الميثاق نت -

السبت, 12-أكتوبر-2024
د. عبدالوهاب الروحاني -
بعد اغتيال إسرائيل "هنية" وهو ضيفها السياسي الكبير في العاصمة طهران، وبعد الاختراق الأمني غير المسبوق لحزب الله، واغتيال زعيمه وأبرز قاداته، وتدمير قوته، وهو ذراعها الأقوى في المنطقة.. هل لا تزال إيران على استعداد للدخول في مواجهة مع العدو الإسرائيلي؟!

هذا هو السؤال، الذي يبحث عن إجابة، لأن إسرائيل تنفذ أهدافها وتواصل اقتفاء الأثر.. ما يعني أن ردوداً عابرة كما فعلت إيران في الجولتين السابقتين (أبريل- أكتوبر 2024م) لن توقفها، فقد افتتحت شهيتها بعد ضربتها المدمرة في لبنان، وهي اليوم باتجاه "رسم خارطة شرق أوسط جديد" تخضعه لهيمنتها، وسيكون -بالتأكيد- ليس فقط على شعوبنا وأوطاننا العربية، وإنما أيضاً على حساب التواجد الإيراني في المنطقة..

نعم، ردت إيران برشقات صاروخية (رشيقة) في المرة الأولى، ومؤثرة في الثانية، لكنها ليست موجعة؛ وقد تواصل إيران الردود برشقات من الطيران المُسيَّر والصواريخ المطورة على كل تدمير يطالها أو يطال ما تبقَّى مما يسمى بـ"محور المقاومة"، لكنها -بالتأكيد- ستكون ردوداً منسقة وعاقلة وبترتيب مُسبَق..

إيران تدرك أن ما جرى من اختراق أمني كبير في لبنان يمسها مباشرة، ويهدد أمنها ويَفُتّ من قوتها وهيبتها، لكنها لن ترد على إسرائيل بحجم اعتداءاتها، ليس لأنها غير قادرة، وإنما لأن لإيران مشروعاً أكبر من أي رد منفعل، والرد العسكري (بمعنى المواجهة) سيفشل هذا المشروع..


التعامل المرن

الاستراتيجية الإيرانية لا تقوم على المواجهة، وإنما تقوم على قاعدة التعامل المرن، وخطواتها في المنطقة محسوبة من حيث:

أولاً: أن الدخول في مواجهة جادة ومباشرة مع إسرائيل يعني إغضاب الولايات المتحدة، وربما الانزلاق في مواجهة معها، الأمر الذي ليس في الحسابات الإيرانية، ولن تتورط فيه..

ثانياً: إيران حريصة على شعبها ومقدراتها الاقتصادية، وتخشى على كل مصالحها ومؤسساتها..

أما ثالثاً وهو الأهم، فيكمن في الحفاظ على استمرار المشروع الإيراني وتعزيز سيطرتها في المنطقة، الأمر الذي لن يتحقق إلا بضبط طهران إيقاع تحركاتها تجاه المُستجَد من الأحداث..


الرهان الغبي

الغريب المضحك أن بعض القادة في منطقتنا العربية كان -ولا يزال- يراهن بغباء على دخول إيران في مواجهة مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة؛ نعم، إيران ترغب في أن تنتقم لنفسها من إسرائيل، لكنها لن تغامر في مواجهة غير محسوبة تقضي على كل أحلامها في المنطقة..

سترفع طهران شارات الحزن وتقيم دواوين العزاء على هنية، وقادة حزب الله، وتمنح حسن نصر الله الألقاب والنياشين، ويطلق ساستها التصريحات هنا وهناك، و(ربما) ستستهويهم مجدداً لعبة "الرشقات" الصاروحية، التي بمقدور إسرائيل استيعابها، لكنها لن تدخل في حرب مباشرة مع إسرائيل..

وهكذا، طالما إيران منضبطة وعاقلة فستظل محصنة ولن يمسها سوء.. المخطط -كما سبق وقلنا- كبير وواضح، والمستهدَف من كل ما يجري في المنطقة العربية هو انقضاض على ما تبقَّى من أمة كانت لها رسالة..
رحم الله شهداء العربدة الصهيونية في غزة، ولبنان، واليمن والعراق.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 03:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66667.htm