استطلاع/ صفوان القرشي - ُيجمِع الكثير من الباحثين السياسيين والعسكريين على الأهمية الجيوسياسية التي تحتلها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والبحر الأحمر الممر التجاري الرابط بين الشرق والغرب عبر مضيق باب المندب والذي يعتبر من أهم الممرات البحرية في العالم بشكل خاص وهو ما وضعه في رأس اهتمامات القوى الكبرى بما فيها أمريكا التي تسعى جاهدة لعسكرة البحر الأحمر وإيجاد قاعدة لها تمكنها من بسط نفوذها والتحكم بهذا المضيق الحيوي، ومن أجل ذلك تحاول جاهدة خلق الذرائع والمبررات مثل مكافحة القرصنة وحماية التجارة الدولية وغيرها، ولعل ما أثار جنونها أكثر إغلاق اليمن لهذا الممر امام السفن الإسرائيلية والأمريكية ودفعها لشن عدوان أمريكي بريطاني على اليمن من مارس وحتى مطلع مايو الجاري قبل أن تعلن وقف عدوانها وتوقيع اتفاق مع صنعاء ينهي المواجهة العسكرية بين الطرفين ويسمح للسفن الأمريكية بالعبور من باب المندب مع التأكيد أن هذا الاتفاق لا يشمل إسرائيل..
فما الذي يقوله السياسيون والعسكريون حول فشل أمريكا في عسكرة البحر الأحمر والسيطرة على باب المندب..؟
*البداية كانت مع الباحث المصري محمد فوزي والذي قال: منطقة الشرق الاوسط محل صراع بين القوى الكبرى لما لها من اهمية في إدارة ذلك الصراع الذي تحكمه المصالح وهو ما اشعل الرغبة الأمريكية في السيطرة على باب المندب منذ عقود طويلة ولم تتوقف محاولاتها وكان ابرزها محاولتها للسيطرة على الصومال وعقد التحالفات تحت مبرر حماية خطوط التجارة ووقف الهجمات التي ينفذها الجيش اليمني الذي نجح في فرض حصار بحري على دولة الكيان الغاصب مساندة لغزة وكان العدوان الأمريكي لحماية إسرائيل من ناحية وبسط سيطرتها على باب المندب من ناحية أخرى مع تصاعد المواجهة مع روسيا والصين.
واضاف فوزي: خاض الجيش اليمني وبكل شجاعة مواجهة عسكرية بحرية مع القوات الأمريكية منذ إعلان ترامب شن عدوان على اليمن لتدمير المقدرات العسكرية للجيش اليمني، وبالذات الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيرة التي أصبحت سلاحاً فاعلاً، واتقن الجيش اليمني استخدامه في ضرب إسرائيل ومهاجمة حاملات الطائرات والبوارج الحربية الأمريكية التي اجبرت على التراجع بعيداً هرباً من الصواريخ والمسيرات مع التأكيد أن الضربات الأمريكية لم تنجح فى تدمير المخزون من الصواريخ والمسيرات للجيش اليمن كما أن تكلفة الحرب كانت باهظة مقارنة بما حققه العدوان الأمريكي الذي لجأ الى ضرب البنى التحتية والأعيان المدنية..
واختتم الباحث المصري محمد فوزي قائلاً: هذا الفشل الأمريكي في هزيمة الجيش اليمني وكسر عزيمته وتوقعات بطول الحرب التي استنزفت مخزون الأسلحة الأمريكية دفعها للبحث عن مخرج وهو ما حدث بتوقيع اتفاق لوقف الحرب بين أمريكا واليمن بوساطة عمانية وبمعزل عن إسرائيل التي تفاجأت بإعلان ترامب وقف الضربات الأمريكية على اليمن وهذا يعد انتصاراً للجيش اليمني ولكل الأحرار في العالم العربي..
