الميثاق نت -

الإثنين, 12-مايو-2025
كتب/بليغ الحطابي -
تتواصل تداعيات القرار اليمني بفرض حصار جوي شامل على ما يُسمىَّ مطار بن غوريون الاسرائيلي، باعتباره صفعة مدوية لكيان الاحتلال وقراراً تاريخياً شجاعاً لليمن وقيادته، حسب سياسيين وعسكريين.
وأكدوا لـ"الميثاق" أن للقرار اليمني ما بعده في سياق المعركة الدائرة مع إسرائيل، وانتصاراً للحق، كما يعيد تل ابيب الى خارطة الخوف والاشتعال.
وتعد منطقة مطار بن غوريون هي المنطقة الاكثر تحصيناً ومحمياً بجميع أنظمة الدفاع الجوي.. المطار محمي بمنظومة ثاد الأكثر تطوراً في العالم، فوصول اليمن إلى منطقة سيادية، حسب محللين إسرائيليين، سيفرض حالة من العزلة على الكيان.
ويشهد التصعيد بين اليمن كيان الاحتلال الكثير من التطورات، فقد استهدف اليمن مطار "بن غوريون" داخل عمق الكيان الإسرائيلي بصاروخ باليستي فرط صوتي سبب قلقاً ورعباً داخل الكيان.
وقع الصاروخ اليمني على مطار "بن غوريون" كالصاعقة على دائرة القرار الإسرائيلية – الأمريكية، فيما أعاد الحديث عن "الردع الإسرائيلي" وموازين الصراع الإقليمي واستهداف اليمن.
وصول الصاروخ الباليستي اليمني إلى واحد من أكثر المواقع حساسية داخل الكيان دون أن تتمكن أنظمة الدفاع الجوي من اعتراضه يُعتبر اختراقاً أمنياً كبيراً.
ويؤكد إطلاق الصاروخ الى داخل الكيان الجاهزية والقرار اليمنيين، كما يقول المحلل العسكري عزيز راشد، فالرد جاء من دولة محاصرة منذ أكثر من تسع سنوات وتتعرض بشكل متكرر لغارات أميركية وبريطانية.

قرار يمني
وعلى إثر إعلان الحصار الجوي على إسرائيل اطلقت القوات المسلحة صاروخاً فرط صوتي فشلت منظومة الدفاع الجوية الامريكية والاسرائيلية في منعه من الوصول الى محيط مطار بن غوريون..
كما أجبر ملايين الإسرائيليين على الهروب للملاجئ.. وقد علق باحثون اسرائيليون على وصول الصاروخ اليمني الى مطار بن غوريون بأنه يمثل صدمة للمجتمع.

إنجاز أكبر
وحذر تحليل بارز نشرته صحيفة “معاريف” العبرية، من أن “الإنجاز الأكبر، كما وصفته، الذي حققه اليمن خلال المواجهة المستمرة مع الكيان الإسرائيلي لم يكن فقط في تعطيل مطار “بن غوريون” لساعات أو في استهداف منشآت عسكرية ومدنية، بل في تدمير أحد أبرز رموز “السيادة الإسرائيلية” وفرض حالة من العزلة الجزئية على الكيان على المستوى الدولي”.
وجاء في التحليل على لسان عدد من المحللين العسكريين والسياسيين أن “القدرة اليمنية على تعطيل الحركة الجوية في مطار بن غوريون، حتى ولو لفترة قصيرة، شكّلت ضربة نفسية ومعنوية كبيرة للدولة العبرية”، التي كانت تعتبر هذا المرفق الاستراتيجي من الركائز الأساسية التي تُثبت امتلاكها لعمق أمني واستراتيجي آمن.
وأشار التحليل إلى أن “ما يثير القلق أكثر هو أن هذه العمليات لم تكن ظرفية أو صدفة، بل هي جزء من استراتيجية شاملة بدأت منذ أكثر من عام ونصف، وتهدف إلى خنق الاقتصاد الإسرائيلي عبر استهداف الموانئ والمطارات وخطوط النقل الرئيسية”.

