الميثاق نت -

الإثنين, 12-مايو-2025
أحمد الكحلاني* -
تطل علينا في الثاني والعشرين من هذا الشهر الذكرى الـ 35 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت حُلماً يراود كل اليمنيين في الشمال والجنوب، ولعل الجنوبيين كانوا أكثر حماساً وأكثر توعيةً للأجيال بمختلف أعمارهم ومواقعهم عن الوحدة وأهميتها.. لكن الطريقة للوصول إليها كانت تقرب حيناً وتبتعد أحياناً أخرى بسبب الصراع السياسي داخل السلطة "شمالي شمالي، وجنوبي جنوبي"؛ ثم صراع شمالي جنوبي حول طريق الوصول للوحدة..
هناك من كان يعتقد أن الوحدة لن تتحقق إلا بقوة السلاح، والبعض كان يصر على أن الوحدة لن تتحقق إلا بطريقة سياسية سلمية، والبعض الآخر وهم قِلة كانوا لا يريدون تحقيق الوحدة بسبب قناعاتهم أو أيديولوجياتهم أو لتحقيق رغبة خارجية؛ وأمام هذا الهدف حصلت انقلابات داخلية في الشمال وفي الجنوب وقُتِل أو عُزِل أكثر من رئيس، بعضها كان العامل الخارجي داخلاً فيها، لكن لم تكن تخلو أسبابها من عامل الوحدة، بل كان بعضها السبب الرئيسي..
كان النظام في الجنوب "اشتراكي" وفي الشمال "رأسمالي"، وبمعنى أدق ارتباط النظام الجنوبي بالمعسكر الاشتراكي، وارتباط الشمال بالمعسكر الغربي في ظل الحرب الباردة كانت أيضاً من عوامل تأخير إعادة تحقيق الوحدة..
لكن كان من المفيد أنه بعد كل حالة انقلاب في أيٍّ من الشطرين أو أي حالة حرب بين الشطرين، كانت تحصل بعدها حالة من الحراك حول تحقيق الوحدة من خلال اللقاء بين رئيسي الشطرين داخل اليمن أو خارجه أو البيانات التي كانت تصدر عقب تلك اللقاءات في أي دولة عربية، وكان للجامعة العربية ولبعض الدول العربية دور كبير في إيقاف الحروب التي كانت تحصل بين الشطرين والوصول إلى تفاهمات ولقاءات في عدد من الدول العربية "مصر والكويت والسودان وليبيا" انتهى بعضها بالخروج باتفاق على الوحدة وعلى مشروع دستور واحد، وهنا يجب أن يعرف الشباب أن الوحدة لم تتحقق باتفاق في صفحة ونصف اتفق عليها الرئيسان علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض داخل النفق وهما في السيارة كما يُشاع لأن ذلك تسطيح للحقيقة، ولا يمكن أن يقوله إلا إنسان جاهل للحقيقة أو مزايد..
وحدة 22 مايو 1990م سبقتها لقاءات وحوارات ولجان مشترَكة عملت على مدى سنوات حتى وصلت إلى مشروع الدستور الذي مرَّ بتسعة مشاريع، وما ذلك الاتفاق الذي يتحدثون عنه إلا اتفاق إعلان الوحدة بناءً على تلك الوثائق التي أخذت جهوداً كبيرة من خلال اللجان المشترَكة التي عملت على مدى سنين، وحصلت أحداث ومتغيرات محلية وإقليمية ودولية أخَّرت تحقيق الوحدة..
وفي لحظة فارقة من الزمن اهتدى اليمنيون - من أنفسهم - واتخذوا قرارهم التاريخي بتحقيق ذلك الحلم الكبير أياً كانت الأسباب والدوافع.. اقتنع الجميع أن المخرج - من تلك الصراعات الداخلية في الجنوب والشمال أو بين الشمال والجنوب - هو إعادة تحقيق الوحدة.. وفعلاً تحققت وتم رفع علم الجمهورية اليمنية في عدن يوم 22 مايو 1990م..
