الميثاق نت - إعداد/ عبد السلام الدباء : - في تاريخ الأمم، هناك محطات فاصلة تحدد مسار شعوبها نحو المستقبل، وفي اليمن كان تأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م واحدة من هذه المحطات، والاتي انجبت أول تنظيم سياسي وطني منبثق من إرادة شعبية يمنية خالص، فقد لعب المؤتمر دورًا حاسمًا في تشكيل الواقع السياسي والاجتماعي لليمن، وعلى مدى 42 عامًا، قاد المؤتمر مسيرة متميزة في البناء والتنمية، ورسخ قيم الوحدة والتعددية، وواجه التحديات بحكمة ليظل ركيزة أساسية في المشهد اليمني حتى اليوم.
- ميلاد المؤتمر، إرادة شعبية وتأسيس وطني:
في 24 أغسطس 1982، دخل اليمن مرحلة جديدة بتأسيس المؤتمر الشعبي العام، الذي يعد أول تنظيم سياسي وطني منبثق من إرادة الشعب اليمني، وقد جاء تأسيس المؤتمر نتيجة لحاجة اليمن إلى تنظيم شامل يعبر عن تطلعات وآمال المواطنين.. وبهذا الصدد، تم صياغة وثيقة الميثاق الوطني بعد استفتاء شعبي، لتكون الإطار الذي يعبر عن تطلعات الشعب ويمثل خارطة طريق للمستقبل.. هذه الوثيقة المهمة مثلت نقلة نوعية في السياسة اليمنية، حيث جمعت بين التنوع الاجتماعي والسياسي تحت مظلة واحدة.
ولذلك فان المؤتمر الشعبي العام لم يكن مجرد تنظيم سياسي تقليدي؛ بل كان تعبيرًا عن وحدة الإرادة الوطنية التي تتجاوزت الانتماءات القبلية والحزبية والطائفية. وقد جاء هذا التنظيم ليؤكد على أن اليمني، بصرف النظر عن انتمائه الجغرافي او المذهبي أو الاجتماعي، يمكن أن يجتمع تحت مظلة وطنية واحدة تهدف لخدمة البلاد والنهوض بها.. ومنذ نشأته، ارتكز المؤتمر على الشمولية والاحتواء، مما جعله قادراً على استيعاب مختلف التوجهات والآراء.
- المؤتمر ومسيرة البناء والتنمية:
منذ انطلاقته، لعب المؤتمر الشعبي العام دورًا محوريًا في تحقيق التنمية الشاملة والبناء الوطني.. وقد ركز المؤتمر على تحسين الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية في جميع مناطق اليمن، سواء في المدن الكبرى أو المناطق النائية في جميع محافظات اليمن، ومن خلال سياساته التنموية، سعى المؤتمر إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الموارد بشكل متوازن بين مختلف المحافظات، مما ساعده على تعزيز الترابط الوطني في عموم اليمن.
وقد كانت أبرز إنجازات المؤتمر تتمثل في توحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي في عام 1990، بالتعاون مع الحزب الاشتراكي اليمني.. وكان توحيد اليمن حلماً طالما راود الشعب اليمني، وجاءت الوحدة كنتيجة لجهود طويلة بذلها المؤتمر لتحقيق هذا الهدف الوطني.. ثم جعل من الوحدة بداية جديدة لليمن، حيث تم تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفتح الباب أمام فرص التنمية الشاملة في كافة المجالات.
إلى جانب الوحدة، قاد المؤتمر إصلاحات ديمقراطية هامة.. فقد أدخل مفهوم التعددية السياسية، وأرسى أسس حرية الصحافة والإعلام، كما عمل على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل دوري، مما عزز من مشاركة المواطنين في صنع القرار وبناء دولة النظام والقانون ودولة المؤسسات.
- الدفاع عن الوحدة في مواجهة التحديات:
مسيرة المؤتمر الشعبي العام لم تكن خالية من التحديات، حيث واجه التنظيم تهديدات عديدة للوحدة الوطنية واستقرار البلاد.. ومع ذلك، ظل المؤتمر صامداً في الدفاع عن مكتسبات الوحدة، مستعيناً بحنكة قيادته وخبرتها في إدارة الأزمات.. وفي التسعينيات 94م، تعرض اليمن لمحاولات انفصالية هددت بنسف الوحدة، ولكن المؤتمر نجح في توحيد الصفوف والحفاظ على وحدة البلاد واستقراره وسلامة اراضيه.
وخلال السنوات الأخيرة، عاش اليمن فترة صعبة من الحروب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أثرت بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين.. ولكن برغم هذه التحديات الكبيرة، استمر المؤتمر الشعبي العام في التمسك بمبادئه الوطنية، حيث جعل من الدفاع عن استقلال وسيادة اليمن أولوية قصوى.. وكان المؤتمر يضع نصب عينيه مصلحة اليمن فوق كل اعتبار، ويمتنع عن الانجرار وراء أي ضغوط خارجية قد تؤثر على قراراته الوطنية.
