د/محمد علي بركات - لاشك أن مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني تقدم خدمات جليلة لأبناء اليمن وخاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني الصامد بمختلف فئاته طوال السنوات الماضية .. لكن كل الوطنيين يتمنون أن تقدم تلك الخدمات بشكل أفضل يتناسب مع متطلبات العصر ، ويعكس الصورة المشرفة لليمنيين الذين يطمحون باستمرار لمواكبة كل تطور في مختلف شؤون حياتهم ومنها هذا المجال بالغ الأهمية .. ونعتقد أن واقع الحال لا يسر أحد لا من يقدم الخدمة وهم من يمثلون المصلحة قيادة وموظفين ، ولا المستفيدين منها وهم المواطنين في الجمهورية اليمنية ..
ويمكن تشخيص الوضع ومقترحات معالجته في ثلاث نقاط ، الأولى ضيق مساحة المكان وما يسمى ب( الهنجر ) الذي خصص لجمهور المواطنين للحصول على البطاقات الشخصية .. حيث لا يستوعب العدد الكبير من المواطنين الذين يتكدسون فيه في مشهد غير حضاري ، ربما لا يعكس الصورة المتوقعة التي يجب أن تكون عليها مصلحة الأحوال المدنية ..
والمعالجة المثلى لذلك إيجاد مكان واسع يستوعب ذلك العدد الكبير من المواطنين ، ليتمكن الموظفين المعنيين من أداء أعمالهم بصورة مرضية ..
النقطة الثانية افتقار المصلحة للأجهزة والكاميرات الحديثة المخصصة لتنفيذ إجراءات الحصول على البطاقات الشخصية والخدمات الأخرى ، حيث أن الأجهزة الحالية والكاميرات قديمة جداً عفا عليها الزمن .. ولا تحقق الحد الأدنى من النتائج المطلوبة بل وتسبب البطء الشديد في عملية التنفيذ مما يعرقل الموظفين عن أداء أعمالهم بالسرعة المناسبة وذلك إهدار للوقت والجهد ، إضافة إلى انعدام الدقة والجودة لنتاج تلك الأجهزة والكاميرات القديمة .. وكل ذلك يحدث والعالم يعيش عصر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة .. وهذا بالتالي يشكل خللاً كبيراً في مرفق مهم يصدر الهوية الشخصية وكل ما يتعلق بالأحوال المدنية .
ولتلافي هذا الخلل يفترض أن تتوفر للمصلحة كافة الأجهزة والكاميرات الحديثة وجميع الإمكانات المطلوبة لتحسين الخدمات ، وضمان الحصول على الدقة والجودة في نتاجها وكذا سرعة الإنجاز توفيراً لوقت وجهد الجميع موظفين ومواطنين .
ويمكن مواجهة تكاليف إيجاد المبنى وتوفير الأجهزة والكاميرات بتسخير جزء من إيرادات المصلحة باعتبارها جهة إيرادية .. ويفترض أن تولي الدولة هذا الجانب جل الاهتمام لتتمكن المصلحة من تقديم خدماتها للمواطنين بأفضل صورة لما يشكله ذلك من أهمية ..
النقطة الثالثة تتعلق بحسن التعامل حيث يجب أن يتعامل الموظفين الأكارم بعقلانية وبصدور رحبة مع مختلف شرائح المجتمع - ذكوراً وإناثاً – التي تتفاوت مستوياتهم العلمية .. لأن الواقع للأسف يحكي غير ذلك ، فالبعض يتعامل بحدة وبتعالي على عباد الله ، وهناك من يتجاهل وجود الناس أمامه رغم إلحاحهم باستكمال الإجراءات لديه ، ولا يعيرهم أي اهتمام مستمتعاً بإذلالهم بصورة غير إنسانية .. وغالباً ما يتسبب ذلك في نشوب شجار يزعج الجميع ويعطل سير الإجراءات .. ولفك الاشتباك يقفز موظف آخر كبير الشوارب ليصرخ في وجوه الناس بصورة هستيرية لتخويفهم وإسكاتهم دون احترام وكأنه في سوق ( القات ) ..
ويبدو أن تلك تصرفات فردية ما كان يجب أن تحدث في مرفق مهمته تقديم خدماته لأبناء اليمن بصورة تحترم إنسانيتهم في جميع الأحوال .. وما يحدث لا ينفي وجود نماذج مثالية تؤدي واجبها بهدوء وتستحق التقدير ، ونعتقد أن أي تصرفات غير سوية لا تمثل مصلحة الأحوال المدنية بأي حال .. ولهذا فكلنا أمل أن يتم توعية إخواننا الموظفين بأهمية حسن التعامل مع الجميع والالتزام بالأخلاق الحميدة ، وقدوتنا في ذلك رسولنا الكريم الذي قال عليه الصلاة والتسليم ( إنما بعثت متمماً لمكارم الأخلاق ) وتلك أهم القيم الإنسانية والدينية ..
ولتيسير الإجراءات وترتيب تنفيذها للمواطنين يستحسن أن تتكرم المصلحة بإيضاح ذلك في لوحات إرشادية .. ونأمل اهتمام المعنيين بما طرحناه بكل محبة وحرص على أن تكون مصلحة الأحوال المدنية أحد المرافق النموذجية في وطننا الغالي ، وتلك هي القضية .
|