الفترة ما بعد عام 1990م إلى عام 2010م وما صاحبها من نجاحات في جوانب معينة وإخفاقات في جوانب أخرى بما فيها حرب 1994م وما تَرتَّب عليها، كلنا عاصرنا هذه الفترة وتُحسَب أي نجاحات أو إخفاقات للنظام الذي كنا نحن جزء منه ونتحمل مسئوليتها ولا تتحملها الوحدة كما أراد لها البعض الذين تتبعوا الأخطاء أو القصور وحمَّلوها الوحدة، وتجاهلوا أو أغمضوا أعينهم عن أي إيجابيات تحققت في تلك الفترة..
الفترة من 2010م وحتى 2025م فترة ما بعد رحيل النظام أو فترة ما يسمونها ثورة فبراير 2011م، أو ثورة 21 سبتمبر 2014م، أو ثورة الحراك الجنوبي وما رفعته من شعارات وأمنيات وما تحقق منها على وجه الأرض، كلها يجب أن تكون تحت التقييم سلباً وإيجاباً .. نجاحات أو إخفاقات..
علينا أن نعمل مقارنة عن وضع اليمن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً داخلياً وخارجياً بين الفترات الثلاث ما قبل عام 1990م، أي ما قبل الوحدة وما بعد تسعين وما بعد ألفين وعشرة ولكن بصدق وأمانة..
دعونا ننظر ولو نظرة عابرة على أربعة قطاعات: الصحة والتربية والاقتصاد، وخصوصاً العملة، وخدمات المياه والكهرباء، فإن كانت قد تطورت بصورة أفضل عما كانت عليه أو أن الفترة التالية على الأقل حافظت على ما كان قد تحقق خلال الفترة التي سبقتها فنعتبر أنها قد حققت نجاحاً ولو نسبياً، وإنْ كانت هذه القطاعات قد تراجعت عما كانت عليه من قبل، فلماذا ؟!!
الاستمرار في العناد والمكابرة يُعد جهلاً وغروراً وتمزيقاً للوطن، والتأريخ لن يرحم أحداً.. والأجيال الناشئة أو القادمة هي الضحية..
اليوم الجميع وخصوصاً مَنْ يتصدرون المشهد وقبلوا أن يكونوا قادة، مطالَبون أمام الله وأمام أبناء الشعب اليمني أن يراجعوا حساباتهم.. كفى قتالاً، كفى عمالة، كفى ارتهاناً، كفى مصالح شخصية، وكفى تبعية للخارج.. لن ينجح أي طرف منكم على الآخر بالحرب أو بالارتهان للخارج، فالجهل طول الزمان عيب كما يقول المثل..
حافظوا على اليمن ووحدته وسيادته، هذه هي المعايير التي تجعل منكم قادةً عُظماء، أو أقزاماً في مزبلة التاريخ..
إعادة تحقيق الوحدة كان هو المخرج لليمن واليمنيين من الصراعات والحروب التي سبقتها..
والآن وبعد مِضِي 15 عاماً من الحروب والصراع والاستقواء بالخارج، لم يخرج أي طرف إلى طريق، فكما كانت الوحدة هي المخرج في عام 1990م لما سبقها من صراعات وحروب، الآن لن يكون المخرج إلا ذاته تَباعَدَ الزمان أم قصر..
هناك دعوات صادقة من قِبَل شخصيات وطنية وازنة وعاقلة وحريصة، لم ترتبط بأى طرف من أطراف الصراع، ولم تتلطخ أيديها بالدماء ولا المال، ولا يبحثون عن مناصب أو مصالح في المستقبل.. دعوات للسلام والمصالحة وعقد مؤتمر وطني داخل اليمن لا يستثني أي طرف لعودة الدولة اليمنية الواحدة في ظل السيادة على كل تراب الوطن.


عضو اللجنة العامة للمؤتمر
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 12-مايو-2025 الساعة: 07:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67454.htm