الميثاق نت -

الإثنين, 11-نوفمبر-2024
د. عبدالوهاب الروحاني -
اللي ما يجي في شبابه
ما يجي والرأس شايب
(مثل شعبي يمني)

قالوا إن الأحزاب اليمنية شكلت بوساطة "المعهد الديمقراطي الامريكي" تكتلاً جديداً يجمع شتاتها مع أن جميعهم في فنادق شتى، واختاروا "أحمد بن دغر" رئيساً لهم.. بكونه -كما يقولون- رئيساً للمؤتمر، ولا ندري في الواقع أي مؤتمر بن دغر يرأس..؟!!

سؤال بريئ، لأن الأوراق قد اختلطت وأشكل علينا الأمر.. ولم نعد ندري من يرأس المؤتمر في الشرعية المنفلتة، الرئيس بن دغر، أو الرئيس العليمي، الرئيس البركاني، أو الرئيس الميسري (!!!)، كلهم رؤساء ولا نفرق بين أحد منهم.. ما نتمناه أن يرسُّونا على بر ويتفقوا، ولن يتفقوا لأنهم يتقاتلون على جلد النمر..

المهم، أن حال الأحزاب وقادتها يبدو لي - على الأقل- حالاً مؤسفاً ومضحكاً، لسببين:

الأول: أن هذه "الأحزاب" لم تجتمع إلا بوساطة وتدخل خارجي - أمريكي (!!!)، بينما قادتها كلهم يسكنون تقريباً في فنادق متقاربة..!!؛ ثم فوق هذا وذاك هم من يحكم في إطار ما تُسمى بـ "الشرعية"، وتجمعهم حكومة واحدة، ومجالس شورى ونواب ورئاسة.. ألا يبدو الأمر غريباً!!

هو أمر غريب فعلاً، وإلا لماذا لم يجتمعوا بدون وساطة خارجية أمريكية، وهم يأكلون روتي وفاصوليا "الغلابة" على طاولة واحدة؟!.. قد لا تصدقوا لو قلنا لكم إن المسألة هي طِلَّاب في طِلَّاب، والتمويل والضيافة ومصروف الجيب من الممول - الذي كان يقف فارعاً بلحية بيضاء على رؤوسهم- هي أحد أسباب الانبهار بالعيون الزرق والمخلص الأكبر، كما هي أيضاً أحد أبرز أسباب انهيار الدولة وضياع قِيَم الولاء الذي أوصلونا إليه.. فصدّقوني، واسألوهم -إنْ شئتم- ولن ينكروا..

الثاني: يقولون "اللي ما له أول مالش تالي".. بمعنى أن هذه الاحزاب هي نفسها التي تجمعت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي في مجالس "تنسيق، ومشترَك" ولقاءات وتجمعات مختلفة، وتحاورت وفشلت، ثم انقلبت على الدولة وعلى نفسها، وتحاورت وفشلت ثم أحدثت النكبة اليمنية الكبرى، وتحاورت وتقاسمت ثم هربت ودمرت، ثم دمرت، وتحاورت على تقاسم وبيع ما تبقَّى ونجحت، وأصبح لسان أبرز قيادي فيها يقول "وأنا مالي.. طالما نصيبي يدخل جيبي"؟!


آلية جديدة للتقاسم

للأسف هكذا كانوا وهكذا أصبحوا، وهذا هو الحال؛ وإذن، ما الذي يمكن أن يفعلوه بعد الإعلان عن تكتلهم الجديد إذا كانوا طِيلة عشر سنوات يتقاسمون الوظائف والمواقع، والاعتمادات، والميزانيات، ولم يحققوا للوطن ولا للمواطن شيئاً يُذكر، لا بحرب ولا بسلم، أكثر من دمار ونهب وسلب، وفضائح مالية وإدارية، وفساد تفوح روائحه يومياً عبر تقارير منظمات محلية ودولية وإقليمية ..!!

نعم، هو أمر مضحك ومُبْكٍ في آن.. قياداتنا الحزبية والسياسية -للأسف- لا تقاتل على قضية، ولا لانتصار مشروع وطني، بل هي تقاتل على الشيكات، والحصص والمكاتب والصلاحيات.. كل مكوناتها وأحزابها لم يعد يُرجى منها خيراً، فحكمها أصبح في حكم المريض الذي لا يُرجى برؤُه ولا موته.. ومن تابع وتأمل في قصاصات التكتل وكلمات بن مبارك وبن دغر سيجد أنها تكرر نفس الإسطوانات، ويسوّقون نفس الكلمات والشعارات التي نسمعها منهم في كل المناسبات، ونقرأها في تغريداتهم على منصات التواصل الاجتماعي..

باختصار.. هؤلاء يبيعون لكم بضاعة فاسدة، ولا جديد لهم، وأفضل ما يمكن أن تنتظروه من هذا التكتل، الذي تم تشكيله بإذن سعودي وبرعاية "المعهد الديمقراطي الأمريكي"، هو أن يفضي للخروج بآلية جديدة لتقاسم المصالح والمنهوبات فيما بينهم.. ولمزيد من "الطِلَّاب" والشحاذة.. تبعاً لآلية ووضع مجلس القيادة، أتعرفون لماذا ؟!، لأن هذا باختصار هو مشروعهم، وليس لديهم مشروع آخر غيره.. وافهمها يا وطن ..!!

لستُ ضد الحوار، ولا ضد أي تجمُّع صغير أو كبير، بل أنا مع الحوار الوطني الهادف، ومع التكتلات التي تفضي إلى العودة للدولة والنظام والقانون عبر آلية محددة ينتج عنها:

* الخروج من حالة اللاحرب واللاسلم.
* وقف الحرب ولجم البندقية نهائياً في كل أرجاء الوطن..

* إعادة توحيد المؤسسات الدستورية
* إعادة توحيد البنك المركزي وكل المؤسسات النقدية.
* ترك المواطن اليمني في الشمال والجنوب والشرق والغرب يتنفس حياته آمنة ومستقرة، بدون ملاحقات، ولا مداهمات ولا جبايات.

* صرف مرتبات الموظفين بدون فرز لا طائفي ولا عنصري ولا مناطقي ولاجهوي ولا حزبي، والتعامل مع الجميع بكونهم مواطنين يمنيين.
* فتح المعابر والطرقات وتشغيل المطارات اليمنية جميعها وبدون استثناء.
* تحرير القرار السياسي اليمني من سيطرة الدخيل الخارجي ليعود القرار يمنياً..

هذا هو التقارب وهذا هو الحوار الذي ننشده من القيادات السياسية والحزبية.. ولا نريدهم أن ينهوا ارتباطاتهم بـ"الكفيل" الخارجي أياً كان لونه وشكله ومذهبه، لكننا نريدهم أن يطلبوا من كفلائهم إنهاء سيطرتهم وتواجدهم العسكري والسياسي على الأرض اليمنية والقرار اليمني..

ذلك هو أقصى ما نرجوه، ويرجوه كل يمني غيور.. ودعوهم يفعلوا هذا، ويصدقوا ولو لمرة واحدة في العمر، وسنكون معهم..

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 12:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66810.htm