الميثاق نت -

الإثنين, 26-أغسطس-2024
يحيى العراسي -
نعم.. لقد جاء قيام المؤتمر الشعبي العام منذ 42 عاماً في الـ 24 من أغسطس 1982م من القرن العشرين الماضي كحاجة وطنية أساسية وموضوعية، وذات إلحاح بالغ بحيث جاء في ظرف صعب ومعقد للغاية كانت اليمن قد عانت حينها من أحداث جِسام وخطيرة تركت آثارها السلبية والسيئة على مختلف مسارات العمل السياسي والإداري والأمني بصورة رهيبة والتي تمثلت بثلاث انقلابات دموية أودت بحياة ثلاثة رؤساء جمهورية وهم الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، وبعده بثمان أشهر تقريباً لحقه أحمد الغشمي باغتيال مدبَّر متزامناً مع استشهاد الرئيس سالم ربيع علي في عدن، ما شكَّل زعزعة للاستقرار الأمني شمالاً وجنوباً وبروز تحديات خطيرة، بالإضافة إلى العديد من العوامل السلبية والمتمثلة بجبهات المعارضة وتمردات هنا وهناك، وجاء بعد ذلك كله الصدام العسكري المسلح في عام 1979م بين شطري الوطن والذي شكَّل عاملاً خطيراً آخر في تلك الأثناء..

لذلك كله جرى هنا في صنعاء التداول فيما يجب فعله وبروز الحاجة الملحة إلى المعالجات الناجعة وتداولت الأفكار والتصورات المطلوبة على الصعيد الوطني والمحلي والإقليمي، وكذلك الدولي لبحث الخطوات المطلوبة والولوج إلى واحة الأمن والاستقرار ودرء المخاطر الماثلة للعيان؛ وكانت فكرة المؤتمر الشعبي العام قد برزت منذ فترات سابقة إلا أن الظروف حينها لم تكن مواتية، ولم يتهيأ الوضع العام للتعامل وتنفيذ هذه الفكرة الوطنية والحدث الوطني العظيم بكل أبعاده ومراميه..
وفي مطلع الثمانينيات كان الحراك السياسي قوياً وطموحاً وصادقاً
في مسعاه، ولاحت الإمكانيات المناسبة للمِضِي في إنشاء هذا التنظيم الرائد والجامع، وتشاورت القيادات على مستوى الدولة والحكومة والهيئات والمؤسسات وبدأت خطوات التنفيذ بتشكيل اللجنة العليا للحوار الوطني برئاسة الفقيد المناضل حسين المقدمي وهو شخصية وطنية لا يختلف عليها اثنان، وبدأت بذلك فتح الآفاق التاريخية والمهمة للعمل السياسي المدروس والمنظم وبما يلبي طموحات الشعب اليمني وحقه في العيش الكريم والأمن والاستقرار والتنمية والنهوض الحضاري، وفي تلك الظروف الاستثنائية بدأ السير نحو برنامج وطني جامع بكل دلالاته ومعانيه وغاياته النبيلة نحو آفاق المستقبل المأمول وبإجماع ليس له نظير على المستويين الرسمي والشعبي، وكانت الاتجاهات والخيارات مدروسة بعناية ومحددة الاتجاهات والأهداف وبما يحافظ على مكاسب الثورة والجمهورية والمكتسبات العظيمة التي حققها ويحققها شعبنا..

وبعد نضوج الفكرة والهدف واستكمال
الدراسات وإصدار الأدبيات والوثائق واستبيانات استطلاع آراء الجماهير في كل محافظات ومديريات ومناطق الجمهورية العربية اليمنية -وكنتُ حينها مكلفاً من جانب وكالة أنباء سبأ للتغطية الإعلامية مع رئيس اللجنة في محافظة تعز طيّب الذكر الشخصية الاجتماعية والسياسية الأستاذ عبدالحميد الحدي-
أتذكر هنا الاحتفاء الكبير والأفراح الواسعة والابتهاجات الواضحة لأبناء محافظة تعز بهذا الحدث الوطني الكبير، حيث أقيمت الاحتفالات والمهرجانات الجماهيرية وأُلقيت القصائد المعبّرة، وتم إرسال وتوزيع أدبيات ومبادئ الميثاق الوطني الدليل النظري للمؤتمر الشعبي العام، بعد أن أجمع على بنوده وصياغته وأهدافه كل النخب السياسية والأكاديمية والثقافية والاقتصادية بعد حوارات ومداولات استمرت أكثر من عامين، وإقراره من قِبَل اللجنة العليا للحوار وكل الهيئات على مختلف مستوياتها وصُعُدها..

نحن هنا نكتب شهادة للتاريخ حتى يعرفها الجيل الجديد وصُنَّاع القرار وكل من في نفسه هوى..

ومنذ التأسيس في الرابع والعشرين من أغسطس 1982م والتي حضرها مندوبو وممثلو الأحزاب والهيئات والنقابات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي الذين باركوا تأسيس هذا التنظيم الرائد الذي قاد منذ ذلك التاريخ عمليات البناء والتطوير والنهوض وأركان التنمية والبنى التحتية بكل صورها وأشكالها على مختلف المستويات.. ونحن هنا لا نسمّي فهي تسمّي نفسها في كل ساحات اليمن شمالها وجنوبها وشرقها وغربها..
وقد تُوّجت تلك الإنجازات العظيمة بإعادة وحدة اليمن وقيام الجمهورية في الثاني والعشرين من مايو 1990م، ولابد أن نشير هنا إلى أن المؤتمر الشعبي العام لم يكن يوماً مستحوذاً أو مستغلاً للعمل في مجالات الإنتاج والتنمية، بل فتح الباب واسعاً أمام المشاركات لجميع القوى السياسية والحزبية وإشراك الجميع في تحمُّل المسؤولية الوطنية، وكان الكثير منهم يتقلدون حقائب وزارية ورؤساء هيئات ومؤسسات في مرافق العمل الحكومية حتى أولئك الذين أيديولوجياتهم معادية، خصوصاً الذين فروا وأيدوا وشاركوا في العدوان على شعبنا..

إن محاولات الإنكار وتزييف الحقائق والفجور في الخصومات والخلافات والتنابز المكروه هو إجحاف في حق المؤتمر ونعتبر ذلك إخفاقاً انسانياً وأخلاقياً وسقوطاً مدوياً مجافياً للحقائق والوقائع، ونشير هنا أيضاً إلى ان المؤتمر الشعبي العام اليوم بقيادة وزعامة المناضل الوطني الكبير والعتيد والمؤسس الشيخ صادق بن أمين أبو راس وكل قيادات المؤتمر وفعالياته يدعوت إلى تغليب المصلحة العليا لليمن ولَمّ الشمل ونبذ الفرقة وطيّ الخلافات بكل أشكالها وأنواعها والسمو فوق الأوجاع والجراحات إن وُجدت، والحشد للتصدي للعدوان إلى جانب أنصار الله وحشد كافة القدرات والإمكانات للوصول إلى تحقيق الأهداف في صُنْع السلام والأمن والاستقرار.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66524.htm