عبدالسلام الدباء * - الرجولة، تلك الكلمة التي تحمل في طياتها معاني النبل، الشهامة، الوفاء، والشجاعة.. إنها ليست مجرد وصف بيولوجي أو مرحلة عمرية، بل هي منظومة أخلاقية تعبّر عن جوهر الإنسان ومعدنه الحقيقي.. الرجولة كانت ولا تزال مِقياساً للرقي الإنساني، فهي مرآة تحمل في انعكاسها قِيَم العدل، الحماية، والنبل..
على مَرّ العصور، ارتبطت الرجولة بأخلاق عظيمة وصفات نبيلة، أبرزها الصدق والكرم والإيثار.. كان الرجل يقف كالجبل في وجه التحديات، يسند الضعفاء، ويغيث المحتاجين.. كان الرجل يُحكم عليه من خلال أفعاله، لا أقواله، ويُقيَّم بناءً على مواقفه، لا مظهره..
لكن مع تطور الزمن، وانغماس المجتمعات في تيارات الحداثة والتغيرات الاجتماعية، بدأت معالم الرجولة تتبدل.. ففي عصرٍ تطغى فيه المصالح الفردية، ويتراجع فيه الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، نجد أنفسنا نتساءل: ماذا بقي من الرجولة؟!
اليوم، في اليوم العالمي للرجل، نجدها فرصة للتأمل في مفهوم الرجولة الذي بدأ يتلاشى أو يتحول في كثير من النواحي.. قد تُستبدَل الشجاعة بالتهور، والكرم بالإسراف أو التفاخر، والوفاء بالمصالح المؤقتة.. لم يعد كثير من الرجال يمثّلون تلك القِيَم التي كانت تقود المجتمعات إلى الفضيلة والاستقرار..
لكن رغم كل شيء، لا تزال هناك نماذج مضيئة تستحق أن نفتخر بها، رجال يصرون على أن يكونوا أوفياء لمبادئ الرجولة الأصيلة، يقدمون المصلحة العامة على الخاصة، ويتحلون بالنبل والأخلاق في زمن قَلَّ فيه التمسك بالقِيَم..
إن الرجولة الحقيقية ليست مجرد إرثٍ من الماضي، بل هي رسالة للأجيال القادمة.. علينا أن نعيد إحياء قِيَم الرجولة بأفعالنا وأدوارنا كمجتمعات مسؤولة.. فالرجولة ليست كلمات نرددها، بل أفعال تثبتها.. وإنْ كُنا نقول اليوم "الله يرحمكِ يا رجولة" وخصوصاً في هذا الوقت الذي يتعرض فيه الشعب العربي الفلسطيني لأفظع جرائم الحرب والإبادة الجماعية في ظل صمت عربي وعالمي مُطبَق..
وإن القول "الله يرحمك يارجولة" اليوم وفي ظل عصر التحول الجنسي وتفشّي ظاهرة المثليين حول العالم، هو أيضاً بمثابة السخرية من الوضع الراهن، والدعوة إلى عودة قِيَم الرجولة السامية التي نحتاجها الآن أكثر من أي وقت مضى.
|