الميثاق نت -

الإثنين, 10-فبراير-2025
علي أحمد مثنى -
أسموها ثورة الرييع اللعين العربي، وأنفقت محصول الصندوق السيادي العربي بمئات المليارات من $، كما صرح بذلك مسئول عربي خليجي سابق في عدة مقابلات فضائية وكأنه يبرّئ نفسه من هذه النكبة وكان الهدف والغاية فقط تغيير قيادات في عدد من الجمهوريات العربية كما هو معلوم للجميع بدفعاتها ومراحلها الزمنية المتتابعة..
التغيير سُنة من سُنَن الله في الأرض بتدافع وتنافس يفضي إلى التحديث والتطوير وينهي الوجع والمحن والبطالة والفقر.. الخ؛ وفي الوقت نفسه يلبّي حاجات الأجيال حسب مقتضيات العصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بتقنياته وعلومه المتلاحقة والمتجددة، ومع الأسف كان صناعة هذا الربيع بدقة وتقنية الفوضى المخلوطة بصبغة تبهر وتجذب العواطف والتمنيات خرجت من مطابخ أجهزة الاستخبارات الاستعمارية الصهيونية تريد استمرار الهيمنة لجغرافية العرب التي تشكّل مركز الثروة والقدرة على التحكم في مصالح العالم اقتصادياً واستراتيجياً لا ينازعهم فيه موقع آخر على الكرة الأرضية..

تعريف الثورة
بعض التعريفات لفقهاء السياسة تعرّف الثورة بأنها فعل حتمي تستدعيه مقتضيات وضرورات التغيير والتجديد ومسايرة الحياة في التطور للقضاء على الاستبداد والفساد وانعدام العدالة والمواطنة المتساوية وتراجع معدلات التنمية المتوازنة والمستديمة، وسيادة القانون، وفقدان المؤسسات لدورها، وتعطيل القِيَم الدينية والأخلاقية والاجتماعية والوطنية.. الخ؛ والثورة هي ثقافة في حد ذاتها وتنطلق من فلسفة الهدم الرشيد إلى حكمة البناء الصحيح في إطار التحلّي بالأخلاقيات الإنسانية الرفيعة، والفِعل الثوري مسئول عن ضمان النجاح المطلوب وشمولية فائدته..

أنواع الثورات
يقول مهندس التآمر الأمريكي الصهيوني الصريع هنري كيسنجر، هناك نوعان من الثورات:
1- ثورة وطنية ديمقراطية ذات رؤية استراتيجية واضحة الأهداف والوسائل والتحالفات الداخلية والإقليمية والدولية.
2— ثورة عفوية عمياء صاخبة على الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي لا تحقق إلا تغيير النظام.. واستفاد منها تيار الإسلام السياسي بتحالف انتهازي مع أصحاب الرتب والمناصب الرسمية والاجتماعية بدون خطة واضحة لما بعد الثورة أو تغيير النظام؛ ومثل هذه الثورة لا تنتج إلا الدمار والفساد والصراع الداخلي.. (وهذا ما هو حاصل لعدد من الدول التي تعرضت لموجة الربيع العربي.. والشاهد الواقع العربي المعيش)..

شروط نجاح الثورة
تتلخص أهمها فيما يلي:
1- قادة وطنيون من طلائع المفكرين والحكماء، وحاملي مشاعل التنوير والخِبرة.. تاريخهم ناصع بالنضال الوطني والقول التحرري، سجلهم خالٍ من الفساد والإفساد والتضليل وتمجيد ومشاركة الحكام.. الخ.
2— قادة يتميزون برافعة من الإيمان والمبادئ السوية والعقلانية الخالية من أي عصبية أو انتهازية.. الخ.
3—قادة يمتلكون استراتيجية واضحة المعالم تتضمن رؤية زمنية لمشروع يحدد الأهداف والبدائل المناسبة في إدارة مؤسسات الدولة يحقق اهدافها بسلاسة.. الخ.
وعطفاً على ما سبق تصبح الثورة مدخلاً لحرب أهلية مدمرة خصبة بالاستبداد والفساد والمظالم والفشل التام، فتكون النتيجة فوضى عارمة تتعذر سرعة معالجتها وتتحول البلد إلى ملعب مفتوح غير منضبط لكل المتربصين والطامعين والقراصنة واللصوص من الداخل والخارج..

