الميثاق نت -

الأحد, 24-نوفمبر-2024
حاوره / رئيس التحرير -
الرئيس/ علي ناصر محمد، واحد من القيادات السياسية الوحدوية الأكثر ارتباطاً بالواقع السياسي اليمني.. يتعاطى مع مختلف القضايا الوطنية بروح المسئولية، ولا يمكن له أن يخضع لأي ضغوط تتعارض مع قِيَمه ومبادئه وتاريخه، كما أن الوطن بالنسبة له يمثل خطاً أحمر وغير قابل للبيع..
يحلل الوقائع برؤية ثاقبة، ويستقرئ الحاضر بكل مشاهده المعقدة، ويستشرف المستقبل بكل ما يختلجه من هواجس القلق نحوه..
قدَّم الكثير من المبادرات التي تهدف إلى إيقاف الحرب العدوانية والداخلية التي تشهدها اليمن منذ عشرة أعوام، ولا يزال يسعى وراء تحقيق ذلك..
"الميثاق" وبمناسبة ذكرى الاستقلال الوطني في الـ 30 من نوفمبر 1967م أجرت معه حواراً شيّقاً حول دلالات احتفال أبناء شعبنا ووطننا الواحد الكبير بهذه الذكرى الغالية وبكل المناسبات الوطنية..

كما تطرق الحوار إلى الكثير من القضايا والملفات الوطنية بدءاً من الوحدة اليمنية وما تمثّله حمايتها والحفاظ عليها للوطن واليمنيين عموماً، والموقف من التدخل الخارجي في شئون اليمن، وأهمية الحوار بين مختلف القوى الوطنية للوصول إلى مشروع وطني جامع يُخرِج اليمن من هذا الوضع المأساوي الكارثي الذي تعيشه منذ سنوات، مروراً بموقف بعض القوى من الحرب الدائرة، وانتهاءً بالمساعي المبذولة والاتصالات التي يتم إجراؤها لوقف الحرب، والدفع بالقوى الوطنية للجلوس على طاولة الحوار..

إلى التفاصيل :


* بصراحة متناهية، الاستقلال المجيد يعيش في مرحلة زادت خلالها ممارسات العبث به والاستهانة بنضال شعبنا.. ما تعليقكم؟
- هذا الحدث العظيم، شئنا أم أبينا، فإن من واجبي أن أعطيه حقه ولو بالكلمات التي تستحضر الوقائع وبعض مدلولاتها الإنسانية والوطنية وتستقرئ الحاضر بكل تعقيداته التي نراها اليوم وقد بلغت ذروتها، وتستشرف المستقبل بكل هواجس القلق نحوه.. ولأن اليمن يعيش اليوم أزمة مستحكمة ومتعددة الأبعاد وبالغة التعقيد، فقد كان لزاماً عليَّ من موقعي السياسي - وأقول السياسي لأني غادرت السلطة ولم أغادر السياسة حتى اليوم..
نحن أمام هذه المناسبات نحتاج إلى مراجعة ووقفة محاسبة وقراءة لما كان وما هو كائن وما سيكون، فالثورات قامت للتحرير والتغيير والكرامة والعدالة والتطور والنهوض، وما لم تحصل هذه المتغيرات في حياتنا فإننا نشعر بحسرة شديدة ونترحم على شهدائنا الذين قضوا من أجل أن نحيا حياة كريمة، فلا هم أبقوا على أرواحهم في أجسادهم، ولا نحن نعمنا بما تطلعوا لتحقيقه وبذلوا أرواحهم رخيصة في سبيله.

* كيف تنظرون أنتم لهذا الواقع وأنتم واحد من الرجال الذين صنعوا الاستقلال وانتصروا لوطنهم؟
وبالمناسبة، كيف ترون محاولات منع إقامة أي احتفالات بذكرى الاستقلال أو أي مناسبة وطنية أخرى؟
- نرى أنه ينبغي تجنُّب العنف في التعاطي مع أية احتفالات سلمية سواءً في الوقت الحالي أو في المستقبل، وأنه يجب الاحتكام إلى لغة الحوار بدل السلاح لمعالجة المشاكل التي يمر بها الوطن جنوباً وشمالاً، لأن العنف سيولّد العنف..