- المؤتمر ودوره في معالجة الأزمات الراهنة:
في ظل الأزمة المستمرة التي يمر بها اليمن، أثبت المؤتمر الشعبي العام أنه ما زال يلعب دورًا حيويًا في إيجاد الحلول السياسية.. واعتمد المؤتمر نهجاً وسطياً يجمع بين الحوار الوطني والمصالح المشتركة لجميع الأطراف.. و هذا النهج المعتدل جعله محط احترام وقبول من قبل المجتمع الدولي والإقليمي، وبفضل سياسته الحكيمة وتجنب العنف والتطرف، استطاع المؤتمر الحفاظ على جسور التواصل مع جميع الأطراف المعنية بالقضية اليمنية.
واليوم، يظل المؤتمر الشعبي العام قوة رئيسية في الساحة السياسية اليمنية، خاصة في ظل الانقسامات والتحديات التي تواجهها البلاد.. فبما لديه من خبرة تاريخية ومرونة في التعامل مع المتغيرات، يمكن للمؤتمر أن يلعب دورًا محوريًا في إخراج اليمن من أزماته.. ومن خلال تبني رؤية متجددة تتناسب مع تطلعات الجيل الجديد، يمكن أن يكون المؤتمر حجر الزاوية في بناء مستقبل أفضل لليمن واليمنيين.
- المؤتمر ومستقبل اليمن، الفرص والامال الجديدة:
مع استمرار التحديات التي تواجه اليمن، يتجدد الأمل في أن يكون المؤتمر الشعبي العام القوة المحركة لإعادة الاستقرار وبناء الدولة.. حيث يتمتع المؤتمر بقاعدة جماهيرية واسعة، وله مكانة خاصة في قلوب اليمنيين الذين يرونه رمزاً للثبات والاعتدال.. هذه المكانة تأتي نتيجة لتاريخه المشرف في خدمة الشعب والدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين في كل ارجاء الوطن اليمني الواسع والكبير.
وبناء على ما تقدم، يتوقع المراقبون أن يلعب المؤتمر دورًا مهمًا في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التطلعات المتزايدة لاستعادة الأمن والاستقرار.. وذلك لان المؤتمر يتميز بقبول دولي وإقليمي واسع، مما يجعله شريكاً موثوقاً في أي عملية سياسية تهدف لإنهاء الصراع وإعادة بناء الدولة.. وإن هذا القبول، بالإضافة إلى تمسكه بالنهج الوطني المتزن، يمنحه الفرصة ليكون الرافعة الاساسية لإنقاذ اليمن من جميع أزماته الراهنة.
- دعوة للالتفاف حول المؤتمر الشعبي العام:
واليوم فان المؤتمر الشعبي العام يفتح ذراعيه لكافة اليمنيين ويدعوهم إلى الالتفاف حوله لمواجهة التحديات الراهنة بتعاون وتكاتف الجميع، وهذا ليس بغريب عليه، فلقد كان المؤتمر دائماً إلى جانب الشعب، يدافع عن مصالحه ويسعى لتحقيق طموحاته فالمؤتمر هو الرائد الذي لايخذل اهله وهو حتى اليوم مايزال على العهد والوعد الذي قطعه منذ تأسيسه، حيث بقي ثابتاً في مبادئه الوطنية ولم ينجر خلف اي أجندات خارجية.
وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها اليمن اليوم، تزداد الحاجة إلى تنظيم سياسي قوي يعرفه الشعب ويثق به.. والمؤتمر الشعبي العام قد أثبت عبر العقود الماضية بأنه القوة التي يمكن الاعتماد عليها في أصعب الأوقات.. لذلك، فإن الالتفاف حول هذا التنظيم الوطني يعد خطوة مهمه نحو تحقيق الاستقرار والبناء والتنمية.
المؤتمر الشعبي العام هو الأمل في بناء يمن جديد يتسع للجميع، يمن يجمع أبناءه على المحبة والتعاون بعيداً عن التفرقة والكراهية.. ومع استمرار المؤتمر في أداء دوره الوطني، يبقى اليمنيون على ثقة بأن المستقبل يحمل في طياته فرصًا جديدة لتحقيق تطلعاتهم في العيش الكريم والسلام المستدام في كل ربوع اليمن.
- المؤتمر من اجل يمن جديد ومستقبل افضل:
ختاماً.. وفي ظل ما مر به اليمن من تحولات وأزمات على مدار العقود الأربعة الماضية، يبقى المؤتمر الشعبي العام ركيزة أساسية في الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.. وعبر تاريخه الغني بالتجارب والإنجازات، أثبت المؤتمر قدرته على التكيف مع مختلف الظروف، مقدماً نموذجاً فريداً في العمل السياسي الوطني، ولقد كانت وماتزال رؤيته دوماً مرتكزة على مصلحة اليمن وشعبه، بعيداً عن أي انتماءات او ولاءات خارجية هدامه.
واليوم، ومع التحديات المتصاعدة التي يواجهها اليمن، يظهر المؤتمر الشعبي العام كأمل حقيقي وسفينة نجاة للشعب اليمني بتاريخه العريق ومكانته في قلوب اليمنيين، مما يجعله يمتلك القدرة على قيادة البلاد نحو بناء اليمن الجديد والمستقبل الافضل والأكثر استقراراً وازدهاراً.. يمن يتسع للجميع ويحقق تطلعاتهم في العيش الكريم وبناء الغد المشرق بإذن الله. |