صنعاء تتسبب في أزمات داخلية لإسرائيل
وكانت صنعاء قد تمكنت من فرض نوع من الحصار غير الكامل على الموانئ الإسرائيلية، بما فيها ميناء “إيلات” الجنوبي”، ومنعت دخول العديد من السفن التجارية إلى الموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط مثل حيفا وأسدود”، من خلال حصارها البحري على جميع السفن المساندة للعدو الاسرائيلي منذ اكتوبر ٢٠٢٣، وهو ما ساهم في خلق أزمات لوجيستية واقتصادية متراكمة، خاصة مع تصاعد وتيرة الهجمات على البنية التحتية الحيوية حسب ما أكده المحلل السياسي محمد الصالحي.

دقة الضربات اليمنية
كما أشار التحليل الإسرائيلي إلى واحدة من الحالات التي كادت أن تكون كارثية، حين “تحطمت طائرة مسيرة يعتقد أنها تابعة لليمنيين على بعد أمتار فقط من الجسر المحيط بمركز الطاقة في مدينة عسقلان”، مما يشير إلى الدقة المتزايدة في تنفيذ العمليات وقربها من إحداث ضربات استراتيجية مباشرة.

تحدٍّ وجودي لإسرائيل
وفي ذلك رأى عدد من الخبراء العسكريين أن “الوضع الحالي يمثل تحدياً وجودياً حقيقياً للمفهوم الأمني التقليدي الذي يعتمد عليه الكيان منذ عقود”، مؤكدين أن “الرد العسكري المباشر على اليمن أصبح أمراً لا مفر منه إذا ما أرادت إسرائيل استعادة هيبة الردع الذي فقدته بشكل متزايد خلال السنوات الماضية”.
وحذروا من أن “استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى تغيير جذري في موازين القوة الإقليمية، وأن اليمن تحول من مجرد لاعب محلي إلى عنصر استراتيجي في محور المقاومة قادر على إحداث اختلالات حقيقية في المعادلات الكبرى”.

عجز إسرائيلي أمريكي
الصاروخ الذي وصل مطار بن غوريون لم تكشف صنعاء عن نوعيته وسمع دويه أنحاء مختلفة من فلسطين المحتلة، فقد اكتفى المتحدث العسكري العميد يحيى سريع ، بالإشارة الى ان الصاروخ فرط صوتي ، دون ان يكشف في البيان الرسمي حول العملية تفاصيل جديدة عن نوعية الصاروخ ومميزاته .
وعجزت كل منظومات الدفاع الإسرائيلية عن اعتراضه بما فيها منظومات الثاد الأمريكية غير انه وصل إلى هدفه واحدث انفجاراً كبيراً أرعب الصهاينة .
معطيات العملية الجديدة بحسب ما يؤكده العميد عزيز راشد، تؤكد ان الصاروخ لديه قدرات فائقة استطاعت تجاوز منظومة الدفاع الجوي الأمريكي ” ثاد ” التي تعد احدى أكثر منظومات الدفاعات الجوية المتطورة عالمياً.
ويضيف: فقد فشلت المنظومات الدفاعية الامريكية وكذا المنظومة الإسرائيلية المتعددة الطبقات في اعتراض الصاروخ الذي وصل هدفه بدقة كبيرة ، مما يؤكد ان القوات المسلحة اليمنية لديها مفاجآت جديدة وهو ما عبر عنه اعلان صنعاء فرض حظر جوي شامل على مطار بن غوريون .
فيما قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الصاروخ احدث حفرة بعمق 25 مترا ، ما يشير الى ان الصاروخ لديها سرعة فائقة وقدرة على المناورة ويحمل راساً متفجراً.
وقبل أيام قليلة أقرت القوات الأمريكية أن حاملة الطائرات الأمريكية انعطفت بشكل خطير في البحر الأحمر أدى الى سقوط طائرة من طراز اف 18 في البحر ، خشية تعرضها لهجوم يمني، وهو ما فتح الباب على مصراعيه عن نوعية الصواريخ اليمني التي استهدفت الحاملة الامريكية وجعلها تقوم بهذا الدوران المفاجئ رغم امتلاك القوة الضاربة المرافقة للحاملة منظومات دفاعية متطورة.

