990م مع الحزب الاشتراكي اليمني والقوى الوحدوية الوطنية الأخرى، وكان حاضراً في مناصرة القضايا الوطنية كمبدأ ثابت لا يحيد عنه..
نحتفل اليوم بالذكرى الـ 42 لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة المناضل الجسور الشيخ صادق بن أمين أبو راس رئيس المؤتمر، والحزب يمر بظروف صعبة لا تخفى على أحد، ومع ذلك المؤتمر ما يزال قوياً ومتماسكاً قيادة وقاعدة وشعباً، وهو ما جعل عامة الشعب اليمني يثقون به كحزب جامع وقادر على لملمة شتات الوطن وحلحلة مشاكل البلاد وأزماتها..
واجه المؤتمر الشعبي العام في تاريخه الوطني الكثير من التحديات والصعوبات في مراحل مختلفة تمكن من تجاوزها بحكمة قياداته ووعي قواعده التي كانت تغلّب دوماً المصلحة الوطنية على ما عداها من المصالح الحزبية الضيقة، وهو ما ميز المؤتمر عن غيره من التنظيمات والتكوينات السياسية التي كانت تستغرق في تداعيات تفاصيل بياناتها وخلافاتها مغلّبةً الخصومة بدلاً من البحث عن حلول ومخارج لأزماتها ومشاكلها على حساب الوطن وأبنائه..
وجاءت في هذا السياق أحداث ديسمبر 2017م المؤسفة لتضع المؤتمر أمام لحظة استثنائية فارقة إذا ما ربطناها بالظروف والأوضاع الاستثنائية التي يمر بها الوطن، وراهن البعض على عدم قدرة المؤتمر على مواصلة مسيرته النضالية الوطنية المجسدة بمبادئه وقِيمه المستمدة من ثوابته بمعانيها ومضامينها الميثاقية، وفي مقدمتها -في هذه الفترة الدقيقة والحساسة- الوقوف مع وطنه وشعبه في مواجهة تحالف العدوان السعودي الإماراتي..
ولأن قيادة المؤتمر الوطنية كانت تدرك طبيعة المرحلة التي يمر بها المؤتمر والوطن، فقد استطاعت أن تحفظ للمؤتمر دوره ومكانته وموقفه الوطني إلى جانب أبناء شعبه المدافع عن سيادته ووحدته واستقلاله؛ مستوعبةً متطلبات واستحقاقات تجاوز تداعيات تلك الأحداث المؤسفة بكل الصدق والمسئولية دون التخلي عن المبادئ التي تأسس عليها، وفي مقدمتها تعزيز صمود شعبنا وتصدّيه لتحالف العدوان، وفي نفس الوقت العمل باتجاه حل مجمل الإشكالات التي يعاني منها المؤتمر والوطن عبر الحوار والذي عبرت عنه دعواته المتكررة للتلاقي والتفاهم والتصالح المؤدي إلى وحدة الصف الوطني وتماسك الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان وكل المؤامرات التي تُحاك ضد الوطن دون إفراط أو تفريط..
وهكذا يمضي المؤتمر نحو استكمال إصلاحاته الداخلية التنظيمية الهيكلية التي تؤسس لعمل سياسي أكثر فعالية وقدرة على التعامل مع قضايا الحاضر والمستقبل التي تحفظ له تاريخه ومكانته الوطنية وتعزز دوره كتنظيم جماهيري له قاعدته العريضة، وبما يصب باتجاه الانتصار لليمن وآمال وتطلعات أبنائه؛ وبما يحفظ للأجيال القادمة وطناً كامل السيادة موحداً حراً مستقلاً.. وليبقى المؤتمر الشعبي العام رقماً لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه في المعادلة السياسية والوطنية..
يحتاج المؤتمريون اليوم إلى إرادة جمعية (جامعة) تغلّب مصلحة البلاد ووحدة التنظيم وتعمل على توحيد كل جهودها في تدعيم المؤتمر وتعزيز مكانته وتبذل كل طاقاتها من أجل المحافظة على الدور القيادي لحزبها وما تحقق لليمن خلال مسيرة المؤتمر من تاريخ تأسيسه وحتى اليوم..
ولا يزال حزب المؤتمر الشعبي العام يمتلك الكثير من الإمكانات المادية والمعنوية والقيادات المؤهلة سواءً في العمل الحزبي أو العمل الحكومي لخدمة اليمن وفي حال أجمع المؤتمريون على أهمية تعزيز وحدتهم وتماسكهم وجمع شتاتهم وتمكنوا من توحيد صفوفهم للمحافظة على تنظيمهم الرائد المؤتمر الشعبي العام وعدم الانجرار أو الانخراط في الدعوات التي تحاول تشتيت وتمزيق المؤتمر وإدخالهم في خلافات جانبية لا تخدمهم ولا تخدم وحدة التنظيم للمؤتمر الشعبي العام..
ولا يمكن النظر إلى واقع المؤتمر كحزب وتنظيم سياسي دون النظر بعين الاعتبار لما تعرضت له المنظومة السياسية اليمنية برمتها من استهداف خلال السنوات الأخيرة، حيث تقلص الحضور السياسي والجماهيري للأحزاب اليمنية وانحسر تأثيرها وتراجع دورها في بسبب الظروف الحالية للبلاد..
ومن هنا فإن مستقبل المؤتمر الشعبي العام مرتبط بالواقع الراهن للعملية السياسية التي فقدت قيمتها لصالح مجموعات وكتل جديدة أفرزها الربيع اليهودي والعدوان والحرب على بلادنا ولا صلة لها بالعملية السياسية التي تراكمت خلال العقود الماضية وشهدت سِجالاً فكرياً وجدلاً سياسياً وإعلامياً استمر في التصاعد والتطور بصورة مباشرة منذ إعلان التعددية الحزبية قبل أكثر من 30 سنة..
وتتوافق رؤى كثيرة داخل المؤتمر الشعبي العام وخارجه على أن مستقبل المؤتمر مثل بقية الأحزاب، ومثل اليمن كله غامض، لأن القرار في اليمن وفي الأحزاب وعلى كل صعيد ليس قراراً يمنياً وطنياً داخلياً؛
وهذا الوضع يتطلب من كل قيادات وأعضاء المؤتمر فهم واستيعاب المرحلة الحالية وتعزيز وحدتهم وتماسكهم لمواجهة مختلف التحديات والصعوبات التي تواجه المؤتمر والمحافظة على وحدة تنظيمهم الرائد وبقائه بنفس الزخم محافظاً على مبادئه وأهدافه وفقاً للوائحه التنظيمية وتعزيز مواقفه الوطنية؛ والمحافظة على الوحدة اليمنية باعتبارها المنجز الأهم في مسيرة المؤتمر لتوحيد اليمن ارضاً وإنساناً وجعلت لليمن مكانة وقيمة وطنية وإقليمية ودولية وبها تحقق حلم كل اليمنيين شمالاً وجنوباً والتي أعادت اللحمة لأبناء اليمن الواحد في ظل الوحدة والحرية والديمقراطية والتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة..
سيظل الاحتفال بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام هو احتفال بوطن، بالشعب، بالدولة، بالحرية والديمقراطية، واحتفال بالمنجزات والنهضة الشاملة، وبوحدة وسيادة واستقلال الوطن..
كل عام والمؤتمريون والمؤتمريات بألف خير.. والوطن بأمن وأمان.

*عضو اللجنة الدائمة الرئيسية
رئيس فرع المؤتمر بالدائرة الخامسة
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 14-أغسطس-2024 الساعة: 12:15 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66437.htm