الميثاق نت -

الجمعة, 20-سبتمبر-2024
د. عبدالوهاب الروحاني -
الإصلاح يحتفل اليوم بالذكرى 34 لتأسيسه، وهي مناسبة تستحق الوقوف عندها، ومباركتها والترحيب بها.. ذلك لان حزب الاصلاح هو من اكثر الاحزاب الوطنية حضورا وشعبية، وهو - رغم تعصبه - قابل للانفتاح والتعايش مع الاخر المختلف، وتلك برأيي نقطة مهمة يجب ان نبني عليها في اي نشاط سياسي او تنظيم وطني.

ظل الاصلاح بخلفيته "الاخوانية" شريكا في التضال والثورة والجمهوية، ثم اصبح شريكا في السلطة منذ تأسيس المعاهد العلمية في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتشارك السلطة تدريجيا في ظل رئاسة القاضي الارياني، فالرئيس الحمدي الذي مكن قادته من المشاركة، وسلمهم زمام العملية التعليمية ونجحوا فيها بطريقتهم، ثم الشراكة السياسية الكاملة مع الرئيس علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام حتى الانقلاب عليه فيما سمي ب"ثورة" الربيع اليمني.

ليته لم يجرب:
جرب "الاصلاح" قيادة السلطة مع شركائه في المشترك بعد أحداث 2011م، وليته لم يجرب لانه خلال ثلاث سنوات من سلطته فشل فشلا ذريعا، ولعله اليوم بعد 13 عاما من الانفلات والفوضى قد ادرك انه لم ينقلب على الرئيس علي عبدالله صالح وانما انقلب على نفسه وعلى الدولة والمجتمع.

لا يستطيع احد ان ينكر قدرة الاصلاح التنظيمية وشعبيته على طول اليمن وعرضها، كما لا يستطيع احد ان يتجاهل دوره في اي عملية سياسية قادمة، لكن بالمقابل لا يستطيع قادته ان ينكروا ان دور حزبهم السياسي قد تراجع كثيرا ليس فقط بعد ان تركوا السلطة وغادروا صنعاء، وانما ايضا بعد ان اسلموا رقابهم لحلفائهم، الذين سجلوا الحزب في قوائمهم الرسمية ك"منظمة ارهابية".

الفشل الكبير:
ليس حزب الاصلاح الوحيد من تراجع دوره في العملية السياسية، وانما كل الاحزاب الوطنية تراجع دورها بل اختفى عند بعضها.. قبل ثلاث سنوات وتحت عنوان "الفشل الكبير" كنت قد دعوت المؤتمر والاصلاح والاشتراكي وكل الاحزاب والتنظيمات، التي جربت الحكم ونجحت أو فشلت للتحول الى المعارضة الهادفة، لانها في خضم هذا الفشل الذي وصلنا اليه وكانت جزءا منه، لم يعد في امكانها ان تقدم جديدا.. ذلك لانها قد دُجٌنت واصبحت مجرد عناوين ويافطات وهياكل مهترئة لا تقدم ولا تؤخر..

‏احزاب اصابها الهزال فكرا وبناء، وتكسر عودها.. منها من استسلم للامر الواقع ولزم الصمت، ومنها من ركب الموجة مع التمزق والشتات.. وقبل بما "ادى الله" واستفاد قادتها من الاعاشات والمرتبات، التي يحصلون عليها وحمدوا الله على كل حال وانكفأوا جانبا..

انا هنا لا انتقص من دور هذا الحزب او ذاك، فالكل ادى دوره بطريقته سلبا أو ايجابا، غير ان هذه الاحزاب اصبحت اليوم بحاجة لان تجرب حياة العامة.. وتستشعر بمعاناة المواطن البسيط، وتتبني اجندة وطنية جديدة من خلال:

أولا: التوقف عن المشاركة في ممارسة الفساد.. لانها - بالتاكيد - لا تزال تفسد وتعبث..
ثانيا: تبني الدعوة لوقف الحرب والمشاركة في صناعة السلام المشرف.
ثالثا: الاعتذار للناس عن اخطاء ارتكبتها مقصودة او غير مقصودة.
رابعا: الاقتراب من هموم الناس والشارع، وتحسس أوجاع الفقراء والمحتاجين

نقول هذا، لان الدور الطبيعي للاحزاب الوطنية هو صنع السلام، ولانه - للاسف- اصبح لدينا اليوم قادة احزاب تاريخية لا يحكمون وانما هم مجرد موظفين فاشلين يمارسون الفساد .. تتركز اهتماماتهم في التسابق على تأمين مصالحهم، وشراء العقارات، وفتح الشركات، واقتناء الماركات، وتكديس المدخرات.. أما حال المجتمع، وجوع الناس ومعاناتهم، وكوارثهم، وانهيار المنظومة التعليمية والصحية، والوضع الاقتصادي، وارتفاع اسعار السلع الاساسية، وتمزيق الوطن..فهي امور لم تعد تعنيهم باكثر من كلمات يرصونها في بياتات وخطابات موسمية لرفع الحرج واسقاط الواجب..!!

من هنا، نعود ونقول ان الاصلاح في ذكراه ال34 كما هو حال المؤتمر، والاشتراكي، والناصري، والبعث،
بحاجة الى ان تعيد بناء نفسها باعادة بناء اجنداتها الوطنية من موقع المعارضة، وتفعيل الديمقراطية بداخلها، وتلعب دورها الوطني في اطار ثوابت الثورة والجمهورية والوحدة، والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله.

مبارك للاصلاح قادة وقواعد وانصار احتفالهم بذكرى التأسيس، وكل عام والجميع بخير..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:03 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66599.htm