الميثاق نت -

الإثنين, 16-ديسمبر-2024
أحمد الزبيري -
كلام كثير يدور عما جرى على سوريا وعما جرى في سوريا، والأحاديث في الإعلام تتوزع بين مشهدين، الأول أن ما جرى هو انتصار لما تسمى بالمعارضة المسلحة وأن هذا انتصار على الديكتاتورية والنظام السابق، والثاني ما زال في المنطقة الضبابية ولا يسعفهُ تسارع الأحداث لإعطاء صورة حقيقية لما جرى وما سيجري..
المؤكد أن ما جرى في سوريا يجسده اليوم ليس الفصائل المسلحة والإرهابية وفقاً لتصنيفات الكثير من الدول بل يتعلق بالحضور التركي والإسرائيلي الذي تجسد في تدمير كل مقدرات الجيش السوري واحتلال الأرض ولم تعد المسافة ما بين وصول جيش الكيان ودمشق سوى كيلومترات، والصهاينة يتحدثون عن اقتراب تحقيق حلمهم التاريخي في قيام دولة اليهود العظمى من النيل إلى الفرات..
الأمريكي يبرم بين عواصم المنطقة من عمّان التي ستستضيف غداً مؤتمراً دولياً بشأن سوريا حسب الأنباء إلى اسطنبول وبغداد، ولا يمكن فهم جولة اليهودي بلينكن وزير الخارجية الأمريكي إلا في إطار الاستراتيجية الصهيونية الأمريكية، وكل التطمينات للدول التي زارها هدفها التنويم في العسل وخاصةً العراق التي تدرك قيادته أنه أصبح في دائرة الخطر، وكل ما يقوم به الجيش العراقي والحشد الشعبي من تأمين للحدود وللمناطق الرخوة لا يُنهي المخاوف مما دبر لهذا البلد العربي الذي عانى من الحروب والاحتلال الأمريكي وما زال، ومن داعش وأخواتها التي اجتاحت العراق مطلع 2014م ووصلت إلى مشارف بغداد، واستطاع العراق مواجهة ذلك الخطر مع حلفائه في وضع لا يشبه ما هو حاصل الآن..
اليمن باقٍ على مواقفه المساندة لغزة وفلسطين ولسوريا في مواجهة المخططات الجديدة، غير مبالٕ بالتهديدات التي يطلقها قادة الكيان الصهيوني ليل نهار، وهذا الموقف ليس تكراراً للمواقف العربية التي تدين وتشجب وتستنكر من باب رفع العتب، والعدو الاسرائيلي والأمريكي يفهم أن هذه المواقف إشارة للاستمرار ليس فقط في تصفية القضية الفلسطينية بل لتدمير كل من يقف في وجه هذه المخططات لإفساح إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط وفقاً لمتطلبات الهيمنة الصهيونية..
ما تعرضت له سوريا بكل تأكيد جرى التخطيط له والاستعداد والعمل من أجله بين الإسرائيلي والأمريكي وحليفهم التركي منذ أن بدأت عمليات البحث عن حلول دبلوماسية وسياسية تصدرها التركي والروسي، وكذلك المصالحات مع الكيانات الإرهابية وإجلاء عناصرها إلى أدلب، لكن اللمسات الأخيرة بدأت مع طوفان الأقصى وحرب الإبادة على غزة، وهذا يفسر إصرار أمريكا والكيان الصهيوني على عدم وقف إطلاق النار لمواصلة هذه الحرب وانتقالها إلى لبنان، مع أن الخبرة والتجربة من الحروب السابقة للكيان الصهيوني ومع الكيان الصهيوني كانت تسمى خاطفة ويتدخل الأمريكي لإنهائها متى ما شعر أنها لا تصب في صالح هذا الكيان الذي قال عنه بايدن إن لم يكن موجوداً لخلقناه..
خلاصة القول أن ما حدث في سوريا كما يعرفه البعض زلزال ارتداداته خطيرة لموقع هذا البلد العربي ودوره في إبقاء القضية الفلسطينية حية رغم كل ما تعرض له.. المسألة في هذا البلد ليست وجود شخص أو حزب يحكم إنما ترتبط بما تمثله سوريا من أهمية جيوسياسية في الدفاع عن الأمة وعن قضاياها، وفلسطين هي الأساس.. اليوم إسرائيل على مشارف دمشق، والجيش السوري وبما يملكه من إمكانيات لم يعد موجوداً، والتركي والإسرائيلي بقيادة الأمريكي والملحقين بهم من الأنظمة العربية يعيشون فرحة ونشوة يعبرون عنها بوضوح، ومن دخلوا دمشق وفرطوا بمقدرات سوريا والقوة فيها إنما كانوا يحررون سوريا من أجل تسليمها للغزاة والمحتلين الجدد، ليصبح الحديث عن أمة وشعوب عربية ومستقبل عربي في مهب الريح، لأن سوريا كانت قلعتهم الأخيرة مع الاعتراف بأخطاء النظام السابق، وسيدرك السوريون والعرب أبعاد ما حصل بعد فوات الأوان.. وما يفسر واقع اليوم ما قاله المتنبي: "يا أمَّة ضحكت من جهلها الأمم".
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 18-ديسمبر-2024 الساعة: 05:46 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66971.htm