أما الاكاديمي العربي ياسر العبدالله فقد قال: أولاً اوجه التحية للشعب اليمني وجيشه البطل على موقفه الاسطوري إلى جانب غزة وشعبها المذبوح بصمت عربي وإسلامي شائن قبل أن يكون مذبوحاً بآلة الحرب الصهيونية، هذا البلد العربي الاصيل الذي تحدى اعتى الدول ولم يتراجع عن موقفه فنال احترام اعدائه قبل اصدقائه، وما قاله الرئيس ترامب الذي اثنى على شجاعة الجيش اليمني خير دليل على عظمة هذا البلد وشعبها والذي مع الأسف يتعرض للحصار من اشقائه منذ سنوات.. نعم نحن العرب واقولها بكل صراحه لا نجيد سوى التباكي والتآمر على بعضنا البعض وتقديم فروض الولاء والطاعة لأمريكا وإسرائيل وغيرهما من دول الغرب، ولهذا يعتبر النظام العربي وعلى رأسهم الخليج الموقف اليمني خارج عن الإجماع العربي وغير مألوف وراهنوا على هزيمة مخزية ومذلة للجيش اليمني على يد أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ولكن ما حصل من توقيع أمريكا اتفاق مع اليمن اثبت العكس تماما ولو انصفنا لوجدنا أن أمريكا هي من سعت لهذا الاتفاق وهذا دليل فشلها وهزيمتها..
وأضاف العبدالله: والمضحك أن من كانوا يرون في العدوان الأمريكي على اليمن حرب مشروعة من أجل حماية التجارة الدولية ووقف الهجمات التي ينفذها الجيش اليمني ضد السفن المتوجهة لموانئ فلسطين المحتلة وضد القطع الحربية الأمريكية واشادوا كثيراً بإعلان ترامب وقف الحرب على اليمن عادوا بعد الاتفاق للقول إن ما حصل لم يكن حرباً وانما مجرد مسرحية بين أمريكا والحوثيين لأن أمريكا تريد بقاء حكومة صنعاء لأن نتيجة المواجهة لم تأتِ على هواهم ولم يريدوا الاعتراف بانتصار الجيش اليمني..
واختتم الأكاديمي العربي ياسر العبدالله بالقول : الجميع يترقب زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة العربية وما ستحمله هذه الزيارة من مفاجآت لن تكون سارة للانظمة العربية بكل تأكيد مع تسريبات بقرار ترامب إعادة تسمية الخليج العربي.. وفي الاخير ادعو الله القوي العزيز أن ينصر المجاهدين في غزة وينصر من نصر هم ويخذل المتآمرين والمطبعين إنه قريب مجيب..
*وبدورها قالت الباحثة السورية آلاء الزغبي - تقيم في كوبا - اليمن اصل العرب وبلد الرجولة والشجاعة الذي وقف في وجه الامبريالية الأمريكية ولم يخضع لقوى الهيمنة والاستكبار..، ولنا الفخر أن نرى أنه ما زال هناك نظام عربي وشعب وجيش قادر على الوقوف في وجه أمريكا وإسرائيل ويمتلك الشجاعة لمواجهتها عسكرياً.. نعم الفشل الأمريكي وعدم تمكنها من هزيمة الجيش اليمني ووقف هجماتها على إسرائيل وعلى القطع الحربية الأمريكية هو ما دفع أمريكا لتوقيع إتفاق لوقف الحرب وهذا ما أكده الواقع..
وأضافت آلاء قائلة: وللتأكيد على حقيقة ما جرى وكيف ذهبت أمريكا إلى توقيع إتفاق مع اليمن اورد ما قاله احد كبار المسؤولين لشبكة "سي إن إن"، حيث قال "إن خسائر أمريكا في حربها على اليمن منذ مارس بلغت أكثر من مليار دولار كما فقدت عدد 2 طائرات F18 في ظل عدم وجود أي معلومات دقيقة عن نتائج الضربات الأمريكية على الأرض لأنه لا توجد قوات أمريكية في البر يمكن أن تحصل منها على المعلومات والطائرات المسيرة التي يتم إرسالها لجمع المعلومات يتم اسقاطها حيث تمكن اليمنيون من اسقاط 7 طائرات خلال هذه الفترة إلى جانب استنزاف مخزون الجيش من القذائف دون تحقيق أي هدف واضح وهذه من الاسباب التي دفعت أمريكا إلى توقيع إتفاق مع صنعاء وإعلان وقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين"..