إرباك الملاحة
ولم تكن آثار القرار والعمليات اليمنية محصورة على الجانب العسكري فقط، فقد أربك قرار صنعاء فرض حظر جوي على المطارات الإسرائيلية، حركة الملاحة في الكيان، بعد نجاح الحصار البحري في إغلاق ميناء إيلات على البحر الأحمر جاء الرد الإسرائيلي على قصف قلب مطار «بن غوريون» في تل أبيب، بغارات إسرائيلية استهدفت ميناء الحديدة، وهي ضربات سبق أن جُرّبت ولم يكن لها أي أثر يُذكر على القرار اليمني بإسناد غزة وقضيته العادلة.. كما ان الدعم الشعبي متواصل لإسناد غزة.
وكان صدى القرار اليمني ضد حركة الملاحة الجوية الإسرائيلية واضحاً؛ إذ كشف موقع «فلايت رادار» المتخصّص في الطيران عن حالة إرباك شديد لحركة الطيران من الكيان وإليه، بما يشمل تأخير وصول وإقلاع الرحلات.. وكانت أكثر من 20 شركة طيران أميركية وأوروبية وآسيوية أعلنت وقف رحلاتها بشكل مؤقت في أعقاب استهداف قوات صنعاء قلب مطار «بن غوريون» بصاروخ فرط صوتي، الاسبوع الماضي.
وبحسب رئيس قسم السياحة وإدارة الفنادق في أكاديمية كينيريت، عيران كيتر، فإن إطلاق الصاروخ على مطار بن غوريون يهدد المفهوم الذي تعمل عليه "إسرائيل" ووزارة السياحة منذ عام.
وقال إن "إسرائيل بُذلت جهودٌ حثيثة لتجديد ثقة قطاع الطيران العالمي بها كوجهة آمنة وجذابة للرحلات الجوية، وكان هناك افتراضٌ بأن منطقة مطار بن غوريون منطقة معقمة محمية بغلاف اعتراضيٍ متعدد الطبقات".
وتوقع كيتر أن يؤثر الهجوم الصاروخي على جدول الرحلات الجوية في الأيام المقبلة: "قد تكون هناك تغييرات مؤقتة في الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل، وخاصةً من قِبل الشركات التي سارعت إلى إلغائها سابقًا".
ويؤكد الباحث السياسي محمد الصالحي ان الضربة تعبر عن ارتباك أمني حقيقي لأن الهدف لم يكن قاعدة عسكرية أو سفينة بل منشأة مدنية تشكّل عصب النقل الجوي الإسرائيلي.
ويضيف: تمتد تداعيات الضربة إضافة للبعد العسكري إلى قطاعات النقل والسياحة والاستثمار فقد تم إلغاء وتأجيل رحلات جوية من وإلى المطار جاءت العملية بعد أسابيع من تصعيد أميركي مباشر ضد اليمن، ضمن ما وُصف بمحاولة تحجيم قدرات صنعاء في البحر الأحمر ومحيطه.

معادلة ردع
ويتفق الصالحي كثيرا مع ما ذهب إليه عزيز راشد المحلل العسكري، بأن تفرض صنعاء باستهداف السفن في البحر الأحمر وتعطيل حركة الملاحة باتجاه "إيلات" معادلة ردع مزدوجة: تهديد المصالح الإسرائيلية في البحر وضرب الداخل، تعكس الضربة على داخل الكيان امتلاك اليمن إرادة الرد من خارج الدائرة التقليدية بما يربك الحسابات الإسرائيلية والأميركية.
ويوضح: بخلاف المعادلات العسكرية أو التصريحات السياسية، يتفاعل الاقتصاد مع الهزات الأمنية ويتأثر بمؤشرات الخطر لا بنتائج التحقيقات.

تآكل الوحش
ومع تآكل صورة الردع الأميركي وبروز تشققات داخلية في الكيان بفعل حرب غزة سيتحوّل أي تطور على هذا الصعيد إلى عنصر ضغط سياسي واستراتيجي وحالة من الترقب والقلق تشغل أوساط شركات الطيران العالمية والمستثمرين والسياح الأجانب بعد فرض حظر جوي على الكيان وضرب قوة أمريكا في الشرق الأوسط ممثلة بحاملات الطائرات.

