طه العامري - بين ارتهان القرار العربي الإسلامي وغطرسة الكيان الصهيوني وتواطؤ المجتمع الدولي وإسناد وشراكة أمريكا للعربدة الصهيونية، تعيش المنطقة مع استمرار نزيف الدم العربي بطريقة غير مسبوقة وبوحشية تفوق ما سبقها عبر التاريخ..!
انتهت أمريكا الديمقراطية وبدأت أمريكا الجمهورية تستعد لمواصلة دورها الدموي وهو دور لا يفرّق كونه جاء على ظهر (حمار الديمقراطيين) أو محمولاً على ظهر (فيل الجمهوريين) فكلاهما يمران على ظهور العرب والمسلمين وعلى أشلاء أطفالهم ومن دمائهم يرون عطشهم فقد اعتاد (حمار أمريكا وفيلها) من تحويل دماء العرب والمسلمين إلى (نبيذ) يرتشفانه نخباً على (حائط المبكى) مع تلاوة تراتيل تلمودية تدعو دوماً لشرق أوسط صهيوني يمتد بامتداد مصالح واشنطن التي لا تنتهي في نطاق الجغرافية الفلسطينية بل لها امتدادات تتجاوز حتى نطاق المحيط والخليج إلى أدغال أفريقيا وجبال غرب آسيا وصولاً إلى أنهار الصين وما خلفها من تضاريس ترى فيها واشنطن أهمية لأمنها القومي..؟!
هي (لعبة روليت) القاتلة التي تعنون مسارات العلاقات السياسية في منطقة تتنازعها رغبات الآخر؛ فيما أهلها تائهون لا يجدون سوى (فن التبعية والارتهان)..!!
ارتهان النظام العربي الإسلامي كانت ولا تزال أبرز منجزاته تتمثل في هذا (الامتهان) الذي تتعرض له شعوب العرب والمسلمين بفعل (حكمة الخيانة والعمالة) التي التزم بها النظام العربي الرسمي في مواجهة عدو لا يحسب لهذه الأنظمة رغم (انبطاحها له) وتمسكها بحكمة تقول (لعق أحذية العدو) تجنُّباً للشر أفضل من مواجهته حتى لا نحرم من رغد العيش ورفاهية الحياة..!
أي أن النظام العربي يقبل طواعيةً بفخر العيش بلا كرامة من الموت بشرف..
تنتهي إذاً ديمقراطية أمريكا برحيل أصحاب (الحمار) الذين يتعاملون مع القضايا العربية والإسلامية بذات الطريقة التي يحمل فيها (الحمار الأسفار)، فاسحين الطريق لأصحاب (الفيل) القادمين للبيت الأبيض وإليهم يتطلع (لصوص حائط المبكى) آملين قدوم (الفيل) الذي يُعد بنظرهم اليوم المنقذ الذي سيأتي (لهدم الأقصى) والبدء في (إنشاء هيكل العهد الثالث)..!
يراهن (تلمودي الحائط) على نجاعة مهمة (الفيل) ويراهن حَمَلة (الشموع) الذين أوقدوها واعتبروها خيراً من لعن الظلام العربي؛ إن (فيل ترامب) لن يكون أكثر حظاً من (فيل أبرهة) وأن الأقصى له ربٌّ يحميه ومقاومة إنارة شموعها فبددت أضواؤها قتامة الليل العربي الإسلامي ومكنت العالم من رؤية بيارق الحرية والحق والإرادة ترفرف في وجدان ونفوس عُشاق الحرية والكرامة المصطفين من صنعاء حتى طهران مروراً بفلسطين ولبنان وسوريا والعراق، بيارق لفتت أطيافها أنظار أحرار العالم الذين يحملون بقايا من مشاعر إنسانية، مشاعر أصبحت هناك غالبية بشرية تفتقدها خاصةً أولئك الذين قامت أمجادهم على حساب تعاسة أمم أخرى عملوا على إبادتها في سبيل نهب ثرواتها والاستحواذ على ممتلكاتها عنوةً كي تنعم بها ترويكا لصوص العالم المجردة من كل القِيَم بقيادة إمبراطورية (الحمار والفيل) وكيانها اللقيط الذي قام على غفلة من الوعي والتاريخ..؟!
