نبيل سلام الحمادي* - منذ تأسيس المؤتمر الشعبي العام بدأت اليمن تسير على خُطى ثابتة نحو التغيير، بعد توافق كل الأطراف السياسية على إغلاق صفحات الماضي وتأسيس المؤتمر كتنظيم جماهيري شعبي يعمل على السطح، بعيداً عن سرية العمل السياسي الذي كانت تنتهجه بعض الأطراف، وما تحمله من أهداف للنيل من الآخرين وإبقاء اليمن في حالة عدم استقرار..
تهيأت كل الظروف المناسبة للانطلاق نحو التغيير والمضي صوب ترجمة كل الآمال والتطلعات الشعبية، وفي البدء منها تثبيت دعائم الأمن والاستقرار، التي تُعد البوابة الحقيقية للوصول إلى مستقبل أفضل لكل اليمنيين..
اتجه المؤتمر بقيادته الحكيمة صوب تنفيذ المشاريع الحيوية التي يحتاج إليها الوطن والشعب، ومضى قطار التغيير ليشمل كل ربوع البلاد.. وفي الاتجاه نفسه استمرت الجهود حثيثةً لتعزيز اللقاءات بين قيادات شطري اليمن آنذاك بهدف تحقيق الحلم اليماني الأكبر الذي ظل الشعب يترقب إنجازه سنوات طويلة حتى أطلت بشارات الخير في الـ 30 من نوفمبر 1989م بالتوقيع على اتفاقية الوحدة اليمنية، ورمي براميل الشطرية، وبدء حركة تنقُّل المواطنين بين محافظات الشطرين بكل سهولة ودون أية تعقيدات..
حتى جاء موعد الميلاد الحقيقي للوطن في الـ 22 من مايو 1990م، والإعلان رسمياً عن قيام الجمهورية اليمنية ورفع علمها ليرفرف بشموخ وإكبار في الآفاق، ويرسم طريقاً جديداً ليمن العزة والمجد..
لقد مثَّل تأسيس المؤتمر الشعبي العام، في الـ 24 من أغسطس 1982م، ميلاد وطن بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. حمل معه الخير لكل أنحاء اليمن الواحد الكبير، بفضل الحكمة اليمانية التي جسدتها سواعد الرجال الذين حفروا أسماءهم نوراً لا يمكن أن ينطفئ في ذاكرة الشعب والوطن وذاكرة التاريخ..
* اليوم ونحن نحتفي بالذكرى الـ42 لتأسيس المؤتمر بعد سنوات من الأحداث المأساوية التي شهدتها اليمن، حريٌّ بنا أن نستعيد الحكاية الأولى التي قادت إلى تأسيس المؤتمر كتنظيم جماهيري حقق الأمن والاستقرار للبلاد والعباد.. حريٌّ بكل الأطراف السياسية أن تجلس على طاولة حوارية لمناقشة كل قضايا الخلاف والخروج بحلول ومعالجات حقيقية لها، وإنقاذ اليمن الواحد الكبير من الواقع المؤلم الذي تعيشه اليوم..
صوت الحكمة ينادي كل الأطراف للإصغاء للغة العقل، وأن تكون المسؤولية الوطنية هي الحاضرة وحدها ويتم الالتزام لها بالقناعة والامتثال..
ويقيناً ثابتاً.. لن يكون هناك صوت يعلو فوق صوت التفاهم والاتفاق إنْ أدرك الجميع أن الحوار ينعقد من أجل الوطن.. من أجل تحقيق التقارب والوصول إلى السلام، وإنهاء كل صور وأشكال المعاناة التي يتكبدها الشعب منذ أكثر من عشر سنوات..
نعم.. الحوار هو من سينهي كل أشكال الخصومة من أجل الوطن الذي طاله الدمار طِيلة السنوات الماضية، ومن أجل اليمنيين التوَّاقين إلى إنهاء العدوان والصراع بين القوى اليمنية وإنهاء الوضع الكارثي الذي يتهدد الملايين من اليمنيين..
ليجمعنا الحوار هدفاً في التقارب وتعزيزاً لمسارات الإصلاح، والمضي نحو الآتي الأجمل بثقة وقدرة على تجاوز كل المحبطات والعراقيل وكل لغات التشاؤم التي يروّج لها البعض نتيجة عدم قدرتهم على العيش في جو آمن يسوده السلام..
بالحوار بدأنا، وبالحوار نستمر ونمضي على طريق الوحدة والاتجاه المسؤول صوب ترسيخ قِيَم الشراكة والمشاركة وتحقيق المساواة والعدالة بين أبناء الشعب جميعاً.. وبالحوار ستتوقف كل أشكال الصراعات، ونحتفي بميلاد وطن جديد كما احتفلنا بالأمس.
* عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
|