واختتمت الباحثة السورية آلاء الزغبي بالقول: اليمن وقفت وحدها إلى جانب غزة وشعبها المظلوم الذي يتعرض للإبادة، ووحدها واجهت أمريكا بكل قوة وشجاعة وأفشلت مخططها في السيطرة على باب المندب وعسكرة البحر الأحمر، ومن العدل أن ننصفها ولو بالكلمة.. ويكفي اليمن وشعبها أنهم قالوا لا لأمريكا ووصلت صواريخهم إلى قلب تل ابيب.. فيا اهل اليمن ابقوا كما أنتم ولا تلتفوا لما يقوله السفهاء من العرب على قنوات الزيف والتضليل.. أنتم احفاد الأنصار واهل المدد..
*اما الباحثة والناشطة العربية سهيلة الصالح فقد قالت: من يقول إن المطامع الأمريكية في المنطقة العربية قد انتهت وإن التنازلات وخطوات التطبيع التي قدمتها معظم الأنظمة العربية قد اشبعت نهم الهيمنة والسيطرة الأمريكية فهم مخطئون لأن المطامع الأمريكية والإسرائيلية لا تنتهي وستبقى قائمة، وما يجري في غزة ولبنان وسوريا هو تهيئة لشرق اوسط جديد يمنح إسرائيل اليد الطولى ويمهد الطريق لهيمنة أمريكا على ام المضايق العالمية في البحر الأحمر ولم يبقى إلا اليمن العائق الوحيد امام هذا المشروع الاستعماري..
وأضافت سهيلة الصالح: اسقط طوفان الاقصى الأقنعة عن وجوه الأنظمة العربية والإسلامية التي كانت ولعقود تتشدق بأن القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى ولا تراجع أو تنازل ويطيلوا الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في مقاومة الاحتلال وتكوين دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس.. فأين العرب والمسلمون مما يجري اليوم في غزة من تطهير عرقي ومساعٍ لتهجير الفلسطينين خارج حدود بلادهم تحت نظر وسمع العرب والمسلمين الذين يصمُّون آذانهم ويغمضون عيونهم عن كل الجرائم الوحشية التي ترتكبها إسرائيل في لبنان وسوريا وفلسطين وبدعم أمريكي وغربي غير محدود..
وقالت سهيلة: عندما تحركت اليمن لمساندة غزة والانتصار لمظلومية شعبها صمت العرب والمسلمون وتجاهلوا كل المجازر المروعة ولم يكتفوا بذلك بل ذهبوا لتوجيه اللوم لكل من ساند غزة بما في ذلك اليمن التي فرضت حصاراً بحرياً على إسرائيل، واعتبروا ما تقوم به هو إرهاب وتهديد للتجارة العالمية وهذه هي الذريعة التي تحججت بها أمريكا لعدوانها على اليمن..
واختتمت الباحثة والناشطة العربية سهيلة الصالح قائلة: اليمن اليوم اثبت انه البلد العربي الوحيد الذي قال وفعل ورفض أن يدفن رأسه في الرمال مثل بقية الأنظمة العربية والإسلامية ولم ترهبه أمريكا بل هو من ارهبها وما هذا الاتفاق الذي رعته عمان إلا اعتراف بشجاعة وقوة المقاتل اليمني.. فهل يدرك العرب والمسلمون أن هذا العالم لا يحترم إلا الاقوياء ولا يقدّر إلا من يمتلكون الشجاعة، لكنه لا يحترم الجبناء ولا يقدّر الضعفاء والعملاء والمطبعين.
|