الميثاق نت -

الإثنين, 02-سبتمبر-2024
حسين علي حازب* -
في البداية تعازينا لأبناء المحافظات المتضررة على العموم من السيول والغيث، وعلى الخصوص التعازي لأقارب وأهالي الشهداء والجرحى والمفقودين والمتضررين في أموالهم..
وندعو الله أن يحفظ اليمن وأهلها من كل مكروه، ونسلّم ونرضى بما قدر الله.. فله ما أعطى وله ما أخذ سبحانه وتعالى؛ والخير فيما اختاره الله..

ثم أيها الأخوة، فإنه من اللازم على الحكومة والمجتمع بعد قيامهم بواجب الإنقاذ والإيواء والمساعدة المباشرة للمتضررين وتقييم الأضرار، أن يبحثوا عن الأسباب التي اشتركت مع غزارة الغيث في مثل هذه الحوادث المؤلمة؛
فهناك وبدون شك أسباب أخرى غير غزارة الغيث؛هذه الأسباب من وجهة نظري تتمثل بالآتي :

١- وجود الآلة والمعدات الصناعية شجع المزارعين وأهل الأرض والمستثمرين على تعديل مجاري السيول لمزارعهم وحيازاتهم الكبيرة
بعمل أعرام لحجز أكبر كمية من المياه طمعاً وسوء تقدير؛ وكانت غير متاحة وممكنة قبل وجود الميكنة الزراعية، حيث كانت الميكنة هي العمل اليدوي والبقر والبغال والجمال والحمير؛
فتطورت إلى الميكنة بالآلة والمعدات الكبيرة، وتم الركون على أن الآليات ستعالج أي مشكلة تظهر هنا أو هناك بسرعة ونجاح، وهذا خطأ كبير؛ فمهما كانت تلك الآليات لا يمكن أن تصمد أمام أمر الله والغيث الكبير..
ولا يصح أن يقوم متنفذ أو مستثمر أو حتى مالك أصيل بحجز مزارع كبيرة يصل بعضها إلى عشرات ومئات الكيلو مترات المربعة، دون مراعاة لما يمكن أن يحصل عند تحويل هذه المزارع إلى بحار وبحيرات؛ وبمجرد أدنى شيء عند انهمار الغيث تنهار ولا تبقي ولا تذر، كما حصل في الحديدة..!!؟؟
وسيحصل في كل مكان تم فيه عمل مزارع تتجاوز الحدود في السعة والمساحة، فلا بد أن يتم تقدير ذلك من خلال التفكير في كبر واتساع وارتفاع مناطق هطول الغيث وكبر سيولها في أيام المواسم، ومنع تجاوز الحدود والعادة في أي منطقة تقام فيها مزرعة لا لها أول ولا آخر، ولا فيها تقدير للمستقبل من قِبَل صاحب الشأن أو الجهة المختصة والمجتمع ..

٢-هناك مقولة سمعتها
زمان أيام طفرة بناء السدود التي كان بعضها نوعاً من الترف والمماثلة
وتعطى لفلان أو علان
فيقوم بإقناع المهندسين والمقاول بالعمل برغبته والتعديل والتبديل بما يخالف الدراسة والمنطق
-باعتبار أنه من راجع فيها،
وكأن الدولة منحتها لحضرته وليس للمنطقة-
وسمعت أن الخبراء والمهندسين قالوا إن من شروط الأمان لبناء السدود أن يُوخذ في الاعتبار خطط أجدادنا السالفين في وضع الأعرام، وأين كانوا يضعونها؛ فالمهندسون الجدد لم يصلوا -وهذه وجهة نظري- إلى مستوى الحكمة والتفكير لدى أجدادنا في اختيار أماكن الأعرام وكيفية بنائها
وأدوات بنائها، هل التراب فقط، أم التراب مع البناء (الأسعدي) اسم الأعرام المبنية نسبة إلى جدنا أسعد الكامل ..
كذلك هل يتركونه (دفاف) يعني مساوياً للأرض زائدا مسافة تسمح بأن يرد السيل إلى أعلى الجربة أو الحصير، أو يرفعونه أكثر من ذلك..؟
وكانوا يعملون (المنساح) الذي يعني مكان تصريف الزائد عن الحاجة للمكان
بحسابات تراعي مساحات وارتفاعات أماكن سقوط الغيث..
شيء من ذلك كان نادراً ما يحصل، ووُضعت مئات السدود والحواجز في غير أماكنها كهِبات لأشخاص أو مناطق ليس لأجل الناس كلها؛ وللأسف كانت تُبنى بعضها لأجل غرض سياسي أو مصلحي، حتى غيرت شكل ومجاري الطبيعة التي خلقها الله، وستجدون أن حوادث انهيار السدود المبتدعة في اكثر من مكان ستكثر لسوء التخطيط والبناء
في حال استمر الغيث بهذه الغزارة ..

