الميثاق نت -

الإثنين, 12-مايو-2025
أحمد الزبيري -
قبول الإدارة الأمريكية بوقف عدوانها الهمجي على الشعب اليمني حمايةً لكيان العدو الصهيوني، مثَّل انتصاراً للإرادة اليمنية في إسناد ونصرة أشقائها المظلومين من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مع أن الإدارة الأمريكية سواءً في فترة بايدن أو برئاسة ترامب الثانية، التزمت بإيقاف كل من يقوم بنصرة الشعب الفلسطيني وأطفال غزة ومقدسات الأمة العربية والإسلامية في أرض فلسطين المباركة..
اليمن -شعباً وقيادةً سياسيةً وعسكريةً- كان واعياً لما قام به المجاهدون من أبناء الشعب الفلسطيني في طوفان الأقصى، والذي لم يكن ضربةً قويةً فحسب للكيان الصهيوني جعلته يترنح وجودياً في السابع من أكتوبر 2023م، بل وضربةً لكل المشاريع الأمريكية الغربية التي خُطّط لها منذ وقت طويل ويُراد تحقيقها في لحظة عالمية فارقة للهيمنة الأمريكية المهدَّدة من بروز قوى تشكل تحدّياً جِدّياً للنظام الدولي الذي سعت أمريكا منذ ثلاثة عقود إلى تفتيت المنطقة العربية أو ما يُسمى الشرق الأوسط كمفصلٍ أساسي في بقاء أمريكا سيدة هذا العالم دون منازع، أو سقوطها خاصةً وأن دائرة المتضررين من هذه الهيمنة ونزعاتها الرأسمالية المتوحشة تتسع ولم تعد تقتصر على الصين وروسيا بل تتمدد لتشمل دولاً في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا..
في هذا السياق لا نحتاج إلى إعادة شرح أهمية منطقتنا بالنسبة لهذا الصراع بين القوى الكبرى، فمشاهدها اليوم أصبحت واضحة؛ وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وما تتعرض له منطقتنا تجدد التأكيد على أنها محدد أساسي في هذا الصراع الذي جلب رئيساً مثل ترامب إلى البيت الأبيض لإخضاع الجميع لإرادة أمريكا مع أن صعود رئيس على شاكلة ترامب مؤشر إلى وصول الدولة العُظمى المهيمنة إلى نقطة الانحدار الانحطاطي الذي وضع حداً للدعاية الأمريكية والغربية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان..
الديكتاتورية الكونية التي يريدها ترامب والصهيونية والغرب لن تكون، ليس فقط بسبب صعود الصين واستعادة روسيا مكانتها لتكون أحد عوامل إعادة التوازن الذي فقده العالم بانهيار الاتحاد السوفييتي، بل لأن هذا يتعارض مع النواميس الإلهية وقوانين التاريخ..
اليمن هذا البلد الذي تعرَّض لمؤامرات وأزمات وصراعات وحروب عدوانية قادتها أمريكا وبريطانيا وتصدَّرتها السعودية والإمارات ومعهما غالبية النظام الرسمي العربي والإسلامي منذ 2015م، لم يكن أحد يتوقع أن يصل موقفه المسانِد للشعب الفلسطيني إلى مواجهة الإبادة في قطاع غزة وإجبار الرئيس الأمريكي الأكثر رعونة وغطرسة على الطلب من الأشقاء في عُمان التوسُّط لدى القيادة اليمنية في صنعاء لوقف هجماتها على السفن الأمريكية مقابل وقف العدوان -حمايةً لإسرائيل- على الشعب اليمني.. ولم يكن قادة الكيان الصهيوني وعلى رأسهم الحكومة الإجرامية الفاشية التي يقودها نتنياهو ولا النخب الأمريكية ولا صهاينة العرب أن يأتوا هذا الموقف ومن ترامب الذي لطالما منح الهدايا لكيان الصهاينة في فلسطين في رئاسته الأولى بضم القدس للكيان ومرتفعات الجولان السورية، وقارن إسرائيل بين القلم وطاولة مكتبه في البيت الأبيض وتحدث عن توسيع هذه الغدة السرطانية لتضم أراضي عربية جديدة وهو يواصل في هذا النهج؛ لكنه أمام اليمن أدرك أن التكلفة قد تكون مكانة أمريكا العالمية التي تُحضّر نفسها لمواجهة مع دولة مثل الصين..
بعيداً عن التحليلات والتصورات والتوقعات لهذا الاتفاق غير المتوقَّع، فإن الإشارة والدلالة الأكثر أهميةً وعلى المدى المتوسط والبعيد هي فقدان الكيان الصهيوني دوره الوظيفي الذي صنعته بريطانيا ورعته أمريكا وراهنت عليه المحميات العربية.. وقراءة المشهد في هذا الاتجاه على المدى القريب يرتبط بنتائج زيارة ترامب للسعودية واجتماعه بقادة الأنظمة الخليجية من حيث إما الذهاب إلى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار وإعادة الهدوء إلى المنطقة، أو أن يكونوا صهاينة أكثر من نتنياهو ويحاولوا إعادة ترامب إلى ما لا يمكن العودة إليه، فاليمن والشعب الفلسطيني ليس لديهم ما يخسرونه في الذهاب إلى المواجهة حتى النهاية التي ستكون انتصاراً في كل الأحوال يجعل اليمن وشعبه يلعب دوراً محورياً في إعادة رسم خرائط المنطقة وصياغة النظام الدولي المتوازن الأقل توحُّشاً والأكثر عدالةً في إطار عوامل كثيرة تشير إلى إمكانية تحقُّق ذلك.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 12-مايو-2025 الساعة: 04:26 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67440.htm