د. عبدالوهاب الروحاني - بعد "42" عاماً على تأسيسه، لم يعد المؤتمر بحاجة للحديث عن ماضيه والتذكر بمناقبه، وأحلامه، وأوجاعه، بقدر حاجته الملحة لتقرير ما يجب أن يكون عليه ..
بمعنى، أن تجربة المؤتمر لأكثر من ثلاثين عاماً في السلطة كافية، وحان الوقت ليس للاستراحة وإنما للمراجعة، والوقوف أمام ما كان وما يجب أن يكون.. عبر خطوات سهلة يمكن أن تبدأ بالتالي:
* مراجعة الإخفاقات والتعلم منها.
* فرز الغث من السمين، وتجنُّب ما فسد وتعفَّن من الرموز والقيادات البالية، ولملمة من لا يزال على العهد والوفاء.
* إعادة البناء والتأهيل وفقاً لمفهوم الحقائق الخمس للميثاق الوطني.
* البحث في خيارات عمل وطنية خارج السلطة، تجدد فيه الحياة.
* العمل مع شركاء يتقاسمون معه أفكار الوسطية والاعتدال.
من هنا، نقول وللمرة العاشرة، إن المؤتمر في يوم مولده الـ(42)، وبكونه التنظيم الوسطي الوحيد والأكثر شعبيةً، بحاجة إلى وقفة تأمُّل ومراجعة لمواقفه وإنجازاته وإخفاقاته، واتخاذ قرارات صعبة لا بد من أن يجربها ويتجرع مرارتها.. إنْ أراد أن يستعيد عافيته، ويلملم شتاته ويعزز من ثقة أعضائه به..
*خارج وَهْم السلطة
المؤتمريون اليوم مدعوون في الداخل والخارج، في السلطة أو على الرصيف للتحرر من وَهْم أنهم لا يزالون في السلطة.. سلطتكم بدأت تتآكل عندما اختلفتم مع شريككم في صُنْع الوحدة والديمقراطية (الحزب الاشتراكي اليمني)، وعندما استقويتم على الآخرين بقول أحد الأمناء العامين في العام 2007م: "سنمضي لوحدنا ولسنا بحاجة لأحد"، ثم انتهت سلطتكم في العام 2011م عندما تآمرتم على أنفسكم وتآمر عليكم "الإصلاح" شريك السلطة الدائم، وجميعاً أدخلتم البلاد في النفق المظلم..
المؤتمر اليوم لا يحكم ولا علاقة له بالسلطة.. لا في الداخل ولا في الشتات، كلهم في الشارع.. نعم هناك تجار ومتمصلحون، لكنهم مجرد أدوات منتهية الصلاحية.. لا يخدمون الوطن، ولا علاقة لهم لا بالمؤتمر ولا بمنهجه ولا بأعضائه..
حاجة المؤتمر اليوم هي لإعادة البناء خارج وَهْم السلطة وبقيادات غير ملوثة في انتمائها وتفكيرها ومنهجها .. قيادة لا تبيع ولا تشتري، كل همّها هو الشعب، والوطن، والدولة..
للمؤتمر منهج فريد ورائد بين القوى والأحزاب السياسية الوطنية؛ فهو ليس أيديولوجياً ولا عقدياً متعصباً.. التشدد، والعصبية، والتطرف، مفردات ليست في قاموسه، منهجه الاعتدال والتوسط، فَدَعُوه يجسّد قِيَم ومفاهيم الميثاق الوطني؛ فالرهان هو على الوسطية والتعايش مع الآخر المختلف.. المنهج الذي نشأ عليه المؤتمر.. واصطف حوله الناس وأحبوه..
المؤتمر وُلد على الفطرة اليمنية، وتأسس وعاش على الوحدة؛ فهو الوحيد بين الأحزاب والتنظيمات الوطنية الذي جمع كل الأفكار والاتجاهات والمذاهب والفِرَق على منهج واحد وطاولة واحدة ..
وأخيراً.. السؤال المهم الذي نردده لمن يتمسكون بقيادة المؤتمر خارج سربه ومنهجه هو:
* هلَّا اكتفيتكم بالعبث الذي تمّ ..؟!
لقد عانى المؤتمر من قياداته التي فرطت، أكثر مما عاناه من خصومه.. فاتركوا المؤتمر لمن يرعاه ويعيش في بيئته وبين قواعده..
وكل عام والمؤتمر بألف خير. |