* هناك تفاعلات للاحتفاء بالاستقلال في إطار الجنوب بصورته التي تسلخ الاستقلال عن روحه اليمنية وباعتباره أنتج جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. أليس في ذلك خلط عجيب وحالة من التوهان الوطنية والسياسية؟
- نحن نعتز باحتفالات نوفمبر وقيام الدولة في الجنوب برئاسة المناضل قحطان الشعبي بعد كفاح مسلح من 1963م وحتى عام 1967م، خاض فيها شعبنا أروع البطولات لتحرير الجنوب من أكبر قاعدة بريطانية في الشرق الأوسط، وتُوّج هذا الكفاح بقيام الدولة في 30 نوفمبر 1967م، وعند قيام الثورة المسلحة في 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية رفعنا ثلاثة أهداف: تحرير الجنوب من الاستعمار، وتوحيد الجنوب في دولة واحدة، وتوحيد اليمن، فالجنوب كان السبَّاق إلى الدعوة للوحدة اليمنية ورفع شعارات مثل "يمني ديمقراطي موحد" نفديه بالدم والأرواح ونناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية، وكان الطلاب في مدارسهم يهتفون بهذه الشعارات كل صباح، فلم يكتفِ الجنوب بهذه الشعارات والهتافات، بل كان يناضل سياسياً وعسكرياً من أجل تحقيق الوحدة اليمنية التي تحققت في عام 1990م، وهذا لا يعني أن الشعب والقيادات في الشمال ليسوا وحدويين، بل كانوا دُعاة للوحدة، المشكلة ليست في الوحدة، ولكن في الذين وقَّعوا عليها عام 1990م، لأنها قامت على اقتسام الثروة والسلطة.


* هذا يدفعنا أيضاً إلى السؤال عن المعالجات الكفيلة لهذا الواقع، وهل هذه المعالجات ما زالت ممكنة في ظل حجم الاحتقان الكبير ووجود قوى إقليمية ترعى الجماعات المناهضة للاستقلال؟
- لقد أكدنا أكثر من مرة على أهمية الحفاظ على وحدة اليمن، الوحدة الاتحادية القائمة على العدل والمواطنة المتساوية ومشاركة المواطن في الثروة والسلطة، ونعتقد أن ما يساعد في تحقيق ذلك أولاً هو وقف الحرب، ثم العمل على قيام دولة اتحادية من إقليمين كما أكدنا على ذلك في مخرجات مؤتمر القاهرة أو عدة أقاليم كما أشار إليها مخرجات الحوار الوطني، أو ممكن أن تكون أقاليم على مستوى كل محافظة، وكل ذلك قابل للحوار في مؤتمر وطني لا يستثني أحداً للوصول إلى رؤية مشترَكة بين كل القوى الوطنية ثم تُعرَض على الشعب في استفتاء ليقول كلمته.
نحن ضد التدخل الخارجي في شؤون اليمن وقد أكدت أكثر من مرة على أن اليمن يتمتع بموقع استراتيجي مهم في المنطقة، والشعب اليمني يدفع الثمن بسبب هذا الموقع والموقف من القضية الفلسطينية والقضايا العربية، ونحن نناشد الدول الصديقة والشقيقة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ بوقف الحرب في اليمن وفي غزة ولبنان اليوم، التي تُعتبر خط الدفاع الأول عن الأمة العربية والإسلامية والمقدسات.

