توفيق الشرعبي - مَنْ يرضع الخيانة طفلاً، ويقتاتها شاباً، ويعتكف في محرابها كهلاً، من الصعب عليه أن يثوب إلى رشده مهما تدثَّر بدثار الوطنية أو زايدَ بشعاراتها..!!
هذا النوع من الناس يسهل الهوان عليه، ويسارع دائماً إلى عرض خدماته لكل طامع بأرضه وعرضه، ويتخذ من حزبه أو جمعيته أو منظمته ملهى لممارسة نخاسته السياسية!!
الساقطون في وحل العمالة ومستنقع الخيانة لا قِيمة عندهم ولا قداسة لأي شيء سوى للمال فقط.. لا معنى للوطن ولا للسيادة ولا للكرامة ولا للشرف ولا للمصالحة في حياتهم وسلوكهم..
فالمجازر الوحشية والمآسي الكارثية التي تُرتَكب بحق الأبرياء من أبناء جلدتهم لا تحرّك فيهم ساكناً، بل يزدادون تعطُّشاً للمزيد منها خصوصاً وهم مَنْ يستلم ثمن الدماء والأشلاء!!
لايهمهم أن يضيع الوطن في الصراعات الدموية وأن يتمزق إلى كنتونات صغيرة ومشيخات متعددة، وتتوسع فيه بيئة التوحُّش وتنشط خلايا التطرف والإرهاب، ولايهمهم أن يعبث الغازي والمحتل في مقدّرات الوطن وثرواته كيفما يشاء، بينما الشعب يعيش حالة المعاناة والتشرد هروباً من جحيم الكارثة..
وباعتقادي أن هذا الصنف من المنحطين أخلاقياً يتأذون من دعوات المصالحة الشاملة لأن غايتهم القصوى منحصرة في المال المدنس.. بمعنى أوضح هؤلاء تجار حروب وهذه بيئتهم.. في حالة السلم تجدهم فاسدين، وفي حالات الاحتقان والأزمات تجدهم أسرع إلى العمالة والارتزاق ولو على حساب انهيار الوطن..!
ففي الوقت الذي يتحدث فيه العالم بأسره عن الكارثة التي يعيشها اليمنيون والمصير المأساوي الذي يتهدد بلدهم، نجد الخَوَنة -الذين جلبوا كل آفات الدنيا ليشنوا عدواناً غاشماً ويفرضوا حصاراً جائراً لتدمير اليمن وقتل شعبه- يصرون على الاستمرار في استثمار هذا الخيار الذي حشروا البلاد فيه وما يزالون يدفعونها نحو ما هو أسوأ من الكوارث؛ وغايتهم من وراء كل ذلك هو الارتزاق والتسلُّط..
لم تعد تربط المرتزقة أية صِلة بهذا الوطن الجريح سوى استمرار العدوان الذي يتكسبون من خلاله على أشلاء ومعاناة الناس، ليزدادوا ثراءً وتتوسع تجاراتهم وتتعدد عقاراتهم واستثماراتهم الخاصة المنتشرة في أكثر من بلد..!!
فالمرتزق الذي باع نفسه للخارج لم يعد يمتلك الحد الأدنى من الإرادة ليستجيب للعقل ويدرك المتغيّرات ويستثمر الفرص الرامية لتحقيق مصالحة شاملة بين كل اليمنيين.. ولم تعد تربطه بهذه الأرض سوى العدوان الذي يرتكب المجازر ويستبيح السيادة وينهب الثروات ويمزق المجتمع، وكذلك الحصار ومايفاقم من كارثة الجوع والفقر والمرض في اليمن..!!
ولسنا بحاجة للتأكيد هنا ان من يطلق دعوات المصالحة الشاملة يدرك تماماً أن الوطن يتسع للجميع.. وأن العظماء يسجّلون بصماتهم في صفحات التاريخ في مثل هذه الظروف.. فهل من مدّكر؟!
|