مبارك حزام العسالي - 57 عاماً على جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن اليمني، في نهار الـ 30 من نوفمبر 1967م، كخلاصة لمسيرة كفاح طويلة قادها الأحرار وقدموا خلالها أنهاراً من الدماء وعاشوا كل أنواع المعاناة حتى الاستقلال، ليغدو ذلك اليوم شامة عزة وفخار في مسيرة التاريخ اليمني والعربي الحديث، ليمثِّل هذا اليوم المجيد انتصاراً تاريخياً واستثنائياً يمنياً وعربياً وقومياً، بينما يسحب آخر جندي إنجليزي علم بلاده ويوجّه الطائرة بالإقلاع إيذاناً برحيلٍ إلى غير عودة، أفول نهائي لوجود الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس في جزء حيوي من بلاد العربية السعيدة، وطيّ 128 عاماً من الهيمنة والاحتلال الغاشم والأكثر رعونة، وهو ما يمنح المناسبة أهمية ودلالات وطنية أوسع، كأول انتصارٍ معنوي وسياسي أيضاً للعرب بعد نكسة يونيو 1967م التي انعكست على كل الدول العربية تقريباً.. ولهذا فإن يوم الـ30 من نوفمبر يكتسب أهمية سياسية وتاريخية كبيرة لدى اليمنيين كونه يوم جلاء آخر جندي بريطاني عن الأرض اليمنية بعد احتلالٍ دام نحو 128 عاماً، وفي الوقت ذاته يُعتبر 30 نوفمبر ذا دلالة لافتة في البُعد العربي والقومي، أكدت على ذلك الاحتفالات التي كانت في جميع الإذاعات العربية "حينها" بهذا اليوم باعتباره مناسبة عربية قومية، أكثر من كونه مناسبة يمنية وطنية..
غير أن هذه المناسبة تعود في ذكراها الـ57 وقد بدت شبه مفرَغة من معناها وفقاً لمتابعي الشأن السياسي، وبالنظر إلى الواقع المؤلم الذي أفرزته الحرب والعدوان على اليمن 10 سنوات وتدخُّل دول إقليمية وأجنبية في الشأن اليمني، الأمر الذي عمَّق من الأزمة السياسية والإنسانية ودفع نحو سيطرة الكيانات المتصارعة التي عملت على تهيئة الطريق لهيمنة دول إقليمية على القرار اليمني بعد السيطرة على المنافذ الحيوية وتقاسم النفوذ شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً..
وهو ما دفع اليمنيون للبحث عن سبل لإعادة الاعتبار للسيادة والاستقلال وتحرير القرار اليمني من الهيمنة الأجنبية، واختاروا لأجل ذلك أن يكونوا خلف القيادة الوطنية في صنعاء المتمثلة بالمؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وشركائهم الذين يواجهون اليوم الاستعمار القديم بوجهه الجديد المتمثل بأمريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهم من القوى الرجعية والانفصالية والدول الإقليمية والعالمية..
نقول هذا ونحن نعيش احتفالات شعبنا اليمني بأعياده الوطنية ومنها الذكرى الـ61 لعيد الجلاء 30 من نوفمبر 1967م، ونكرر القول بأن واحدية ثورة الـ26 من سبتمبر والـ 14 من أكتوبر أكدت عليها اختلاط دماء الشهداء الأبرار وعرق المناضلين الأحرار في شمال الوطن وجنوبه الذي ارتوت به أرض الوطن شماله وجنوبه، ولذلك فإن أهمية الاحتفال بهذه الذكرى يُعتبر تجديداً للعهد بأن نكون أوفياء لمبادئ وأهداف ثوراتنا المجيدة ولدماء شهدائها الأبرار، وأن نعمل جميعاً على الحفاظ على مكتسباتها وتنفيذ كامل أهدافها، وطرد الاستعمار الجديد وتطهير الأرض اليمنية من بقايا تحالف العدوان وعملائهم، وذلك لن يتحقق إلا بوحدة الصف وتماسك جميع القوى الوطنية الممثلة لجميع اليمنيين وإشراكها في البناء والتمنية دون إقصاء أو تهميش، كما جمعهم طِيلة السنوات الماضية من العدوان والحصار خندق واحد وهو خندق الدفاع عن اليمن ووحدته وأمنه واستقلاله، ومقارعة الغزاة والمحتلين من كامل التراب الوطني والمياه الإقليمية اليمنية، وهذا يتطلب إجراء حوار موسع يضم جميع الأحزاب والقوى والتظيمات السياسية الوطنية وعلى رأسها المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه وأنصار الله وشركاؤهم للاتفاق حول ما يجب فعله خلال المرحلة المقبلة، مع الأخذ بمبدأ الشراكة الوطنية وفقاً للاتفاق الذي تم بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وشركائهم في 23 شوال 1437هـ، الموافق 28 يوليو 2016م، ومع ما تقوم به صنعاء من نصرة للشعبين الفلسطيني واللبناني، يجب البحث عن سُبل تحقيق سلام عادل ومشرّف يحفظ لليمن كرامته وعزته ووحدته وأمنه واستقلاله، ويحقق لليمنيين آمالهم وتطلعاتهم ويلبّي حقوقهم المشروعة، ويحفظ حريتهم وكرامتهم وأمنهم واستقرارهم، كأقل تقدير لصمودهم وصبرهم وثباتهم طِيلة السنوات الماضية.
|