* هناك من يرى أن القوى الإقليمية هي وحدها الكفيلة بلجم الجماعات المناهضة للاستقلال.. والسؤال: لماذا لا نجد حراكات سياسية تعبر عنها فعاليات يمنية مختلفة في التواصل مع هذه القوى خدمةً لليمن ومشروعه الوحدوي؟
- نحن نتابع التطورات في اليمن منذ بداية الحرب في 2015م وحتى اليوم، وتقدمنا بمبادرات بشأن وقفها إلى دول المنطقة وإلى المبعوثين الأمميين الذين تعرفت إليهم كجمال بنعمر وإسماعيل ولد الشيخ ومارتن غريفيث وهانس غروندبرغ..
وقد أكدت للمبعوث هانس أن مفتاح الحل في اليمن وإنهاء الحرب بيد الدول الإقليمية، واستشهدت بحرب الملكيين والجمهوريين 1967-1962م التي أوقفها الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل رحمهما الله، على هامش انعقاد مؤتمر القمة العربية الرابع في الخرطوم عام 1967م؛ ونحن لا نقول إن الحل يجب أن يتم بمعزل عن اليمنيين، ولكننا بحاجة اليوم إلى وقف الحرب واستعادة الدولة اليمنية الاتحادية برئيس واحد وحكومة واحدة وجيش واحد، وهذا يتطلب حواراً مع كافة الأطراف اليمنية، ويجب أن نحترم الرأي والرأي الآخر ولا نقصي أحداً بسبب رأيه.

* هناك فراغ كبير تركته الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية لصالح الجماعات المناهضة للاستقلال.. في نظركم، ما أسباب تواري دور هذه الأحزاب عن هذا الاستحقاق الوطني العظيم، بالرغم من أنه يمثل واحداً من أدبياتها الوطنية والسياسية؟
- للأسف أن معظم الأحزاب وقادتها أصبحوا يبيعون ولاءهم ومواقفهم للخارج أكثر من ولائهم للوطن، وهذا شأنهم، أما الوطن فهو غير قابل للبيع للخارج، ولم أتصور في يوم من الأيام أن نصل إلى هذا الوضع المتردي، فنحن بحاجة اليوم إلى حوار "يمني يمني" وإلى مشروع يمني ليخرج اليمن من هذا الوضع المأساوي الكارثي إلى بر الأمان بالاتفاق على مشروع وطني جامع يحفظ لكل أبناء الوطن كرامتهم وحقوقهم ومكتسباتهم ويؤسس لدولة مدنية حديثة وعادلة يتساوى فيها الجميع أمام قوة القانون لا قانون القوة.

* ما دعوتكم لهذه الأحزاب؟
- نحن نطالب اليوم جميع القوى الوطنية اليمنية والدول الإقليمية والدولية بالارتقاء إلى قدر ومستوى المسؤولية لوقف هذه الحرب التي لم يستفد منها إلا تجار الموت والحروب كما أشرنا أكثر من مرة، والشعب اليمني هو من يدفع الثمن من دمائه وأمنه واستقراره وسيادته وازدهاره..
وقد آن لهذا الشعب أن يعيش بسلام ويستثمر خيراته كغيره من الشعوب في المنطقة والعالم.

* بناء اليمن الجديد الديمقراطي الموحد، هناك من يراه هدفاً مستحيلاً في ظل تعاظم ممارسات الإضرار بالاستقلال، ويرون أن المدخل الموضوعي لأي وضع جديد يجب أن يمر أولاً عبر معالجة حالة الكراهية لدى البعض بالمناسبات الوطنية عموماً.. ما تعليقكم؟
- بعد أي حرب في أي بلد فإن الحاجة القصوى تكون إلى تجسيد الوحدة الوطنية وتكريسها بين أبناء ذلك البلد.. إن ما يرسخ الوحدة هو طمأنة جميع المواطنين وإشعارهم بأن كرامتهم وحقوقهم مُصانة، وأن الحرب بين أبناء البلد الواحد لا يوجد فيها غالب ولا مغلوب ولا منتصر ولا مهزوم، والمنتصر في هذه الحروب مهزوم ولو بعد حين، يجب أن نتعلم الدروس والعِبَر من هذه الحروب.