الخطر على الثورة
• يأتي الخطر عبر تحويلها من المصلحة الوطنية والشعبية إلى مصلحة فئات وشخصيات سياسية وحزبية وقبلية وعصابات تقطُّع وارتزاق ومن يحمل شعارات جوفاء خادعة.. تُدخِل البلد في مستنقع الصراعات بسلاح الحقد والكراهية والتمايز الاجتماعي والمناطقي.. فتنهار الطموحات والأخلاقيات والعدل والمساءلة.. الخ.
• يقول الزعيم الصيني ماوتسيتونغ: الخطر على الثورة هو الوصول بها إلى نصف مراحلها، (بمعنى من شجع على القيام بالثورة وقصده الفتنة واستغلال الفوضى فيتركها تتآكل وتأكل أبناءها)..
—هل يصدق العقلاء تحوُّلاً إيجابياً بنكبة الخراب العربي التي أُخرجت بهندسة أجنبية وخطفها أربعة وأربعون حرامي؛ سُمّيت ثورة مجهولة الأهداف، خدعوا بها الشباب المتطلع لحياة ومستقبل آمن وعيش مأمون مستقر، والواقع يقول كان هؤلاء القادة شركاء في النظام أو هم من صناعة أجهزة مخابرات خارجية، وكان للبعض تصفية خفية لحسابات متنوعة.. لا يعلم خفاياها الشباب والشعب..
• يقول الشاعر العربي الراحل بشارة الخوري:

وهل يلام الذئب على عدوانه....
ان يكن الراعي عدو الغنم
— مع الأسف كانت كذبة (موجة الخديع العربي) لا تُقاس بأي كذبة وخديعة في التاريخ القديم والحديث عصرت طموح الشباب مع الغث والسمين وأنواع من الفساد وعزفت التغريد مع النهيق فضاقت أحوال الشعب وتاهَ الطريق للمستقبل؛ والجميع شارك في فتنة وجرم التفقير والتهجير والتجهيل والتجويع والتيتيم والترميل؛ وليس هناك من أفق أو بصيص ضوء في نهاية النفق..
—بخديعة الخراب العربي اليعربي الغربي، برزت وظهرت على السطح بوجوه المهرجين من مختلف الموديلات ومسارح الارتزاق ومؤلفات الشعارت وتجمعات الأسواق وعملاء وشعارات حقوقية وانفصالية ماكرة بخيالات ليس لها سقف محدد معقول ومقبول بتحريض من الاستخبارات الخارجية وطمع تجار الحروب والدروب.. مما أوصل البلد لهذا الحال المهان على مختلف الأصعدة.. الخ..
أرواح من الشباب والرجال والكبار والنساء والأطفال تحت شعارات حقوقية وانفصالية خادعة وخيالات ليس لها سقوف معقولة وقابلة للتحقق، ومع الأسف تراجع دور حكماء وعقلاء وخبراء البلد، أو لم يجدوا لهم مساحة في هذه الزحمة، ففُتحت الأبواب للغرباء من متعددي الجنسيات والنجاسات والسرقات واستغلال الفراغ، بالاستعانة بأدوات جاهلة انتهازية من أبناء هذا البلد أو ذاك، فحدث الخراب على أنه ربيع لمسقبل وردي جميل مطمئن للشعب وللأجيال..
— من أقوال رجال الفكر والفكرة ورجاحة العقل والمنطق، نختار ما يلي:
• الثورة التي لايقودها الوعي تتحول إلى إرهاب..
• الثورة التي يُغدَق عليها بالمال تتحول إلى ثورة لصوص ومجرمين..
• الجهل إذا اتحد مع الفساد والقوة يكون أكثر عداوةً للعدالة والقانون..
• يقول (أفلاطون): من يرفض اليوم القبول بالنصيحة التي لا تكلفه شيئاً، سوف يضطر في الغد لشراء الأسف بأعلى الأسعار..
—نسأل الله أن يعيد للبلدان التي نُكِبت بوجع وخداع ما سُمي بخراب الربيع، أن يتمكن عقلاؤها من تصحيح الضرر ويحفظ الله بلدنا من كل أجير ودخيل وعميل وكل من شارك وساهم في الوضع الصعب الذي نعيشه..
وسيبقى نبض قلبي يمنيا..
والسلام اسم من أسماء الله الحسنى.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 11-فبراير-2025 الساعة: 07:08 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67157.htm