أحمد الزبيري - الأنظمة العربية (الصديقة) لأمريكا مشغولة في عمل خطة يقبل بها ترامب ويقبل بها نتنياهو وكيان العدو الصهيوني، وهذه الخطة سيجري تداولها ومناقشتها في اجتماع الخماسية العربية في الرياض استجابةً لأوامر الرئيس الأمريكي بتهجير غزة إلى دول هذه الخماسية وخاصةً نظامي مصر والأردن وبقدرٍ أقل النظام السعودي، ومن ثَم يُقنِعون بها ترامب ونتنياهو بإبقاء الفلسطينيين في وطنهم، ولكن بدون المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس، وهذا يحقق لكيان العدو الصهيوني ما عجز عن تحقيقه في حرب إبادة لأكثر من 15 شهراً..
الجميع يعرف أن الخماسية مطبّعة، وأنها لا تريد مقاومة، وتريد تصفية القضية الفلسطينية ولكن بوسائل دبلوماسية ناعمة وليس على ذلك النحو الجلف الذي يتحدث به ترامب، ويهدد بأنه سيقطع المساعدات عن مصر والأردن وهي مساعدة بالحقيقة لا يمكن أن تجعلهم يخضعون بتلك الصورة الذليلة وإلى ذلك الحد الذي فيه يضعون خطتهم بها ليهجّروا الفلسطينيين اضطرارياً بالحيلولة دون إعادة غزة لأهلها، ومع ذلك يطالبون بأن قيام الدولتين -أي دولة فلسطينية إلى جانب كيان العدو- هو ما يريدونه بعد إخراج المقاومة وعدم إعادة إعمار غزة وترك أمريكا وإسرائيل يواصلان ما يقومان به في الضفة الغربية، فعن أي دولة فلسطينية يتحدثون خاصةً وأن إسرائيل قد أنهت أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية بالمطلَق..
لا نريد أن نقول إن هذه الخماسية المسماة عربية هم صهاينة ربما أكثر من سموتريتش وبن غفير، مع أن أمنهم القومي إن كانوا دولاً أصبح بشكل واضح مهدداً، وأنهم يحققون لنتنياهو ما عرضه مراراً وتكراراً من إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط التي مهَّدوا لها لتدمير العراق وشن الحروب وتدمير دول مثل ليبيا، والتآمر على سوريا وإسقاط هذه القلعة لتتمكن أمريكا وكيان الصهاينة من تحقيق ما يريدون.. وبعدما رأينا منذ التسعينيات مروراً بما سُمي بالربيع العربي وحتى اليوم لا يمكن الانتظار من هؤلاء أن يكون لهم موقف لصالح شعوبهم قبل الشعب الفلسطيني، وبالتالي ما يقومون به هو من باب التهويش ورفع العتب ظاهرياً؛ وفي الأخير لن يقبلها ترامب ولا يقبل بها نتنياهو وستمثل دفعة للقيام بما يريدون، مع أننا نرجو أن يكونوا قد تغيَّروا واستشعروا الخطر وأدركوا أنهم لن يبقوا ولن تبقى الدول التي يحكمونها بالصورة التي كانت عليها في أحسن الأحوال..
أمريكا وما تريده ليس قضاءً وقدراً، والرهان ليس على هؤلاء بل على الشعب الفلسطيني والقوى الحية في هذه الأمة، فهم من يراهَن عليهم -بعد الله سبحانه وتعالى- في إفشال كل هذا، وفي تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وإنهاء هذا الكيان.. نقول ذلك ونحن ندرك أن الأوضاع قاتمة وأن الظلام في ذروة حلكته، وكل هذا يدل على اقتراب فجر الحرية؛ وصمود غزة وما قامت به جبهات الإسناد هو ما يمنحنا هذا اليقين، ولو تركت المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وكيان العدو الصهيوني لحُسِمت المعركة منذ أمدٍ بعيد.. وعلينا أن نفهم أن المواجهة في الـ15 شهراً الماضية كانت بين حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية وبين أمريكا والغرب والأنظمة العربية المتواطئة والمشارِكة في هذه الجريمة.. وعلينا أن نعي أن من لم تهزهُ إبادة الأطفال وذلك الدمار -مع أن البعض كان على مسافة فَـرْدة كعب ولم يعمل شيئاً- لن يمنع مخططات ترامب والصهاينة سواءً أكانت بسقفها الأعلى أو المتوسط أو الأدنى؛ ومن سيقوم بذلك هو الشعب الفلسطيني ومقاومته والأحرار من أبناء أمتنا.. نأمل أن نكون مخطئين في قراءتنا وتحليلاتنا، ونترك الحكم للزمن.
|