الجمعة, 18-أبريل-2008
الميثاق نت -  د. طارق المنصوب -
الإصلاح السياسي هو: " عملية التحول الذاتي أو الموضوعي، التدريجي أو الثوري صوب الديمقراطية ومكافحة بؤر الفساد السياسي، وبما يكفل تحقيق الاستقرار للنظام السياسي". ومن مرادفات الإصلاح السياسي: التغيير والتطور والتقدم والتجديد والتحديث، وأخيراً التنمية. وكلها مرادفات متقاربة؛ تعني عدم الثبات على حالٍ واحد، والقدرة على التكيف مع المتغيرات التي تفرضها طبيعة الحياة البشرية المليئة بالإكراهات والتحديات المحلية والإقليمية والدولية، وبالتطلعات الوطنية المشروعة للسير بتجربتنا السياسية نحو آفاق رحبة جديدة ومتطورة.
وربما يستغرب بعض القراء إن قلنا إن تجارب عديدة تاريخية ومعاصرة محلية وإقليمية ودولية أثبتت أن طبيعة كثير من الأفراد والمجتمعات البشرية مع الإصلاح أو التغيير هي رفض التغيير لا قبوله، أو على الأقل قبوله بعد فترة من الممانعة والرفض والنقاش المستفيض والتعايش مع نتائج الفكرة أو المشروع الجديد الذي يثبت واقعياً صوابه. ومع الأسف فهذا هو الحال مع كل دعوة أو مبادرة أو فكرة أو برنامج أو مشروع جديد يدعو إلى تغيير الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وكما يقال: «فلكل جديد رهبة».
ورفض التغيير يهدف إلى إبقاء الحال على ما هو عليه وإعاقة كل نزوعٍ وتطلع مشروع نحو تغيير الأوضاع السياسية والمجتمعية، وتتباين الأسباب التي تدفع بعض القوى السياسية والمجتمعية الوطنية إلى رفض التغيير، منها: الخوف على المصالح الآنية والمستقبلية، والخوف الطبيعي من المجهول.
وقد لا نبالغ إن قلنا هذه المرة إن رفض التغيير قد يأتي من جهات متعددة تتباين مبررات خوفها من فكرة انتخاب المحافظين أو رفضها له، وإن لم يعبر عن مواقف مبدئية، بقدر ما يعكس ردود فعل فاجأها الفعل في ذاته الذي اتخذه مجلس الدفاع الوطني، بإعلانه قرار انتخاب المحافظين، ويمكن على الأقل حصر هذه الجهات في التالي: أولاً، قد يأتي رفض التغيير من بعض المحافظين ممن لم يكن سجلهم السابق حافلاً بالمنجزات والمشاريع العملاقة في المحافظات، ولم تكن علاقاتهم مع المجالس المحلية والمواطنين مبنية على الثقة والاحترام المتبادل، ولذا فهم سيرون في «الانتخاب» لا «التعيين» وسيلة لحرمانهم من المواقع التي كانوا يعتقدون أنهم خالدين فيها أبدا. ثانياً، قد يأتي رفض التغيير من قبل ممثلي الشعب في المجالس المحلية ممن أولاهم المواطن اليمني كامل ثقته في أن يراعوا - نيابة عنه - أمانة اختيار من تتوفر فيه صفات النزاهة، والإنجاز، والكفاءة الإدارية، لا تغليب المحاباة والمجاملة والعلاقات الشخصية والقرابية عند عملية الاختيار. ثالثاً، ربما يأتي رفض التغيير من قوى ترفض التغيير أصلاً ومضموناً، طالما صدر عن أطراف أخرى، لأنها تجد في هذه التجربة نجاحاً تعده فشلاً لها يزيد من معاناتها وتعميق الهوة بينها وبين الناخب اليمني، في ظل ضيق الأفق وغياب الرؤية السياسية المبدئية وتغليب المصالح الذاتية عوضاً عن المصالح الوطنية الشاملة. وأخيراً قد يكون من الطبيعي الإشارة إلى أن رفض التغيير سيأتي ممن يعتقدون أن مشروع انتخاب المحافظين قطع السبيل أمام مشاريعهم الانفصالية، وأفرغ كثير من حججهم لاستدرار عطف المواطن اليمني في بعض محافظاتنا اليمنية الجنوبية.
خلاصة القول: إن إقرار التعديلات القانونية الخاصة بانتخاب المحافظين يمثل مرحلة جديدة من مراحل التغيير أو الإصلاح السياسي والديمقراطي التدريجي المنسجم مع ما ورد في البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئيس، وهي بالفعل نقلة نوعية في ممارسة النهج الديمقراطي واستجابة واقعية للضرورات التي فرضها الواقع السياسي للبلد وما يمر به من محاولات ومشاريع انفصالية حاقدة لبث ثقافة الكراهية المناطقية والطائفية بين أبناء اليمن الواحد، كما يعد آلية مناسبة - على الأقل في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا ووحدتنا اليمنية - تكفل انسجام مختلف مكونات المجالس المحلية مع السلطة المحلية المنتخبة منها، وهذا من شأنه خلق مناخٍ مثالي ملائم للعمل على المستوى المحلي لتحقيق وتيرة عالية من التنمية وصيانة مكتسبات الوحدة اليمنية، والحفاظ على الوئام والسلم الاجتماعي والوطني بين أبناء الشعب اليمني الواحد. ولذا فمن الواجب علينا جميعاً أن نحرص - كلاً من موقعه - على تنفيذ الفكرة كما أريد لها أن تكون حلاً ملائماً ووطنياً لقضايا ذات حساسية وطنية ومجتمعية عالية، ومناسبة ديمقراطية للتغيير.

جامعة إب
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6660.htm