* التسوية السياسية المأمول بلوغها كمخرج لوطننا من حالة الصراع الراهنة.. هل لديكم أفكار جديدة تطرحونها للمناقشة، باعتباركم الشخصية المجرَّبة والتي تعاملت خلال فترة رئاستها للبلاد مع الإصلاحات، وفي ظل أوضاع بالغة التعقيد ترفض الإصلاحات وتعتبرها خيانة؟
- سبق أن تقدَّمنا بأكثر من مبادرة لوقف الحرب في اليمن، لكن بعض القوى كانت وما زالت ترفض وقف الحرب واستعادة الدولة لأن تجار الحروب لا يريدون وقف الحرب؛ فبإيقافها تنتهي مصالحهم الشخصية الضيقة، لكننا لم نيأس لأن الرأي العام معنا ومع وقف الحرب والسلام؛ بعد ذلك بادرنا إلى التشاور مع عدد كبير من الشخصيات الوطنية التي رحَّبت بهذا المشروع، وهو يدعو إلى الحوار مع القوى المحلية والإقليمية وعقد مؤتمر وطني يمني - يمني لا يستثني أحدًا.. نأمل أن يحظى هذا المشروع بدعم الأطراف المحلية والدولية؛ لأن في استقرار اليمن استقراراً للدول الإقليمية والدولية، إذ يتمتع اليمن بموقع استراتيجي في باب المندب والبحر الأحمر والمحيط الهندي وجزيرة العرب والقرن الأفريقي، كما أكدنا على ذلك أكثر من مرة.

* في ظل تواصلكم مع فعاليات خليجية وعربية، هل تلاحظون وجود حالة إجماع بضرورة خروج اليمن من أتون أزمته؟.. وماذا عن الدور العملي لهذه الفعاليات؟
بمعنى، هل هناك أرضية سياسية يمنية تساعد هذه الفعاليات على لعب دور في خدمة اليمن؟
- المشكلة ليست في الخارج، بل في الداخل، حيث إن معظم القيادات ولاؤها للخارج.. قوة اليمن في وحدته، وحدة قيادته، وضعفه في تمزق خلافات قياداته.. اليمن جنوباً وشمالًا، شعب عظيم عبر التاريخ، فمتى سترتفع هذه القيادات إلى مستوى تطلعات وآمال هذا الشعب العصي والقوي عبر التاريخ؟

* منذ فترة حاولتم تعزيز تواصلكم مع مختلف الفعاليات في جنوب الوطن، وهناك من يشير إلى أن توقفكم كان ناتجاً عن ضغوط إقليمية بسبب رؤاكم التي تتجاوز مصالح هذه القوى.. ما تعليقكم؟
- نحن لم نتوقف عن نشاطنا واتصالاتنا مع كافة القوى السياسية في الداخل والخارج، ولم ولن نخضع لأي ضغوط تتعارض مع قِيَمنا ومبادئنا وتاريخنا، كما أشرتم، ما زالت اتصالاتنا مستمرة مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وآخرها لقاءاتنا مع القيادات الروسية والتركية، ومع الأمين العام لجامعة الدول العربية الأستاذ أحمد أبو الغيط نهاية الشهر الماضي، وغيرهم من الشخصيات السياسية.. الكل يؤكد على وقف الحرب؛ لأن استقرار اليمن هو استقرار لدول المنطقة والعالم.

* في ذكرى الاستقلال المجيد للعام 2024م، ما الخلاصة التي تودون توجيهها لليمنيين؟
- نهنّئ عبركم شعبنا اليمني بعيد الاستقلال بتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني وقيام الدولة في الجنوب، كما نؤكد على الحفاظ على منجزات سبتمبر وأكتوبر، وعلى نبذ العنف والكراهية، وعودة الأمن والاستقرار والسلام في وطننا الكبير، وكل عام وأنتم بخير.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 08:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66867.htm