أحمد الزبيري - أبو إبراهيم يحيى السنوار، قائد طوفان الأقصى، والمجاهد والمناضل الصنديد الفلسطيني الذي حمل قضية شعبه وأمته على كاهله فتىً وشاباً، ليقوم بمهام عسكرية وأمنية استثنائية أكدت أننا أمام شخصية وُلِدت من رحم المعاناة الفلسطينية ليكون قائداً لم تُوهِن من عزيمته المطارَدات ولا سجون الاحتلال، بل زادته إصراراً وإيماناً لتحرير فلسطين وإزالة كيان الصهاينة..
أبو إبراهيم السنوار استُشهد كما أراد له الله وكما أراد هو مقاتلاً مجاهداً مواجهاً مشتبكاً ملهماً لشعبه وأجياله القادمة مع كيان العدو الصهيوني النازي وللأحرار في أمته العربية والإسلامية وفي كل العالم.. ارتقى شهيداً على نحوٍ ضرب كل سردية الشيطنة والدعاية التي شنتها جبهة الصهاينة والغرب العدوانية الإجرامية.. والأسوأ منهم إعلام أنظمة صهاينة العرب الذين يقدّمون أنفسهم أنهم أسوأ من نتنياهو وسموتريتش وبن غفير الذين روَّجوا أن هذا البطل المقدام يختبئ في نفق ويحيط نفسه بالأسرى الصهاينة حتى لا يُقصَف، وأن استخبارات الكيان تعرف مكانه، في حين أن الصورة والمشهد فضحهم وأسقط كل سردياتهم لأنهم لم يكونوا يعرفون أن الذي قاتلهم مع قيادة القسام هو يحيى السنوار، فتسربت المشاهد وارتدَّت على الصهاينة وجيشهم واستخباراتهم وعلى ذلك الإعلام المضلّل المجرم..
بحق.. لقد قاد السنوار عملية طوفان الأقصى ومعركته التي جاءت رداً استباقياً على مخططات التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية، وكانت أمريكا وإدارتها ودولتها العميقة قاب قوسين وأدنى من إعطاء كيان الصهاينة ما أسموها الجائزة الكبرى في عملية التطبيع، والمقصود هنا التطبيع مع نظام بني سعود والذي بحكم سيطرته على الحرمين الشريفين سيقْطُر خلفه بقية العرب والمسلمين لهذا التطبيع، ليصبح الكيان الصهيوني هو المهيمن والوكيل الحصري لأمريكا في سيطرتها على منطقتها كلها؛ فجاء طوفان الأقصى ليضع الأمور في نصابها ويعيد القضية الفلسطينية إلى مكانها في هذا العالم المحكوم بقوى ظالمة وغاشمة، وكان ذلك ضربة قوية للسردية الصهيونية التي سادت في الغرب ودُعمت بقوانين ما تُسمى معاداة السامية..
طوفان الأقصى أسس لمرحلة جديدة في هذا الصراع، وأثبت للعرب والمسلمين أن إسرائيل قابلة للهزيمة، وفضح الأنظمة العربية التي حاولت أن تعمٌم في وعي شعوب أمتنا أن كيان الصهاينة غير مقدور عليهم، وأنه لا بديل إلا الاستسلام لهم، وهذه حقيقة كانت هدفاً أساسياً، والشهيد السنوار يخطط لهذه العملية مثبتاً أن معظم تلك الأنظمة إما عميلة أو خائفة على بقائها، وبعضها كانت تطلب رأس المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة كلها أكثر من الكيان الصهيوني.. مئات وآلاف الشهداء من القادة والمجاهدين سقطوا في هذا الطريق وكان كل استشهاد يسهم في التأسيس لمرحلة جديدة في نضال الشعب الفلسطيني وكل قوى المقاومة المجاهدة الصادقة في أمتنا.. وارتقى يحيى السنوار شهيداً بعد أكثر من عام فشلت فيه مخابرات الصهاينة والأمريكان والبريطانيين وكل دول الناتو في الوصول إلى هذا القائد رغم أنه كان يتنقل بالجبهات والمواقع ويشارك في التخطيط للعمليات ويشرف عليها، وبالصدفة وبعد مواجهات ارتقى شهيداً كما أراد، ومثل هذه الشهادة لا يمكن أن تكون إلا تأسيساً لمسارٍ يقرّب من تحرير فلسطين والمقدسات؛ ومثلما هَزَمَ وأذل القائد السنوار الصهاينة وحلفاءهم فسينتصر عليهم باستشهاده والذي كان انتقالاً إلى مرحلة نوعية على طريق تحرير القدس وفلسطين من النهر إلى البحر.
|