د/ جابر البواب - لا يختلف إثنان على النظرية القائلة إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م، تعد امتداداً طبيعياً لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، وحدثاً مهما للشعب اليمني وتعتبر الثورتان من أهم الثورات التي غيرت حياة اليمنيين، وغيرت مجرى التاريخ في الشمال وفي الجنوب، وأكدت الثورتان أن الشعب اليمن شعبا واحدا موحدا أرضا وإنسانا..
فالثورة الأولى قضت على الظلم والاستبداد والعبودية، وأشرقت بعدها شمس الحرية والنماء والتطور والبناء، واضيئت معها أضواء العدالة والمساواة، ومضى قطار العلم والتعلم، محمل بالإنجازات والمنجزات السبتمبرية، فأنشأت المدارس وشيدت الجامعات وفتحت المستشفيات، أما الثورة الثانية أكتوبر الحرية والاستقلال والانتصار
لمبادئ وأهداف ثورة سبتمبر، والاستقلال عن الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدور اليمنيين في جنوب الوطن لما يقارب 129 عاما من الإستعمار
والاستبداد والذل الذي لحق باليمنيين في الجنوب..
لقد أنتجت وحدة الفكر الثوري النضالي، والتقاء الثورتين في خط التحرر من الظلم والاستبداد والاستعمار، أنتجت الجبهة القومية لثورة 14 أكتوبر المجيدة، التي حددت أهدافها بالتحرر من الاستعمار العسكري والسياسي البريطاني المسيطر على أراضي جنوب اليمن، والغاء وإزالة السلطنات التي كانت عوناً للمستعمر، العمل على توحيد أراضي وجزر الشطر الجنوبي من اليمن، وضمان الاستقلال السياسي وصون السيادة الوطنية وعدم السماح بالتدخل في شؤون اليمن، والعمل مع أحرار ثورة سبتمبر على التحرر الاجتماعي من الاستغلال والظلم والاستعباد، والعمل على تنمية الاقتصاد اليمني، والعمل للاكتفاء الذاتي، وبناء دولة عادلة، والتضامن مع نضال الشعوب العربية وشعوب الأرض ضد الاستعمار والاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية..
لقد عمل الاستعمار في الماضي على تقسيم اليمن وتجزئته، بهدف السيطرة على ثرواته الطبيعية، وأراضيه الزراعية بالإتفاق مع السلطنات في جنوب اليمن والإمامة في شمال اليمن، لكن وحدة الفكر الحرة لمناضلي ثورتي سبتمبر وأكتوبر، قضت على الاستعمار والاستعباد، ووحدت اليمن جنوباً وشمالاً بلحمة الثاني والعشرين من مايو عام
1990م..
اليوم يعود الاستعمار الغربي بأشكال وأنواع جديدة من النهج الاستعماري، من خلال محاولة أمريكا وبريطانيا استعمار اليمن الموحد، عبر دعمهما لتحالف الحصار والعدوان على اليمن، وتنفيذ استراتيجيته الاستعمارية الجديدة عبر دول الخليج " السعودية والامارات" التي قادت مشروع التحالف العربي، وحاولت احتلال كامل أراضي اليمن، لكنها لم تفلح في ذلك كلياً، بفضل الله ثم بفضل الجيش واللجان الشعبية، ومع ذلك فقد تم احتلال معظم السواحل اليمنية في جنوب اليمن وبعض الجزر كجزيرة سقطرى من قبل دولة الإمارات..
يعمل الاستعمار الجديد بالتعاون مع العملاء المطبعين، على استغلال الأحداث التي صنعوها بالحصار والعدوان على اليمن، إلى تقسيم وتجزئة وحدة الأرض والإنسان تحت مسمى الأقاليم، وهو ما يتطابق مع الفكر الاستعماري القديم الذي كان يقسم جنوب اليمن إلى محميتين شرقية وغربية، وفصل الساحل الغربي عن شمال اليمن ويقسم شمال اليمن إلى زيود وشوافع، وذلك ما كان يعمل عليه المشروع القديم للمستعمر البريطاني، الذي عاد بثوب خليجي، وبسلاح إثارة العصبية الطائفية والنزعات القبلية والصراعات السياسية، التي أوصلت اليمن إلى مستنقع الحرب الأهلية..
والمقارنة بالأحداث والعراقيل التي واجهتها ثورة الرابع عشر من أكتوبر والسادس عشر من سبتمبر في بدايات التصدي والتخلص من آثار الإستعمار والإستعباد، نلاحظ أن هناك تطابق نسبي يمثله التحالف العربي المسير للعدوان على اليمن في العام 2014م، بتحالف قوى الاستعمار القديم بريطانيا وأمريكا ودول الخليج المطبعة مع الصهاينة المحتلين، بهدف فرض الحصار والحرب الاقتصادية، وتسهيل احتلال جنوب اليمن وسيطرة الإمارات على الجزر اليمنية وإخراج بعض أراضي اليمن المحتلة من دائرة السيادة اليمنية المتمثلة بالمجلس السياسي الأعلى وحكومة التغيير والبناء، لكن وعلى الرغم من كل هذه الأحداث والمجريات الاستعمارية، فإن أمامها شعب يؤمن
بالحرية والاستقلال، ويرفض الخنوع والاستسلام، ولا يقبل بالذل والظلم والمهانة، لذا نجده في مقدمة المدافعين عن الحق والمتصدي للفكر الاستعماري والعدوان الخارجي، ينشد السلام ويتمسك بالسيادة الوطنية والولاء الايماني المطلق لله ثم للوطن، ولا يقبل الإنتقاص من الكرامة العربية..
فعلى الرغم مما يعانيه من حصار وعدوان إلا أنه متمسك بأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، ويقف جنباً إلى جنب مع القضية المركزية الأولى للأمة العرية والإسلامية " فلسطين"، ويسعى عسكرياً إلى تحريرها من الاحتلال الصهيوني، عبر خط المقاومة بالتعاون مع محور المقاومة العربية ضد الكيان الإسرائيلي المغتصب المحتل للأراضي المقدسة الشريفة في فلسطين، وإيقاف جرائم الإبادة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني واللبناني.
|