إفشال المرحلة
وتعهدت صنعاء بمواصلة هجماتها ضد الأهداف الإسرائيلية إذا ما استمرت تل أبيب في حصار غزة، بل وتوعدت باللجوء إلى خيارات تصعيدية أخرى.
وقالت صنعاء: إنها "نجحت في إفشال المرحلة الأولى للعدوان على اليمن"، في إشارة إلى نجاح العديد من عمليات إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، رغم استمرار عمليات الجيش الأميركي وتكثيف غاراته على الأراضي اليمنية واستهداف الأعيان المدنية والمدنيين.
ولاقى وصول الصاروخ اليمني الذي تجاوز منظومة" حيتس" الإسرائيلية" وثاد" الأمريكية، صدى عربياً وغربياً على مستوى الصحافة ومراكز الابحاث والدراسات وعلى مستوى المحللين السياسيين حيث يلفت الباحث في مركز "مدى الكرمل" إمطانس شحادة، إلى أن وصول الصاروخ اليمني إلى منطقة مطار بن غوريون كان صدمة بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي الذي اعتقد أنه تخطَّى مرحلة وصول الصواريخ إلى إسرائيل.
وفي حديث للتلفزيون العربي من حيفا، يضيف شحادة: أن الصاروخ اليمني أربك أيضًا المؤسستين الأمنية والسياسية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنه عادة ما تصدر تحذيرات قبل وصول الصواريخ ومن ثم يتم إسقاطها وهي في طريقها إلى الداخل الإسرائيلي.
ويوضح أن وصول الصاروخ اليمني يعني أن المواجهة مع اليمن لم تنته، وأن الإسناد القائم ضد حرب الإبادة على غزة ما زال مستمرًا، على الرغم من العدوان الأميركي الواسع على اليمن.
وتابع شحادة: أن هذا الأمر يعيد الإسرائيليين مرة أخرى إلى حالة ولو كانت مؤقتة من الخوف والهلع، مشيرًا إلى أن الأهم من كل هذا هي النتائج الاقتصادية والعواقب على مكانة تل أبيب وصورتها في أن يستهدف مطارها المركزي، وأن تقوم شركات كبيرة بإلغاء رحلاتها لعدة أيام، وأن تتوقف حركة الملاحة الجوية لعدة ساعات..
وأشار إلى أن وصول الصاروخ يعيق ترميم قدرة الردع التي تحاول إسرائيل ترميمها منذ السابع من أكتوبر 2023م.
و أوضح أن تل أبيب تريد الرد، لترميم قدرة الردع والانتقام ولتوجيه رسالة مفادها أنها لم تصمت، ولن تسكت عن هذه الهجمات، ورجح أن يكون الرد قريبًا، مشيرًا إلى أن إسرائيل تحاول الوصول إلى مرحلة توقف فيها كافة الضربات التي تتلقاها.
أخيراً.. تكشف الضربات اليمنية أن "عمق الكيان" لم يعد آمناً، وبيئة الاستثمار والسفر إليه باتت محكومة بقلق جديد، تُحسب فيه خطوات رأس المال والسياحة على إيقاع التحولات الميدانية.. ضربات اليمن استراتيجية تحدت الافتراضات الأمنية الراسخة في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ودفعت نحو إعادة النظر في أولويات الحماية.

و من المتوقّع أن تصعّد صنعاء هجماتها على مطارات الاحتلال خلال الفترة المقبلة بهدف إيقاف الملاحة الجوية إليها، وذلك في إطار سياسة الضغوط القصوى، والتي تقول مصادر عسكرية في صنعاء، إنها لن تتوقف عند إدراج المنافذ الجوية للكيان في بنك أهداف اليمن، بل إن ثمة سلة أهداف كبيرة في حيفا، وإن "هناك مفاجآت كثيرة وكبيرة جدًا على مسار الرد، وعلى مسار الاستمرار في إسناد قطاع غزة".

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 12-مايو-2025 الساعة: 03:43 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67447.htm