د ابوبكر القربي - أشعر مثل الكثيرين بالألم نتيجة أحداث العام ٢٠٢٤، التي مثلت أقبح صور الدمار والعنف وانعدام العدالة وجبروت القوة بأبشع صورها في حرب اسرائيل على غزة الجريحة ومعاناة شعبها العظيم .لم يخفف من مشاعر الحزن وبشاعة الظلم إلا مظاهر التضامن الإنساني التي عبرت عنه تظاهرات الشعوب في اغلب دول العالم مناصرة للشعب الفلسطيني ودفاعا عن حقه في حريته واستعادة أرضه. من المؤسف أن ذلك التضامن فشل في تعديل موقف مجلس الأمن الدولي كما فشلت معه قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية. كان عام ٢٠٢٤ عام ازدواجية المعايير وانتهاكات حقوق الإنسان بأبشع صورها دون حساب أو عقاب لمرتكبيها. والأدهى من ذلك أن هناك من دافع عن جرائم اسرائيل بأنها من حقها تحت مبرر الدفاع عن النفس، فقاموا يدعمها بالمال والسلاح بينما اتهم المطالبون بحريتهم وكرامتهم بالارهاب. هذا الواقع يعكس مدى غياب العدالة الدولية والقرارات التي تهدد مستقبل الأمن والسلم الدوليين، وتهيئ لاستمرار العنف لمواجهة حرمان الشعوب من حقها في الحرية ،إذا لم يتم إصلاح منظومة الأمم المتحدة وبالذات إعادة هيكلة مجلس الأمن لتحقيق تمثيل عادل للدول فيه وضبط استعمال حق الفيتو للدول دائمة العضوية حتى لا يستمر استعماله كما هو الحال الان كأداة تشرع للقوة الظالمة وتعيق تنفيذ القانون الدولي وتنتهك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
كما كان العام ٢٠٢٤ عام معاناة للفلسطينيين فإنه كان عام معاناة للشعب اليمني ايضا ، نتيجة استمرار الأزمة السياسية التي تم التباطئ في حالها ،وما نتج من آثار الحرب والحصار من تدمير للبنى التحتية وحرمان المواطنين من العيش الكريم ومن حقهم كمواطنين في التعبير عن الرأي والتنقل في وطنهم نتيجة الصراع وتجاهل أطراف الصراع للدستور والقانون ومنع اليمنيين من أخذ زمام الأمور بايديهم لإنهاء الصراع بعد أن أصبح قرار الحل بيد قوى خارجية وبيد أصحاب المصالح وتجار الحرب، إضافة إلى أن قرار مجلس الأمن والمبعوث الأممي أصبح المتحكم به مصالح الدول دائمة العضوية وتأثير قوى المنطقة الداعمة لأطراف الصراع اليمنية، وخلافات اليمنيين ، متجاهلا مصلحة الشعب اليمني وللانتهاكات التي تمس سيادته ووحدة أرضه التي أكدت عليها قرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن.
يستقبل اليمنيون العام الجديد ٢٠٢٥ في حالة من الترقب بين احتمال تصعيد الصراع أو انهائه وهل ستأتي سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالجديد عند وصوله إلى البيت الأبيض. بينما يجب عليهم بدلاً من الانتظار علينا كيمنيين التفكير في تجنب الكارثة التي سيدفع ثمنها اليمن وكل أطراف الصراع، بدلا من انتظار الحل الذي سيأتي به الآخرون وستكون الأولوية فيه لمصالح الأطراف الخارجية ومن يسير على هديهم مما سيجعله حلا غير عادل وسيبقى باب الصراع مفتوحا في المستقبل.
لذلك فإن مصلحة اليمن وشعبه تفرض على أطراف الصراع كمسؤولية وطنية أن تفتح باب الحوار فيما بينها وبمشاركة القوى السياسية لإنهاء الأزمة، وأن تقبل بالقوى الاخرى كشركاء في بناء نظام حكم جديد مبني على مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها مع وضع أسس للمصالحة الوطنية وللحل السياسي الشامل الذي يضمن حقوق الجميع وعدم العودة إلى العنف ويؤكد الالتزام بالدستور وينهي كل ما ينقص من سيادة اليمن أو يقوم بوضعه تحت وصاية أي طرف كان .
سيعتمد إنقاذ اليمن على التزام اليمنيون بأ يكون ولائهم له ولشعبه والقبول بأن الوصول إلى السلطة هدفه خدمة الوطن وأبنائه وليس كوسيلة للهيمنة على مقدرات الدولة وثرواتها وأن البقاء في السلطة ينظمه الدستور وارادة الشعب لانه السبيل لتحقيق المواطنة المتساوية وإنهاء خطر الصراع على السلطة.
لتحقيق السلام في العام الجديد نحتاج الى إغلاق باب الثارات والأحقاد والتحرر من نزعة الإقصاء فالوطن يتسع لكلّ أبنائه وديننا الإسلامي الحنيف إذا ما تمسكنا بتعاليمه فإن فيه من القيم ما يمكننا من بناء وطن تتحقق فيه العدالة والمساواة والحفاظ على كرامة الإنسان وحقوق المواطنة. ما نحتاجه اليوم هو الارادة وصدق النوايا والعمل بصدق للبناء من أجل اليمن الجديد.
|