عبد الرحمن الراشد -
السؤال المنطقي: لماذا لم تهاجم القاعدة اهم عدوين في أدبياتها السياسية، إسرائيل وإيران؟
رد الظواهري في مؤتمره الصحفي الالكتروني زاعما بأنه مشغول في الحرب في العراق، وبعدها سيتوجه الى ضرب إسرائيل. إجابة غير مقنعة لأن التنظيم نفذ عشرات العمليات في باكستان خلال العشرين شهرا الماضية، وأحبطت عمليات خطيرة خططتها في السعودية استهدفت مناطق البترول ومكة المكرمة. لا يمكن أن نصدق أن القاعدة عاجزة، ونحن نرى قدراتها العجيبة في الوصول إلى أصعب الاماكن، كما فعلت في هجماتها الثلاث المتزامنة في شرق افريقيا، والطائرات ـ القنابل في الولايات المتحدة، او تخطيها كل الحمايات باغتيالها بي نظير بوتو في باكستان. معظم عملياتها العسكرية تميزت بالدراسة، والتخطيط الصبور، والوصول الى الهدف مهما بَعُد وصعُب. وهذا يعيدنا الى السؤال لماذا استثنت القاعدة إسرائيل وإيران رغم ان الهدفين يعطيانها شعبية بين المتطرفين اكثر من استهداف الصومال او الفلبين؟ وضرب اسرائيل ليس مستحيلا، بدليل نجاح الفلسطينيين وحزب الله، أما ايران فاستهدافها أسهل بكثير. القاعدة تبدو كوحش فالت من عقاله، لكنها في الحقيقة تنظيم سياسي بالدرجة الاولى، ويفكر قادتها كأي سياسي يريد استخدام أدواته لأهدافه العليا.
سألت مرة أحد كبار الشخصيات الايرانية لماذا تسمح إيران لعدد من قيادات القاعدة بالبقاء على اراضيها، مثل سيف العدل وسعد ابن اسامة بن لادن وآخرين، الذين فروا الى هناك بعد ان طاردتهم القوات الاميركية في افغانستان؟ فأجاني بإجابته الصريحة. قال: هم هناك لحماية ايران من عمليات القاعدة. ظننت أنني لم أفهم ما قاله، هم رهائن؟ ببرود وبصريح العبارة أجابني نعم رهائن.
اي ان القاعدة تتحاشى التعرض لايران لانها تمسك بابن ابن لادن وبعض كبار قياداته. المؤكد انهم نشطون، بدليل انهم خططوا لعمليات في الخارج، حيث التقطت اتصالاتهم الهاتفية من ايران وهم يعطون الإذن بالتفجير الذي وقع في الرياض. فهل هذا يجعل ايران ضالعة في توجيه بعض عمليات القاعدة ؟ اي تعمل معها وليسوا مجرد رهائن؟ هناك ادلة كثيرة ضد ايران من بينها ان العمليات الهائلة في العراق نفذت بألغام وأسلحة ايرانية.
أما امتناعها عن اسرائيل فالتفسير المعقول ان القاعدة لا تريد التورط في حرب مع دولة لا تعرف حدودا في الرد ولا تبالي بالنتائج.
والتفسير الأخير هو أن القاعدة مجرد وسيلة تستخدم لمن استطاع إليها سبيلا، كما كان يفعل تنظيم أبو نضال في السبعينيات والثمانينيات، مجرد بندقية مؤجرة ترفع شعارات مزورة.
* صحيفة “«الشرق الأوسط» اللندنية