د. أحلام البريهي - حمل اليمنيون حلمهم الكبير في الحرية والاستقلال من الاستعمار البريطاني على محمل الجد، وناضلوا وضحوا لأجله تضحيات جِساماً، فاستجاب لهم القدر.. وعقب إشعال فتيل الثورة على الاحتلال ونجاحها في 14 أكتوبر 1963م استمر النضال لنيل حلمهم وغايتهم المقدسة واستصغروا كل التضحيات حتى اضطر المحتل لإعلان الرحيل النهائي من جنوب وطننا الحبيب، فكان الثلاثون من نوفمبر المجيد عام 1967م عنواناً يترجم معنى استجابة الأقدار لإرادة الشعوب، فتخلص اليمنيون من حالة التقسيم والتفكك التي عمد الاحتلال البريطاني إلى إرسائها خلال قرن ونيف من الزمان وذلك من خلال اعتماده مشروع السلطنات، حيث جعل لكل سلطنة كيانها السياسي والإداري وحدودها وعَلَمها وجواز سفرها، وكلها مرتبطة بالمندوب البريطاني في عدن.. وكما هو معروف عن اعتماد بريطانيا في السيطرة على الشعوب واستغلال ثرواتها يتم عن طريق سياستها المشهورة (فرّق تسد) ومن خلال زرع المشاحنات والطبقات واصطناع الصراعات بين السلطنات لتضعفها وتشتت كلمتها وتسلخها عن هويتها الوطنية اليمنية لصالح هوية مصطنَعة لا مرجعية تاريخية لها ولا ولاء شعبياً لمُسَمَّاها ليسهل استعمارها واستعباد شعبها ونهب ثرواتها، حيث عمل الاستعمار على اعتماد فكرة إقامة كيانين اتحاديين فيدراليين حسب التقسيم الإداري في السلطنات تحت مسمى (دولة الجنوب العربي الاتحادية)، تماماً كما تحاول أن تفعل اليوم باليمن عبر أدواتها الجديدة وسعيها لإعادة تقسييم اليمن وتلويحها بنفس المسمى المصطنَع الذي دمرته وأنهته ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م، وتم الإجهاز عليه في الثلاثين من نوفمبر 1967م، فتحرر اليمنيون من الاستعمار البريطاني، وتم التوجه نحو توحيد الشتات الداخلي في جنوب الوطن وإلغاء الحدود الداخلية واعتماد عَلَم واحد وجواز واحد كخطوة أولية في سبيل الوحدة اليمنية الشاملة وإعادة الالتحام المجتمعي لليمنيين شمالاً وجنوباً؛ عِلماً أن تقسيم اليمن سابقاً تم على يد النفوذ البريطاني والعثماني الذي كان مسيطراً على شمال اليمن وجنوبه، حيث تم توقيع اتفاقية ترسيم حدود شمال اليمن وجنوبه من قِبَل تركيا وبريطانيا في عام 1914م كأول وثيقة رسمية تقسّم اليمن الواحد، وذلك وفقاً لمصالح بريطانية تركية.. وأن ما نلاحظه اليوم من حرب على اليمن ودعم لمراكز قوى متعددة وزرع للصراعات البينية وجعل البيئة اليمنية بؤرة نزاع واقتتال، ما هذا إلا محاولة لإحياء الخطة الاستعمارية القديمة ولكن بأسلوب جديد وبأدوات جديدة ليسهل للمستعمر إعادة استعماره لوطننا مجدداً..
ولكنا نثق بأن يمنيي اليوم لا يقلون بأساً وفطنةً وحنكةً عن آبائهم الذين أجهضوا مشروع المستعمر وانتصروا عليه في أكتوبر ونوفمبر المجيدين (1967-1963م)، وسيحافظون على المكتسبات التي ضحَّى لأجلها الآباء والاجداد بدمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة، وأن اليمن سينتصر على كافة المخططات والأجندة..
عاشت اليمن حرة مستقلة.
*عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
|