الشعب العربي في فلسطين قطعاً لن يكون مصيره كمصير (أصحاب الأخدود)، كما أن محاكم التفتيش لن تجدد نفسها مرة أخرى في وجود أحرار المقاومة الذين استطاعوا أن يجعلوا من أنفسهم أنداداً لأباطرة القهر والطغيان والباطل، مقاومين يواجهون بعيونهم الثاقبة النظرات (مخارز الطغاة)، كما يقفون في وجه (علاقمة المرحلة) و(أحصنة طروادة)..!!
إن ديمقراطية المخالب الدامية بدت بحالة من (أركسة) مفضوحة، أركسة كشفت زيف ونفاق ديمقراطية أمريكا والغرب التي حاولوا تسويق قِيَمها ردحاً من الزمن حتى كدنا ننخدع كما انخدع قوم موسى ذات يوم موغل بـ(عجل السامري)..!
نعم تشبه قِيَم الغرب وأمريكا وديمقراطيتهم (عجل السامري) كذلك الغاية لكل النموذجيين، وكما حاول (السامري خداع قوم موسى وتقديم إله مزيف لهم) تحاول أمريكا والغرب تقديم قِيَم مزيفة لكي نأخذ بها ونلتهي بها عن معتقداتنا الأساسية الواجب علينا الحفاظ عليها والدفاع عنها..
لذا من الغباء الرهان على أصحاب (الحمار والفيل) فالحمار هو المخلوق الذي خلقه الله واستنكره وقال إن (أنكر الأصوات لصوت الحمير)، فيما أصحاب (الفيل) سيفعل بهم الله ما فعل بأصحابه السابقين وبـ(سجيل) المقاومة، سيجعل الله لأحرار الأمة مخرجاً مشرفاً بدليل أن ما عجزت عنه جيوش الأنظمة قامت به حركات المقاومة؛ ومن صمد كل هذا الصمود وأربك كل حسابات المتغطرسين الذي أرهبوا الأنظمة والدول والجيوش لكنهم عجزوا عن إرهاب المقاومة التي أرهبتهم ولهذا أطلقوا عليها صفة (الإرهاب) وهذه الصفة ليست تهمة بل وسام شرف معلقاً في صدور الأحرار لأن من أطلق هذه الصفة على هؤلاء الأبطال هو في الواقع المجرم الحقيقي واللص الحقيقي والغازي الذي يريد نهب حقوق الآخرين ومصادرة حقهم في الحياة والحقوق ويطالبهم بكل وقاحة بعدم الاعتراض..؟
كهؤلاء الذين يقدمون للعدو كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والإعلامي والعسكري والاستخباري ويشاركهم في كل جرائمهم بحقك وحق أخيك، ثم يعترض عليك إن قدمت لأخيك الدعم المحدود والبسيط مثل مجرد الإغاثة الإنسانية..؟!
أي منطق هذا؟ وأي عاقل أو حر، بل أي إنسان يحمل وإنْ بقايا من القِيَم والمشاعر الإنسانية يمكنه القبول بهذا المنطق غير أنظمة الذل والعار في بلاد العرب والمسلمين التي بمواقفها فضحت حقيقة هويتها وكشفت عن مهمتها ودورها القذر في نصرة العدو والتضحية بسيادة وكرامة الأمة وحقوقها ودماء أبنائها..!
إن ما يجري في فلسطين ولبنان تحديداً عارٌ على أنظمة العار العربية قبل أن تكون جرائم يرتكبها العدو؛ فالعدو هو عدو، لكن مواقف أنظمة العار والارتهان هو العار الحقيقي الذي سيدوّنه التاريخ حتى يُتاح للأجيال القادمة أن تواصل لعن أنظمة المرحلة ولعن خيانتها وعمالتها والسافرة حد الوقاحة.
|