الإثنين, 21-أبريل-2008
الميثاق نت -       محمد حسين العيدروس -
ما زالت الدمقراطية موضع جدل الكثير من الحكومات العربية فالبعض يجد صعوبة بالغة في أن ينقل الخيار السلطوي إلى أيدي الشعب لعلمه المسبق بحجم أخطائه وانتهاكاته وبأن الشعب لن يرحم أحداً ممن يعبثون بمُقدراته.. أما القسم الآخر فقد تهيب من أن يصبح صوت الشعب أعلى من صوته بفضل ما تمنحه الديمقراطية من حريات رأي وتعبير فيما وقف قسم ثالث معتزاً كل الاعتزاز بسلطاته وباحتكار شئون البلاد والعباد فأشفق على نفسه من خسارة بعض الصلاحيات أو حق التفرد بصناعة القرار. عندما قبلت اليمن خيار التعددية الحزبية في أعقاب إعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة ظنت أطراف إقليمية ودولية كثيرة أن الأخ الرئىس علي عبدالله صالح جازف بذلك وان ما اقدم عليه هو مغامرة غير مامونة لأن الثقافة السائدة في العالم ان انظمة دول العالم العربي تفرض نفسها على شعوبها بالحديد والنار ولو ترك الخيار للشعوب لما أبقت زعاماتها السياسية !!. ولم يكن هناك سر في ما اقدم عليه الرئيس سوى شيء واحد فقط وهو ثقته بنفسه وشعبه.. فهو كان واثقاً من أنه يعمل بإخلاص وأمانة ويضحي لأجل شعبه، وواثقاً من وفاء الشعب اليمني لكل أمين على مصالحه وصادق لعهده ولمن لا يظلمه أو يخذله فكانت الانتخابات الرئاسية الأولى ثم الثانية ترجمة عملية للثقة التي انطلقت منها القيادة اليمنية في الرهان على الخيار الديمقراطي التعددي. وفي الحقيقة أن موضوع الثقة لايزال يعتبر بمثابة الإشكالية رقم واحد أمام بعض القوى السياسية المعارضة في اليمن فعندما رفعت أحزاب المشترك شعار تحريك الشارع وظلت تهدد به طن أناس كثيرون أن المشترك يمتلك ثقة عالية بنفسه وبالشارع ولكن كما يقولون الكبير كبير» فقد فاجانا الأخ رئىس الجمهورية بأن رمى الكرة في ملعب نفس الشارع الذي يتحدث عنه المشترك بأن أصدر قانون انتخاب للمحافظين بعد أن صادق عليه مجلس النواب فلم يعد تعيين المحافظ بيد الحكومة بل أصبح بيد الشعب أو الشارع كما تسميه أحزاب المشترك وأصبح متوقعاً أن يكون محافظ أي محافظة من أحد أحزاب المعارضة إذا ما تم انتخابه من الشعب. الغريب جداً الذي أذهلنا هو أن المعارضة وبعد كل حديثها حول الشارع ووعودها، هي التي أعلنت رفض حكم الشارع وهي التي تنصلت من تعزيز اللامركزية وتوسيع المشاركة الجماهيرية في صنع القرار السياسي للدولة. لا شك أن موقف المشترك لم يكن بحاجة إلى تفكير طويل لتفسيره.. لأن من كان يثق بجمهوره وبرصيده الوطني وبثقله وسط الجماهير فإن موضوع انتخاب المحافظين سيمثل له فرصة ذهبية للوصول إلى مراكز الحكم، إلا أن الأمر كما يبدو مرتبط بمستوى الثقة بالقدرات الوطنية وبالقواعد الشعبية وبصورة هذه الأحزاب في عيون ساحة الرأي العام التي كانت تتابع خطوة بخطوة في أي اتجاه كانت المعارضة تحرك الشارع، وما نجم عنه من إضرار بالوطن وبمصالحها الخاصة والعامة. إن من الواضح جداً أن بعض القوى السياسية المعارضة لا تزال بعيدة كل البعد عن فهم الأدوار المناطة بالحزب أو التنظيم المعارض، لذلك نجدها تضع نفسها في رهانات تعتقد أنها مستحيلة للطرف الآخر، لأنها تقيسها على نفسها وعلى قدرتها.. إذ أنها لا يخيل لها أن بوسع قيادة الدولة أن تجعل منصب المحافظ موضعاً لحظوظ انتخابية خاصة وأنه ليس هناك دولة عربية على الاطلاق لحد الآن لديها انتخابات محافظين. لكن قيادتنا السياسية فعلتها لأنها لم تتبن الديمقراطية منذ البداية استجابة لضغوط خارجية أو تهديدات معينة، بل لأنها مقتنعة أن الديمقراطية هي طريق الأمان للتنمية والاستقرار والتطور.. ولأنها تثق بأن الشعب لا يمكن أن يجتمع على باطل أو سوء، وأنه هو من ناضل وضحى من أجل بناء مستقبل أجياله والتحرر من كل أعباء الماضي المتخلف وبات من حقه اليوم أن يكون هو صاحب القرار الأول في اليمن ابتداء من المجالس المحلية وانتهاء بانتخاب رئيس الجمهورية. ومن المؤكد أن مثل هذا التوجه من الصعب أن تجده بغير إنسان مؤمن بوطنه وشعبه وإرادة الإنسان اليمني، ووعيه ونضج خبراته وقدراته في تشخيص القضايا وفرز القوى الوطنية وتحديد رهانه وخياراته التي توصله إلى آماله وطموحاته. اعتقد أن قرار الأخ رئيس الجمهورية في انتخاب المحافظين تنفيذاً لبرنامجه الانتخابي لا يمكن وصفه بأقل من ديمقراطية الشجعان الذين لا يهمهم منصب أو نفوذ طالما وأن الشعب هو الذي سيختار وهو الذي سيصنع قراره الوطني بنفسه فالشجاعة الحقيقية هي التي يستمدها القائد من شعبه الوفي وليس من ثله من المخربين.. ولا من بيانات ورقية.. ولا من شعارات براقة يباح بها الوطن. عن الثورة
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6699.htm