عبدالقادر مأمون الشاذلي - في يوم الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م لاح فجر الانعتاق من العبودية و الغطرسة الاستعمارية البغيضة بعد سنوات مريرة من الكفاح والتضحيات.. لم يأتِ الاستقلال هِـبَةً من المستعمر، بل جاء تتويجاً لنضالات أجيالٍ من المقاومين الأحرار الذين استعادوا حرية القرار الوطني وسيادته على الأرض..
اليوم نحتفل بالذكرى السابعة والخمسين للاستقلال المجيد كمناسبة وطنية تأتي كل عام لتجدد في نفوسنا روح الانتماء الوطني؛ وتذكّرنا بأن الحرية والاستقلال هما منظومة قِيَم عظيمة لا تُقدَّر بثمن؛ وأن العِبرة من الاحتفاء بهذه المناسبة تكمن في الإبقاء على الذاكرة حيّة في أذهان الأجيال المتعاقبة لتظل وفية لتضحيات أولئك الذين ناضلوا وقاوموا الاحتلال منذ وطأت أقدامه أرضنا الطاهرة..
إن الإرادة القوية والعزائم الماضية هي من تفجّر الثورات وتصنع المعجزات للشعوب، وهي من تحدد مصائرها..
اصطف الرجال شيبةً وشباناً جنباً إلى جنب، فتكاملت شروط النصر والاستقلال عندما هبَّ أبناء سبتمبر وأكتوبر من كل مناطق المحافظات اليمنية ليرسموا ملحمة وطنية فارقة في مقارعة الاحتلال البريطاني حتى صار كل فردٍ منهم يحمل في طياته قصة كفاح، وحكاية نضال، وتأريخ صمود لا مثيل له..
ومن جبال ردفان الشماء أنطلقت أول شرارة للثورة في 14 أكتوبر 1967م، أشعل فتيلها ثلة من المقاومين الأبطال في مقدمتهم المناضل راجح بن غالب لبوزة، اصطف حولهم نماذج وطنية من كل مناطق اليمن، رجال صنعتهم الأحداث فوهبوا أنفسهم للتضحية والفداء ومضوا في المواجهة والاستبسال حتى كُتب لهم النصر، وتحقق الاستقلال، وأُجبِر المستعمر على الرحيل من جنوب اليمن بعد احتلال دام 129 عاماً.. وكان الـ 30 من نوفمبر هو يوم الاستقلال، ويوم رحيل آخر جندي بريطاني من عدن..
واليوم نستحضر ذكرى الاستقلال للترحم على أرواح شهدائنا الذين انتقلوا إلى الرفيق الأعلى بعد أن نقشوا أسماءهم في قلوب وعقول كل أبناء شعبنا اليمني العظيم، ورصَّعوا تأريخهم المشرّف في أنصع صفحات التأريخ ليشهد على جهادهم وتضحياتهم في سبيل التحرر والانعتاق..
ستبقى ملحمة استقلالنا بين ملاحم استقلال الأمم فريدة في منطلقها ومسارها ومختتمها، مستندةً إلى إرثٍ تأريخي في النضال والجهاد، فمن يقرأ التأريخ يدرك أن هذه المساحة من الأرض ستظل (مقبرة الغزاة) عصيةً على طامعها، طاردةً غازيها، ولَّادةً للمقاومين الأحرار..
وكما تمكن اليمنيون في الأمس من طرد الاستعمار البريطاني وإجلائه من عدن، هم اليوم على موعد مع التحرر والاستقلال من طامع محتل لبلادنا، وإجلائه من كل شبرٍ من أراضينا إنْ عاجلاً أو آجلاً، إذ لا اختلاف بين محتل الأمس ومحتل اليوم، وجهان لعملة واحدة !!
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وَقْع الحسام المهند..
حفظ الله يمننا الحبيب وأهله، سماءه وأرضه، وجعله اللهم آمناً مطمئناً مستقراً..
كل عام واليمنيين كافةً أينما وُجِدوا بخير.
*رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام
المملكة المتحدة
|