يحيى نوري - تحل الذكرى الـ "58" لدحر حصار السبعين على العاصمة صنعاء من قِبَل فلول الملكية ومرتزقتهم في ال8من فبراير من العام 1967م وهى ذكرى تاريخية وعظيمة بكل أبعادها التي شكلت أروع صور الالتحام الشعبي المنتصِر للنظام الجمهوري، وقدمت الصورة الكاملة للمزاج الشعبي اليمني وإرادته الحرة، التي مُهِرت بالدم والتضحيات الجِسام من أجل بلوغ عهد جديد يمثل اليمن الجديد المؤمن بالحراك الحضاري كامتداد طبيعي لتاريخه الإنساني المشرق الذي أسهم في خدمة البشرية جمعاء..
ومع إطلالة هذه المناسبة الثورية السبتمبرية التاريخية في عَظَمة تضحياتها ودروسها الوطنية البليغة، نجد أنفسنا كمتابعين حريصين على الإسهام في التعريف بها خاصةً للجيل الجديد المحروم من الاستزادة المستمرة بكل المعلومات التي تعبّر بشموخ وإباء عن نضالات آبائهم من أجل وطنهم ومستقبل زاخر لكل أجياله..
ولا نخفي هنا أننا نشعر وفي غمرة هذه الذكرى بحزن وألم شديدين لحالة التجاهل واللامبالاة بهذه المناسبات الوطنية وبصورة فظيعة لا تعكس حالة الإيمان الحقيقية لدى فعالياتنا المختلفة في الاحتفاء بها وعكس مدلولاتها الوطنية والنضالية..
والجميع للأسف الشديد من أحزاب وتنظيمات سياسية ومن مراكز بحوث ودراسات وإطارات عِدة معنية بالتربية الوطنية،
نجدهم اليوم في حالة صمت أقل ما نصفها هنا بالمريبة وغير الموضوعية والمنطقية؛
وهو ما يضع تساؤلات مهمة عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الصمت المطبَق ومدى تأثيره على حاضر ومستقبل مسيرة الثورة اليمنية التي باتت هي الأخرى بعيدة عن هموم وتطلعات الأجيال الصاعدة..
وإذا ما استمرت حالة اللاتفاعل بالمناسبات الوطنية فإنها ستعمل على اتساع الفجوة بين الأجيال وموروثهم الحضاري والثوري التليد، والاستمرار في حالة موت سريري لوعيهم الوطني كنتاج طبيعي لسلخهم عن إنجازات ونضالات آبائهم الثورية، وافتقادهم القدرة الخلاقة على تفجير طاقاتهم وإيقاف زخمهم الثوري السبتمبري والأكتوبري.. وهو ما سوف تدفع الثورة اليمنية ثمنه غالياً على حساب مقدرات وإمكانات شعبنا مع هذا السلخ من إرثه الثوري وعَظَمة تضحياته..
وعموماً.. فإننا وبالرغم من هذه السوداوية التي باتت تخيّم على مناسباتنا الوطنية، إلا أننا ما زلنا نأمل بروز أي مجهود فاعل ومثمر لإيقاف هذا الحال المائل من عدم المبالاة، الأمر الذي بات يحتّم على الجميع سرعة القيام -بروح يمنية ثورية أصيلة- بإعادة الأمور إلى نصابها، كون التخلّي عن قِيَم ومُثُل وإشراقات شعبنا ووطننا النضالية سيمثل كارثة وطنية حقيقية.. وعند حدوث ذلك -لا سمح الله-
سنجد أنفسنا قد دخلنا المجهول بكل كوارثه، وعندها لن يرحمنا التاريخ كجيلٍ -وفي مرحلةٍ ما- تخلَّى فيها تماماً عن مسؤولياته الوطنية والتاريخية..
وأن ندرك تماماً أن إحياءنا لكل مناسباتنا الوطنية هو ضرورة قصوى لضمان استمرار الزخم الشعبي والجماهيري للحفاظ على مختلف المكتسبات التي تحققت بفضل الله ثم صمود شعبنا في مواجهة مختلف التحديات بما فيها التحدي الراهن المتمثّل في العدوان الغاشم والذي بات يستهدف كل نضالات شعبنا وإنجازاته ووجوده وهويته وتاريخه العظيم.
|