٣- نسيان قدرة الله للأسف عند البعض الذين يقومون بالبناء العشوائي في مجاري السيول
والسوائل مما يسبب حوادث كبيرة لمن بنى في مجاري السيول
بدون إدراك مآل البناء في طرق السيول؛ وهذا ما هو ملاحَظ وملموس ومحسوس ومشاهَد
في كل مكان في مدن وأرياف وعواصم،
وفي ظل سكوت من الجهات المختصة
والمجتمع حيث لا يقدّر الناس (أن حرية كل واحد مِنا تنتهي عند بداية حرية الآخرين)،
فلا يجوز لأحد أن يضر نفسه، فما بالكم عندما يتسبب في الضرر لنفسه والمجتمع ..!!؟؟
ولهذا يجب منع مثل هذا البناء وسوء الاستخدام لمجاري السيول.. وأن نستحضر قدرة الله
مهما بلغت إمكاناتنا، وأن نستغني عن سبيل الله،
فطريق السيل سبيل من سبل الله لا يجوز البناء فيه، أو عمل معيقات لمرور السيل؛ وهذا ما ظهرت آثاره في مناطق الكوارث..
السدود والبناء في طريق السيول غلط ومغامرة وتحدٍّ دون إدراكٍ لقدرة الله..

٤- الطامة الكبرى
التي لم ينتبه إليها أحد
وهي البلاستيك وقراطيس البلاستيك
ومنتوجاته التي غطت الشجر والحجر،
وضررها بلغ كل مبلغ،
فبالإضافة إلى ضررها على البئية والأرض والمياه والصحة،
هي أيضاً أحد أسباب حوادث السيول
لأنها لا تتحلل وتمسكها الأشجار عندما تأخذها الرياح، فتتسبب في تعديل أو منع وحجز مياه السيول وحجز الطمي خلفها مما يجعل السيول تنحرف عن اتجاهاتها التي تغيرها وتمنع مرور الماء في طريقه الطبيعية، كل ذلك أعتقد يلاحظه حتى الأطفال،
ما عدا مسئولي الصناعة
والمعنيين بالترخيص لمصانع البلاستيك،
التي أقترح على الحكومة
إغلاقها مهما كلف ذلك؛
والتزام الناس بأكياس وأدوات قابلة للتحلل في التربة دون ضرر، وقد عشنا ذلك، فقد كانت أكياس الورق تُستخدم
لحفظ ونقل احتياجات الناس في المدن والأرياف..
وأقول بصريح العبارة
حكومة أو مجتمع يريد تطوير الزراعة كمورد استراتيجي وهو يستخدم أكياس وأدوات البلاستيك، فهي حكومة ومجتمع يغلط على نفسه ويضع العقبات الكبيرة أمام مستقبل الزراعة..
وأخيراً.. دور المجتمع والمدرسة والجامع والجامعة والمعهد والمعنيين بثقافة المجتمع الدينية والفكرية معنيون بالتوعية بهكذا أضرار، والأسباب التي تؤدي -بالاضافة إلى غزارة الغيث- إلى هذه الكوارث..
وندعو الله أن يحمي بلدنا من الكوارث والمحن ما ظهر منها وما بطن..
وأنا على ثقة بأن حكومة التغيير والبناء لن تفوتها مثل هذه الملاحظات
التي ربما أنها تدركها أكثر مني؛ إضافةً إلى ما لديهم من دراسات وأبحاث وإدراك.. وما هذه إلا مساهمة بسيطة مني دفعني إليها ما نشاهده ونسمعه من حوادث بسبب الغيث الغزير هنا وهناك..
والله الموفق ..



*عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
رئيس الدائرة التربوية والتعليمية بالأمانة العامة للمؤتمر
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 18-سبتمبر-2024 الساعة: 04:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66552.htm