الميثاق نت -

الإثنين, 11-نوفمبر-2024
أ‌وضاح خنفر -
الجمهوريون سيكتسحون أركان السلطة الثلاثة: الرئاسة ومجلسي الشيوخ والنواب، زلزال سياسي في أمريكا يتردد صداه في أنحاء العالم ، فماذا يعني فوز ترامب وحزبه للعالم ولنا ؟

‏١. فوز ترامب وفوز حزبه بمجلس الشيوخ يمنحه فرصة مريحة لتشكيل إدارته بالشكل الذي يراه، لن يعاني ما عاناه سلفه، سيكون قوياً، وأكثر ثقة ببرنامجه وسياساته، وهو يعود منتقماً، ويرى التفويض الجديد له تصحيحاً لما اعتبره تزويراً واستهدافاً شخصياً..

‏٢. هو فوز لليمين عالمياً، وضربة قوية لليبراليين، ولذلك قد نرى تصاعد حظوظ اليمين في أية انتخابات قادمة في أوروبا..

‏٣. أوروبا تعيش أجواء صدمة وقلق: فالناتو سيعود مرة أخرى إلى دائرة التردد التي وضعها فيها ترامب في دورته الرئاسية الأولى؛ سوف يجبر الأوروبيين على مزيد من المشاركة المالية وتحمل مسؤولية الدفاع عن أنفسهم، والاقتصادات الأوروبية ليست بخير، كما أن أوروبا منقسمة سياسياً بين يمين صاعد ويسار محتار، والأهم هنا أن القيادات الأوروبية الحالية هي الأضعف منذ الحرب العالمية الثانية..

‏٤. روسيا تعيش أجواء احتفالية، ترامب هو الحليف الذي كانت روسيا تعمل جاهدة لكي يفوز، والآن يمكنها أن تحسم ملف أوكرانيا، وأن تحقق ما تعمل له من إضعاف الناتو وصده عن جوارها الإستراتيجي..

‏٥. الصين لا تعيش نفس الأجواء الاحتفالية التي تجتاح الكرملين، فسياسات ترامب ضد الصين أكثر عدوانية في موضوع الحصار، وقد نرى تصاعداً للحرب الاقتصادية والتقنية بين أمريكا والصين، غير أن ترامب مفيد للصين من ناحية واحدة وهي عدم ميله للصدام العسكري المباشر، وهنا نستدعي سياسته تجاه كوريا الشمالية ومحاولته غير التقليدية للتوصل إلى صفقة، فهل يخطو خطوات مصالحة تجاه بكين كما فعل مع بيونجيانج ؟ لا أظن ذلك، فموضوع الصين هو موضوع يتعلق بالاستراتيجية الأمريكية ومصلحتها القومية، ولن تتسامح الدولة العميقة مع تغيير بهذا الحجم..

‏٦. أما بالنسبة لمنطقتنا فمن المبكر الحكم على سياساته تجاهها، غير أن ترامب هو رجل صفقات، ولا يسير في مسارات متماسكة، وقد يتخذ خطوات غير متوقعة في أيٍّ من الاتجاهات، غير أن المؤكد أن هزيمة هاريس ليست خبراً حزيناً على الإطلاق، فإدارة بايدن الديمقراطية والِغة في دماء أهل غزة، ولو أن هاريس فازت لسارت في نفس الطريق..

‏٧. هذا لا يعني أن ترامب سيكون حمامة سلام بالنسبة لنا، قد يتخذ قرارات في غاية السوء كما فعل في دورته الأولى في موضوع القدس والجولان، لكنه ولأسباب تخص أسلوبه وطموحه الشخصي سوف يسعى لوقف الحرب وعقد صفقة ما، قد لا تكون صفقة جيدة، وهذا حديث آخر..

‏٨. طهران قلقة وأنقرة متفائلة، لماذا؟ لأن ترامب أبدى عنفاً لفظياً واضحاً ضد إيران ووعد بقصف منشآتها النووية، قد يكون ذلك مزايدات انتخابية، لكن ينبغي أن نستحضر هنا أنه دائماً ما كان يهاجم سياسة الديمقراطيين التي يتهمها بالتساهل والتواطؤ مع إيران، هذا الواقع سوف يدفع إيران إلى تقديم قياداتها (المعتدلة) مثل الرئيس ونائبه للواجهة لإبداء قدرٍ من المرونة وكسب الوقت بينما قد تعمل على إنجاز مشروعها النووي بشكل أكثر إلحاحاً.. أما بالنسبة لتركيا فتجربتها مع الديمقراطيين سيئة لا سيما في الملف الكردي بسوريا، وعلاقة أردوغان بترامب أكثر وداً من علاقة الرئيس التركي ببايدن وإدارته..

‏٩. علينا هنا أن ننظر إلى فوز ترامب كنقطة تحوُّل مهمة جداً في الداخل الأمريكي المنشطر بقسوة لا مثيل لها من قبل، كما أن شكوكاً كثيرة سوف تجتاح الواقع الدولي مما سيسرع حالة الاستقطاب والقلق وسيدفع إلى مزيد من التكتلات الإقليمية والتحالفات الجديدة، فالنظام الدولي متداعٍ أصلاً، وهو اليوم أكثر ضعفاً.. نحن أمام مرحلة في غاية الإثارة، تحمل مخاطر كبيرة وفي نفس الوقت ستفتح أبواب التغيير وإعادة تموقع القوى الإقليمية والدولية على حد سواء..

‏١٠. في الوقت الذي يتحول فيه النظام الدولي نحو التعدد القطبي وبناء تحالفات إقليمية، فإن دول المنطقة لا تزال بعيدة عن أن تصبح مركزاً جيوسياسياً متكاملاً، لا نزال ممزقين، ولذلك فإن دولنا ستميل وفقاً لهوى واشنطن، مما يفقدها مزيداً من العمق الاستراتيجي، وبذلك يفقدها مزيداً من الشرعية الشعبية.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 03-ديسمبر-2024 الساعة: 05:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66798.htm